لعل الكثيرون ممن يعرفون فضل هذه الأيام من شهر ذي الحجة، ويكثرون فيها من الأعمال الصالحة والعبادات والنوافل يتساءلون في بداية كل يوم هل أذكار الصباح هي نفسها أذكار المساء ؟ ، فعادة تعد تلك الأمور المتعلقة بإحدى السنن الواردة عن النبي -صلى الله عليه وسلم – مثل الأذكار، أبرز ما يبحث عنه أولئك الذين يعرفون فضل أذكار الصباح والمساء ويحرصون عليها، اتباعًا لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ، والذي داوم وأوصى بالحرص عليها واغتنام فضلها ، من هنا ينبغي معرفة هل أذكار الصباح هي نفسها أذكار المساء ؟، فرغم أن أذكار الصباح والمساء تبدو من السُنن النبوية اليسيرة، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الأسرار الخفية عن الكثيرين بشأن هذه الأذكار ، منها هل أذكار الصباح هي نفسها أذكار المساء ؟، والتي تدور في فلك اغتنام هذه السُنة النبوية الشريفة والفوز بفضلها على أكمل وجه .
هل أذكار الصباح هي نفسها أذكار المساء
يجد المتأمّل لسنة نبيّنا الكريم صلى الله عليه وسلم، أنّه حث المسلمين على قراءة عدد من الأذكار كلّ صباح ومساء؛ لينالهم الخير والنفع الكثير، ومن هذه الأذكار ما هو من آي الذكر الحكيم، ومنها ما هو من سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى في فضل الذكر وعظيم أجره ونفعه على عباده: (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
و ورد أنه اختلف العلماء في تحديد أوقات الصباح والمساء وعليه يختلف وقت قراءة أذكار الصباح والمساء؛ فمنهم من قال بأنَّ وقت الصباح بعد طلوع الفجر وحتى طلوع الشمس، وآخرون يقولون بأنه ينتهي بانتهاء الضحى، أما المساء فيبدأ من العصر وينتهي عند غروب الشمس، وذهب آخرون بأن بداية الذكر بعد الغروب، ومن الآراء الأخرى أن يكون وقت أذكار الصباح إما بعدَ صلاة الفجر أو قبلها، أو بعد طلوع الشمس، أما وقت قراءة أذكار المساء فيكون في آخر النهار وأول الليل؛ والأمر فيه توسعة.
وجاء فيها أن كلاً من أذكار الصباح وأذكار المساء هي سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وليست واجبة، ويجوز لمن فاتته أذكار الصباح أو أذكار المساء أن يقضيها في غير وقتها وله الأجر والثواب، والدليل على ذلك بقول الإمام النووي في كتاب «الأذكار»: «ينبغي لمن كان له وظيفة من الذكر في وقت من ليل أو نهار، أو عَقِيب صلاة أو حالة من الأحوال، ففاتته: أن يتداركها، ويأتي بها إذا تمكن منها، ولا يهملها، فإنه إذا اعتاد الملازمة عليها لم يعرضها للتفويت، وإذا تساهل في قضائها سهل عليه تضييعها في وقتها، وقد ثبت في صحيح مسلم، عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كُتب له كأنما قرأه من الليل».
و يمكن القول بأنه من حيث وقتها فليست أذكار الصباح هي نفسها أذكار المساء، أما من حيث صيغة الأدعية، فهناك أدعية خاصة بأذكار الصباح فقط وأخرى خاصة بأذكار المساء وأخرى مشتركة تقال في الصباح والمساء.
وقت أذكار الصباح والمساء
قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية ، إن وقت الصباح يبدأ من منتصف الليل إلى الزوال، وأفضل وقت لأذكار الصباح هو بعد صلاة الصبح حتّى طلوع الشمس، منوهًا بأنه يجوز قراءة أذكار الصباح بعد الشروق؛ لأن وقت قراءة أذكار الصباح ينتهى بزوال الشمس، لتبدأذكار المساء ، ومن ثم فإن لمعرفة وقت أذكار الصباح والمساء ينبغي أولًا العلم بأنه يبدأ وقت الصباح من نصف الليل إلى الزوال، وأفضل وقت لترديد أذكار الصباح هو بعد صلاة الصبح حتّى طلوع الشمس، فيما يبدأ وقت المساء من زوال الشمس حتّى نهاية النصف الأول من الليل، أما عن أفضل وقت لترديد أذكار المساء هو مِن بعد صلاة العصر حتّى غروب الشمس.
ويبدأ عند العرب مع سماع أذان الظهر، والصباح من أذان الفجر إلى قبيل الظهر، وورد أن العلماء اختلفوا في تحديد وقت الصباح والمساء بداية ونهاية، فمنهم من يرى أن وقت الصباح يبدأ بعد طلوع الفجر، وينتهي بطلوع الشمس، ومنهم من يقول: إنه ينتهي بانتهاء الضحى أي قبل الظهر بـ20 دقيقة، لكن الوقت المختار للذكر هو من طلوع الفجر إلى شروق الشمس، وأما المساء فمن العلماء من يرى أنه يبتدئ من وقت العصر وينتهي بغروب الشمس، ومنهم من يرى أن وقته يمتد إلى ثلث الليل، وذهب بعضهم إلى أنه يبدأ وقت قراءة أذكار المساء تكون بعد الغروب.
فضل المحافظة على أذكار الصباح والمساء
ورد أنَّ المواظبة على أذكار الصباح والمساء من الأعمال التي يُحبّها اللهُ لقوله عز في علاه: «وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا»، وقد وصَّى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بذلك، لأنّ الأذكار تربط المسلم بربّه، وتُعلِّق قلبَه به، وتُحصِّنه من الشياطين والشرور المختلفة، إلى جانبِ حلول البركة في الصحّة، والمال، والأولاد. حماية المسلم من شرّ ما خلق من الإنس والجن، وتقرّبه من المولى ليغفر ذنوبه، ويمحو سيئاته، ويزيد حسناته، ينور بصيرته؛ لذلك هناك الكثير من الأذكار التي يستطيع المسلم مناجاة ربه بها.
أمور مستحبة عند ترديد الأذكار
1- يُستحبّ على الذاكر أن يردد الأذكار بتأنٍ وتعقُّل، وفهمها لينشرح صدره، وليذوق حلاوةَ الإيمان؛ لذلك لا يليق التسرع في قولها دون استحضار للقلب.
2- من السُّنة أن يقولَها بصوتٍ منخفض، بحيث يسمع نفسه فقط، ولا يرفع بصوته بها في حضرة الناس فيزعجهم، فقد الله تعالى: «ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ».
3- عدم رفع اليدين، لأنه لم يرد في السُّنة ما يدلّ على ذلك، ولأنّ رفع اليدين غير مُستحبّ في أذكار الثناء والحمد.
4- يُستحبّ أن يأتي بها منفردًا، حيثُ إنه لم يشرعْ ذكرها مع الجماعة في المسجد.