ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء، من كنيسة التجلي بالمقر البابوي بمركز لوجوس في دير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون، وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
ورحب قداسته بنيافة الأنبا يوليوس الأسقف العام لمصر القديمة وأسقفية الخدمات، والمشرف على كنائس الخليج والآباء كهنة كنائس الخليج وأسرهم الذين يعقدون حاليًا مؤتمرهم السنوي في مركز لوجوس، وحضروا اجتماع الأربعاء في إطار المؤتمر ذاته.
استكمل قداسة البابا سلسلة “صلوات قصيرة قوية من القداس”، وتناول جزءًا من الأصحاح الثاني في رسالة معلمنا يعقوب والأعداد (١٤ – ٢٠)، وأشار إلى طلبة قصيرة من الطِلبات التي ترفعها الكنيسة بعد صلوات التقديس، وهي: “لينمُ بِر الإيمان”، وأن عملية النمو مرتبطة بحياة القداسة والبِر، وتناول أمثلة لكلمة “ينمو” في الكتاب المقدس من خلال:
– “اَلصِّدِّيقُ كَالنَّخْلَةِ يَزْهُو، كَالأَرْزِ فِي لُبْنَانَ يَنْمُو” (مز ٩٢: ١٢).
– يوحنا المعمدان، “أَمَّا الصَّبِيُّ فَكَانَ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ” (لو ١: ٨٠).
– السيد المسيح، “وَكَانَ الصَّبِيُّ يَنْمُو وَيَتَقَوَّى بِالرُّوحِ، مُمْتَلِئًا حِكْمَةً، وَكَانَتْ نِعْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ” (لو ٢: ٤٠).
– “أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى، لكِنَّ اللهَ كَانَ يُنْمِي. إِذًا لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلاَ السَّاقِي، بَلِ اللهُ الَّذِي يُنْمِي” (١كو ٣: ٦، ٧).
وأوضح قداسة البابا أن أنواع الإيمان متعددة، وتناول بعضها مثل:
١- الإيمان الضعيف: مثال خوف بطرس، “وَإِذِ ابْتَدَأَ يَغْرَقُ، صَرَخَ قِائِلًا: «يَا رَبُّ، نَجِّنِي!». فَفِي الْحَالِ مَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَأَمْسَكَ بِهِ وَقَالَ لَهُ: «يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ، لِمَاذَا شَكَكْتَ؟»” (مت ١٤: ٣٠، ٣١).
٢- الإيمان العظيم: مثال المرأة الكنعانية، “«نَعَمْ، يَا سَيِّدُ! وَالْكِلاَبُ أَيْضًا تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ!». فَقَالَ لَهَا: «لأَجْلِ هذِهِ الْكَلِمَةِ، اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ».” (مر ٧: ٢٨، ٢٩).
٣- إيمان سطحي: مثال الكتبة والفريسيين، “قَائِلًا: «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ،… فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالًا ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ” (مت ٢٣: ٢ – ٤).
كما أشار قداسته إلى العقبات التي تعطل نمو الإيمان، وذكر منها:
١- كبرياء العقل: كبرياء الإنسان يحرمه من الإيمان.
٢- الشك: دائرة الشك كالفخ وتجعل الإنسان يفقد الإيمان.
٣- الخوف: كلما يزداد الإيمان يقل الخوف.
ولكي ينمو الإيمان قال قداسة البابا أن هذا يحتاج إلى:
١- الوصية والصلاة: المسيحي المرتبط بالإنجيل والصلاة يستطيع أن يُحوّل كلام الوصية إلى خبرة ويُحوّل التعليم الذي في الإنجيل إلى تسليم “فَقَطْ عِيشُوا كَمَا يَحِقُّ لإِنْجِيلِ الْمَسِيحِ” (في ١: ٢٧)، لأن الإيمان غير المرئي يُرى بأعمال المحبة.
٢- التوبة والاتضاع: الإيمان يحتاج اتضاع الإنسان ونقاوة قلبه، وبالتوبة ينمو في بر الإيمان، “اللّهُمَّ، إِنِّي أَخْجَلُ وَأَخْزَى مِنْ أَنْ أَرْفَعَ يَا إِلهِي وَجْهِي نَحْوَكَ، لأَنَّ ذُنُوبَنَا قَدْ كَثُرَتْ فَوْقَ رُؤُوسِنَا، وَآثَامَنَا تَعَاظَمَتْ إِلَى السَّمَاءِ” (عز ٩: ٦).
٣- مساندة الآخرين: كلما قدم الإنسان عمل مساندة للآخر ينمو بر إيمانه، “لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي… بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ.” (مت ٢٥: ٣٥ – ٤٠).
٤- عمل الرحمة: وجود الرحمة في قلب الإنسان يجعله ينمو في الإيمان، وكما قال القديس أغسطينوس “للقلب صمامين يعملان معًا، الأول مكتوب عليه: تُحب الرب إلهك من كل قلبك، والثاني مكتوب عليه: تحب قريبك كنفسك، ولا يمكن للقلب أن يعمل بصمام واحد”.