تمضي خطط مصر لتصدير الكهرباء إلى أوروبا بوتيرة سريعة، بالتزامن مع اهتمام العديد من دول القارة بالإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها القاهرة في الطاقة المتجددة.
وتبذل الحكومة جهودا كبيرة في سبيل النهوض بقطاع الكهرباء من خلال تعظيم استغلال موارد الطاقة الجديدة والمتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، والوصول إلى نسبة مشاركة مصادر الطاقة المتجددة بمزيج الطاقة حتى 42% بحلول عام 2035، وتحقيق رؤية مصر في هذا الإطار.
تصدر مصر الكهرباء إلى أوروبا
وشهد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، الخميس، توقيع مذكرة تفاهم مع شركة بلجيكية لبدء دراسات مشروع تصدير الكهرباء النظيفة من مصر إلى أوروبا، وفق بيان اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وُقِّعَت مذكرة تفاهم بين الشركة المصرية لنقل الكهرباء، وشركة “چان دي نال” البلجيكية، الرائدة في مجال الكابلات البحرية وخدمات سوق الطاقة البحرية، بحضور وزير الكهرباء والطاقة المتجددة محمد شاكر، ورئيس مجلس إدارة الشركة البلجيكية چان دي نال.
ووَقَّع مذكرة التفاهم كُلٌ من نائب رئيس الشركة المصرية لنقل الكهرباء المهندس صلاح عزت، والرئيس التنفيذي للقطاع البحري بشركة “چان دي نال” ويم دوت.
وتستهدف مصر تصدير الكهرباء إلى أوروبا، ضمن إستراتيجيتها الرامية لتكون مركزًا إقليميا للطاقة، وبوابة عبور للطاقة النظيفة المنتجة في أفريقيا إلى دول القارة العجوز.
وكان عدد من شركات الطاقة الأوروبية، وفي مقدّمتها شركة الكهرباء الفرنسية العملاقة “إي دي إف”، وشركة سكاتك النرويجية، قد قدَّم خططًا لدراسة مشروعات تستهدف تصدير الكهرباء من مصر إلى أوروبا.
مشروعات الضخ والربط الكهربائي
وقال وزير الكهرباء، إن مذكرة التفاهم مع الشركة النرويجية تأتي في إطار التوجه نحو تعزيز الشراكة في مجال الطاقة بين مصر والقارة الأوروبية، إذ إن نطاق مذكرة التفاهم هو التعاون لبدء الدراسات تمهيدًا لتنفيذ مشروع تصدير الطاقة المتجددة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، باستعمال خط ربط بحري بقدرة لا تقلّ عن 2 جيجاواط.
وعقدت شركة “إي دي إف” مباحثات مع قطاع الكهرباء المصري في سبتمبر الماضي لبحث التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر ومشروعات الضخ والتخزين والربط الكهربائي مع أوروبا.
وفي فبراير الماضي، كشفت شركة سكاتك النرويجية أن لديها مشروعًا يستهدف تصدير الكهرباء من مصر إلى أوروبا، بقدرات تصل إلى 3 جيجاواط، وتعتزم التعاون في تنفيذه من الحكومة المصرية.
تأتي مذكرة التفاهم الجديدة لتصدير الكهرباء من مصر إلى أوروبا بعد توقيع مصر اتفاقًا مع اليونان في أكتوبر 2021 يمهّد لمدّ خط تحت سطح البحري نقل الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا إلى أوروبا، هو الأول من نوعه في البحر المتوسط.
و قال الدكتور محي عبد السلام، إن الدولة المصرية وضعت استثمارات عديدة في البنية التحتية لشبكات ومرافق الكهرباء خلال السنوات الأخيرة، وبدأت بالفعل تصدير الكهرباء لإفريقيا ودول شمال النيل، وبالتالي يعود بالنفع على تقليل الفجوة بين الاستيراد والتصدير.
اهتمام الرئيس بتصدير الكهرباء لأوروبا
وأضاف عبدالسلام- خلال تصريحات لـ “صدى البلد”، أن استثمارات الدولة في الكهرباء يساعد على دخول العملة الصعبة لمصر، بالإضافة إلى أنه يجعل مصر كونها شريك رئيسي واستراتيجي على مستوى المنطقة.
وأضاف عبدالسلام: “إن بدأت مصر أن تغذي الكهرباء لأوروبا وشمال أسيا، يعني أن صادرات الكهرباء سوف تغطي ما لا يقل عن 5 مليار دولار في السنة، مما يعني تقليل الفجوة التمويلية بين العرض والطلب للدولار”.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن مصر لديها خططا طموحة لمد خطوط نقل الكهرباء البحرية إلى عدة دول أوروبية يجرى التباحث معها فى هذا الشأن، موضحًا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، يباشر بنفسه تلك المشروعات، ومؤكدا على أهمية الدفع نحو الاسراع بتنفيذ مشروع تصدير الكهرباء من الطاقة المتجددة من مصر إلى أوروبا، خاصة أن هناك اهتماما من جانب العديد من الشركات الدولية للاستثمارات فى مشروعات الكابلات البحرية.
جاء ذلك خلال لقاء الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مع دي نول جان بيتر جوزيف، الرئيس التنفيذي لشركة “جان دو نُل” البلجيكية الرائدة في خدمات بناء وصيانة البنية التحتية البحرية، وويم دونت، المدير المختص بإدارة الكابلات البحرية بالشركة، بحضور السفير بدر عبد العاطي، سفير مصر لدى بلجيكا والاتحاد الأوروبي، وذلك على هامش مشاركته، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، في منتدى “البوابة العالمية” الذي تنظمه مفوضية الاتحاد الأوروبي في “بروكسل” على مدار يومي 25 و26 أكتوبر الماضي.
وأشار مدبولي إلى موافقة مجلس الوزراء- حينها على توقيع مذكرة تفاهم بين الشركة المصرية لنقل الكهرباء، وشركة “جان دو نُل” البلجيكية، لبدء الدراسات الخاصة بمشروع تصدير الكهرباء من الطاقة المتجددة من مصر إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، باستخدام خط بحري بقدرات كهربائية كبيرة، في إطار التوجه نحو التوسع في تنفيذ مشروعات الربط الكهربائي مع القارة الأوروبية.
الجدير بالذكر، أن توجد فرص كبيرة لتعزيز التبادل التجاري بين مصر والدول الأوروبية في مجال الطاقة المتجددة، وبالتالى الدول الأوروبية تروج للتعاون مع مصر في مجال الطاقة المتجددة بناء على المصلحة المشتركة في تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق الاستفادة القصوى منها.
تصدير الكهرباء إلى أوروبا يساعد مصر في أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة بعدة طرق منها تعزيز البنية التحتية لتصدير الكهرباء بكميات كبيرة إلى أوروبا، وبالتالى ستحتاج مصر إلى تطوير وتحسين بنية تحتية الشبكة الكهربائية ومرافق النقل والتوزيع، هذا يشمل تحديث وتطوير شبكات الكهرباء وبناء خطوط نقل قوية ونقاط اتصال كهربائية مع أوروبا.
ويمكن للدول الأوروبية تبادل التكنولوجيا والخبرات مع مصر والاستفادة من تجربتها في تطوير وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة، الاستدامة والتنمية الشاملة حيث يمثل الاستثمار في الطاقة المتجددة فرصة لتحقيق التنمية الشاملة والاستدامة البيئية والاقتصادية، وبالتالى يمكن لمصر أن تلعب دورا هاما في تزويد الأسواق الأوروبية بالكهرباء المتجددة، مما يساهم في تحسين حالة البيئة وتوفير فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادية، التبادل التجاري والاقتصاد المستدام.