ملابس وأحذية محترقة وشعر فتيات أعلى عربة كارو فى الشارع، وتى شيرت وبيجامة معلقة على الحبل بشرفة منزل، آخر ما تبقى من 5 أطفال، بينهم شقيقان- ضحايا حريق شقة بمنطقة شبرا الخيمة فى القليوبية- إثر ماس كهربائى.
حريق شبرا الخيمة
لم تمر ساعات على دفن الصغار، مساء الخميس الماضى، حتى اشتعلت النيران من جديد داخل مسكنهم، دون معرفة السبب، وأطفئ الحريق بمعرفة الجيران، وأُحكم إغلاق العقار بـ”الجنازير والأقفال الحديدية”، وكل مَن يمر أمامه يستذكر كيف حاصرت النار 9 أشخاص من الأقارب، قاطنى الشقة، ليل الأربعاء الماضى، مدة ساعتين كاملتين حتى وصول سيارات المطافئ، قبل إنقاذ الأهالى لربة منزل وزوجها وأحد أبنائه- من سيدة أخرى- وابنة أخته، الذين رموا أنفسهم من الدور الرابع على بطاطين، وفق محمد هانى، أحد أقارب العائلة المنكوبة.
الأطفال الضحايا: على أشرف، 10 سنوات، وشقيقته “فرح”، 7 سنوات، وابن زوج والدتهما إياد هانى، 8 سنوات، ورقية محمود، 17 عامًا، وفاطمة محمود، 10 سنوات، ابنتا شقيقة صاحب الشقة، لم يدركوا أن لقاءهم الأخير سيكون مأساويًّا، فجميعهم لم يستطيعوا القفز من الدور الـ4 للنجاة من موت محقق، كما فعل “هانى” وهو يحتضن ابنة زوجته، ريتاج أشرف، 12 سنة، وابنة إحدى شقيقاته، بدور يوسف، 13 عامًا، ويرمى بهما مع الزوجة على مراتب السرير والبطاطين والملاءات التى حملها الأهالى لإنقاذهم.
ضحايا حريق شبرا الخيمة
هانى نص، مالك الشقة محل الحريق، والذى يصارع الموت فى العناية المركزة بالمستشفى، جراء الحروق التى غطت جسده، أثناء محاولته إنقاذ الضحايا، أحبه كل أقاربه، فجميعهم يؤكدون أن أولاد إخوته اعتادوا المبيت معه فى نهاية الأسبوع، ويحكون أنه بعد وفاة عمه، عقد القران على زوجته- والدة الأطفال “على” و”فرح” و”ريتاج”، الذين أصبحوا ينادونه: “بابا”، وعقب التجمع العائلى، حدثت المأساة فى تمام الـ11 مساءً: “أعمدة الدخان بتخرج من عندهم، وكل شباب المنطقة بذلوا جهود كبيرة لإخماد النيران”، وفق “أم علي” إحدى شهود العيان، وهو ما نبهت به الأهالى بصرخات متتالية.
الشقة أصبحت كوم رماد
وقبل وصول المطافئ إلى المسكن المحترق، الكائن بحارة ضيقة بالكاد تتسع لمرور سيارة، لم تتوقف محاولات الأهالى لإطفاء النار بالوسائل البدائية بـ”خراطيم المياه” والجرادل وطفايات الحريق، ولكن النيران كانت تزداد اشتعالًا، على حد قول إحدى السيدات: “قلنا الحارة كلها هتولع، والشقة فى وقت قصير، كانت عبارة عن كوم رماد”.
عناصر الحماية المدنية حين تمكنوا من إطفاء النيران، عثروا على جثث 3 أطفال، وبإنزالهم إلى سيارات الإسعاف التى حضرت، أطلقت السيدات صرخات، إذ لم يتوقفن عن النواح باكتشاف جثتى طفلين آخرين ليأخذ أقارب العائلة المنكوبة، حسب أحدهم “هيثم”، الذى يروى: “فضلنا نعد كل واحد كان موجود بشقة (نص)، لنتأكد أن دول بس اللى ماتوا، وعربات الإسعاف انطلقت بهم لثلاجة حفظ الموتى، والمصابين بغرف المستشفى”.
فى اليوم التالى للحريق، انقسم مصير المتواجدين بالشقة المنكوبة، فجنازة الأطفال الـ5 شُيعت من الجامع الكبير، ودُفنوا فى مقبرتين بمنطقتين متفرقتين بكفر شكر وشبرا الخيمة، فى الوقت ذاته كانت الطفلة “ريتاج” فى المستشفى، لا تعرف مصير شقيقيها “على” و”فرح”، وكذا والدتهم المصابة بجروح وكدمات، فيما زوج أمهم “نص” يرقد بالعناية المركزة، وإلى جوار غرفته تتلقى ابنة أخته الطفلة “بدور” العلاج، وأقاربها يخفون عنها الفاجعة، إذ سألت عن تفاصيل اليوم المشؤوم، وفق “هيثم”، قريب العائلة.