حذر الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر من الغفلة عن أمرين قد وقع فيهما كثير من الناس، متسائلا: ما الذي حدث في زماننا ؟
ما الذي حدث في زماننا؟
وقال علي جمعة من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، في جوابه سؤاله: حدث أمران : الأول : أننا قد تركنا الوحي، والثاني : أننا قد تركنا الآخرة.
وأوضح أننا بتركنا للوحي والآخرة دخلنا في متاهة لا نعرف كيف نبدأ ولا كيف نسلك، ولا نعرف كيف نقوم الأفكار، ولا كيف ننتقد النظم، ولا كيف ننشئ المناهج، ولا كيف نربي أبناءنا، ولا كيف نتفاوض مع عدونا، ولا كيف نسيطر على حالنا، ولا نعرف شيئا مطلقا.
وتساءل: هل نجح أعداء أمتنا في جذبنا من الإيمان بالوحي إلى شهوات الدنيا التي ملأت القلوب، فهل نحن فعلا بدأنا بترك الوحي وما تضمنه وتركنا الآخرة ما دعا الله إليه فيها ؟ هل أصبحنا كفقراء اليهود فقدوا الدنيا والآخرة هل صدق فينا قوله تعالى : ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا﴾ [الإسراء :45] ؟ هل نحن كمن قال الله فيهم : ﴿وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِى آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِى القُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا﴾ [الإسراء :46] ؟
وشدد علي جمعة: يبدو أننا في عزلة تامة عن القرآن الكريم نسمع أصواتا ولا ندرك أحكاما، نسمع التلاوة ولكننا لم نجعلها هداية نهتدي بها، لم نجعله منهج حياة، لم نبدأ في بناء حضاراتنا من ذلك المنطلق البديع.
ثلاث خطوات تعينك على الشهوات
كما كشف الدكتور علي جمعة، عن ثلاث خطوات تعين المسلم على طريق الله، وتجنبه الشهوات والملذات وتسهل له طريق العودة إلى الله عز وجل.
وقال علي جمعة، في منشور يوضح ثلاث خطوات تعين المسلم على طريق الله، إن كثير من المسلمين، يسأل عن الشهوات التي تغلب عليهم، ثم يبصرون فيستغفرون ويرجعون ويتركون، ثم فورًا ينسون ويعودون إلى الشهوات كما كان الحال.
واستشهد علي جمعة، بقول الله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا).
وذكر علي جمعة، أن هذه آياتٌ نتلوها وكثير منا يحفظها، وقفت عندها ورأيت فيها دستورًا في خطوات إذا ما فعلتها أعانتك على طريق الله، فقد أرسل الله لك رسولا ولم يجعله أبًا لأحد من الرجال، ليكون خالصًا في أبوته لأمته، يقول سيدنا : (إنما أنا لَكُمْ مِثْلُ الوالِدِ للوَلَدِ؛ أُعَلّمُكُمْ)، وقال تعالى: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) فأي شرف أعظم من هذا..!
وأوضح، أن الخطوة الأولى التي تعين المسلم على طريق الله، هي أن تجعل نفسك ابنًا للنبي، حيث إن الله سبحانه وتعالى قد خلاه من الولد، وماتوا جميعًا في حياته ، اعتز بنبيك اعتزازك بأبيك، بل أكثر من ذلك بكثير، بحيث لا تكون هناك مقارنة بين أبيك وبين النبي ، وقد تصاب العلاقة بينك وبين أبيك بشيء من الكدر أو الفتور، لكنها لا تصاب بينك وبين حبيب الله ؛ عش معه ؛ وبعد ما أنزلتَ رسول الله منزلة المصاحب لك في كل وقت وحين، فإذ بك تستحي أن تفعل الذنب، وتستحي أن لا تكون عندك همة، وتستحي من أن لا تذكر الله أو أن تنقطع عن ذكره سبحانه وتعالى.
أما الخطوة الثانية، فهي أن تذكر الله ذكراً كثيرا (لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ الله).
والخطوة الثالثة، هي أن ترى دائرة النور ودائرة الظلام، النور فيه طاقة وفيه بيان وفيه حلاوة يكشف عن الحقائق، والظلام فيه برودة ورائحته كريهة وأحواله ردية، والله جل جلاله يثني عليك لإتباعك لنبيك، ولإدراكك النور والظلمة، ولذكرك له كثيرا، فينقلك من الظلام إلى النور، ومن الضيق إلى السعة، ومن الاضطراب إلى الأمن والأمان والسلام في الدنيا أولاً، يعنى ستأخذ نصيبك هنا في الدنيا -لأن كثيرًا من الناس قد تعلقت قلوبهم بالدنيا، ولا يمكن أن نجذبهم إلى الله إلا منها- ، وله ملكوت السموات والأرض، ثم بعد ذلك يعطيك في الآخرة.
وتابع: أيها المسلم، إذا أردت أن تُنقل من دوامة الشهوات إلى طريق الله فعليك باتخاذ النبي والدًا لك ومصاحبًا في طريقك إلى الله؛ فإنه هو المبشر والنذير والشاهد والآخذ بيدك إليه سبحانه ، واذكر الله ذكرًا كثيرا، وانتقل من دائرة الظلمة إلى دائرة النور بصلاة الله وملائكته عليك، ثم بعد ذلك استحضر نفاسة أجر الآخرة في مقابلة تفاهة الدنيا بما فيها ومن فيها، فإذا فهمت ذلك واستوعبته وغيرت مفهومك عن الحياة الدنيا وعن الآخرة، واستصحبت رسول الله معك كل يوم، فسيعينك ذلك على نفسك في طريق ربك.