شهدت الفترة الماضية انشغال الرأي العام بقيام محافظة القاهرة بإزالة بعض المقابر التراثية والتاريخية بمنطقة السيدة نفيسة، والإمام الشافعي؛ من أجل إنشاء مشروع تنموي.
مقابر السيدة نفيسة
وكان هناك مجموعة كبيرة من النقاشات والخلافات بالرأي حول قرار إزالة عدد من المقابر التراثية، حيث إن تلك المنطقة تحمل تاريخا كبيرا من عمر الوطن وتضم مجموعة كبيرة من أسماء خالدة وذات أهمية في التاريخ المصري المعاصر أو القديم.
وتنبه الرئيس عبدالفتاح السيسي، من خلال متابعته المتواصلة لما يشغل بال المصريين وما يتم النقاش حوله، بتشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، تضم جميع الجهات المعنية والأثريين المختصين والمكاتب الاستشارية الهندسية، لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي.
كما وجه الرئيس السيسي بتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التي أفضت إلى مخطط التطوير، على أن تقوم اللجنة بدراسة البدائل المتاحة والتوصل لرؤية متكاملة وتوصيات يتم الإعلان عنها للرأي العام قبل يوم الأول من يوليو 2023.
كما وجه الرئيس بإنشاء “مقبرة الخالدين” في موقع مناسب، لتكون صرحاً يضم رفات عظماء ورموز مصر من ذوي الإسهامات البارزة في رفعة الوطن، على أن تتضمن أيضاً متحفاً للأعمال الفنية والأثرية الموجودة في المقابر الحالية، ويتم نقلها من خلال المتخصصين والخبراء.
دار الإفتاء المصرية
ويقول الدكتور بسام الشماع، المؤرخ والمحاضر في علم المصريات، إن توجيه الرئيس السيسي بتشكيل لجنة لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي، يعد قرار جيد جدا، وذلك لأن فكرة تقييم المكان ليس فقط لخصوصية هذه المقابر والأضرحة، ولكن في المرتبة الألى لاحترام أصحاب هذه الأضرحة، فيجب حمايتها من الضرر والتحطيم.
وأضاف الشماع- خلال تصريحات لـ “صدى البلد”: يجب أن تدرك اللجنة أن هناك أهمية لرأي دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف، حيث إن هناك علماء جيدة تقول رأيها بكل وضوح في هذه القضية، معقبا: “يقولون رأيهم الديني وسبب نقل تلك الأضرحة، ويجب أيضا أن تراعي اللجنة فكرة التطوير وخاصة في العاصمة القاهرة”.
وأشار الشماع، إلى أن تشكيل اللجنة لتقييم الموقف خطة إيجابية، ويعطي التفاؤل لكل من يطالب بالحفاظ على مثل هذه الأضرحة من العلماء المصريين.
ومن جانبه، تحدث الدكتور جمال عبد الرحيم، عضو اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية بوزارة السياحة والأثار، عن تفاصيل اكتشاف بئر مياه بمنطقة السيدة عائشة، معقبا: ” فائدة الآبار أو الصهاريج تجمع فيها المياه الفائضة من منطقة سلاسل جبال المقطم، ليستفيد منها المصريون في القدم، ولكن عن الآبار الخاصة مثل بئر يوسف صلاح الدين في القلعة”.
طراز معماري المتميز
وقال عبدالرحيم – خلال مداخلة لبرنامج “مساء دي إم سي”، مع الإعلامية إيمان الحصري، والمُذاع عبر قناة “دي إم سي”: “منطقة السيدة عائشة مليئة بالأبار والصهاريج الخاصة بالمياه، والصهاريج تبني إنما الآبار تكون طبيعية، والخرائط المساحية لهذه المناطق زكرت.. وهناك مجموعة كبيرة من الآبار في منطقة السيدة عائشة وكلها ترجع للعصر المملوك والفترة العثمانية فيما بعد.
وتابع: “وزارة الآثار أعلنت عن اكتشاف بئر مياه تحت الأرض بمنطقة السيدة عائشة أثناء أعمال تطوير للمنطقة في إطار المشروع القومي لمنطقة السيدة عائشة”.
ومن جانبه، وجه الدكتور محمد الكحلاوي رئيس المجلس العربي للاتحاد العام للآثاريين العرب، وأستاذ الآثار الإسلامية الشكر للرئيس السيسي، على توجيهه بتشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي.
وقال الدكتور محمد الكحلاوي في تصريح خاص لـ”صدى البلد”: شكرًا فخامة الرئيس، أشكرك بالنيابة عن كافة أعضاء المجلس العربي للآثاريين العرب، نشكرك على هذه الخطوة المهمة، وعلى سرعة الاستجابة للنداء الذي وجهناه لفخامته، وعلى حرصه الشديد لحماية تراث، وآثار، وتراب هذا الوطن.
شكر الرئيس السيسي
وأضاف الكحلاوي: يتقدم المجلس العربي للاتحاد الآثاريين العرب بخالص الشكر والتقدير والامتنان لفخامة رئيس الجمهورية، على مناصرته، وانحيازه، للمرة الثالثة لعلماء المجلس العربي للاتحاد العام للآثاريين العرب، والمجتمع المدني، الذين يشاركونك مسئولية البناء والتنمية لمصرنا الحبيبة.
وأن البيان الذي أصدرته مؤسسة الرئاسة، هو تاج على رؤوسنا يقربنا منك أكثر، وأكثر، ويجعلنا أكثر إيمانًا بأننا في وطن حر يقدر الرأي الآخر طالما أنه رأي يبني ولا يهدم، ويحافظ على ميراث الأمة، التي أعطت على مدى تاريخها سجلاً حضاريًا، مقروءًا وشاخصًا من آثار تناطح الزمن وتفنيه ولا تفنى، فإن مشاركة الخبراء من الآثاريين، والمهندسين، والمعماريين، هو دليل على صحة البناء، وصحة المسيرة التي تبنتها مصر كمشروع قومي للجمهورية الجديدة.. حفظك الله وسدد على هديه خطاكم.
وتحتوي منطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي على عددا كبيرا من المقابر ذات الطراز المعماري المتميز منها مدافن أمير الشعراء أحمد بك شوقي، مدفن السيدة أم كلثوم، حوش الملكة فريدة، مدفن محمود سامي البارودي، سبيل ومقام الإمام جلال الدين السيوطي، مدفن الأمير فؤاد وأسمهان وفريد الأطرش، قبة وجامع محمود باشا الفلكي، مسجد فاطمة الزهراء، وغيرها من مقابر الشخصيات التاريخية والرموز المصرية والمساجد والقباب والأسبلة.