في تحرك قد يتسبب في موجة من الانتقادات الشديدة بحق إثيوبيا، أعلنت سلطات أديس أبابا، عن تحركات لإصدار عفو بحق المدانين بجرائم خطيرة، تشمل جرائم الإرهاب والفساد والاغتصاب والقتل التي تشمل النساء والأطفال، وبالنظر إلى جسامة تلك الجرائم، تصبح هناك حالة من الاستغراب الشديد لتلك التوجهات، ويصبح من الطبيعي أن يتساءل الكثيرون لماذا تسعى أي دولة للإفراج عن أشخاص قاموا بتلك الجرائم.
ولكن يرى المراقبون أنه بالنظر إلى تاريخ ممارسات السلطات الفيدرالية الإثيوبية، وخصوصا داخل إقليم تيجراي، وما قامت به الأجهزة الأمنية وقوات الجيش الإثيوبي، تكون تلك التحركات بهدف التمهيد لعدم محاسبة من ارتكب تلك الجرائم، والعفو عمن تم إدانته من قبل نتيجة للضغوط الدولية التي أعقبت الكشف العالمي لتلك الجرائم الشنيعة.
وفقا لما نشرته صحيفة thereporterethiopia، الإثيوبية، فقد أصدر مجلس العفو الفيدرالي توجيهاً جديداً يفرض مراجعة طلبات العفو المقدمة من السجناء المدانين بجرائم خطيرة، بما في ذلك الإرهاب والفساد والاغتصاب والقتل التي تشمل النساء أو الأطفال، وبرر المجلس توجيهاته بأن إنشاء التوجيه في المقام الأول يهدف لتعزيز عملية منح العفو لكل من السجناء الفيدراليين والإقليميين ، من خلال تبسيط عملية ملء التماسات العفو وتزويد المجلس بمعلومات واضحة وشاملة.
وتأتي هذه الخطوة بعد فشل التوجيه السابق في وضع معايير تفصيلية ، مما أدى إلى ارتباك بين أعضاء مجلس الإدارة وضرورة الحصول على معلومات وشهادات واضحة من المؤسسات والأفراد، ويدخل التوجيه حيز التنفيذ في نهاية الشهر الماضي ، ويوسع معايير الأهلية ، ويسمح للسجناء بالتقدم بطلب للحصول على عفو بناءً على سلوكهم الجيد وإعادة تأهيلهم أثناء حبسهم، ومع ذلك ، فإن قرار منح العفو سيعتمد على خطورة الجرائم ومدة الإقامة في السجن.
ووفقا لما جاء بالصحيفة الإثيوبية، فيتطلب توجيه المجلس مراجعة طلبات العفو المقدمة من السجناء المدانين بجرائم مثل الإرهاب والفساد والاغتصاب والمثلية الجنسية والاتجار بالبشر والقتل الذي يتورط فيه النساء أو الأطفال ليكون مؤهلاً ، يجب أن يقضي السجناء نصف مدة عقوبتهم وأن يظهروا حسن السلوك والأخلاق أثناء السجن، ويمكن للسجناء المدانين بتهريب الأسلحة والاتجار بها، وإنتاج المخدرات ونقلها، وتدمير البنية التحتية أيضًا أن يكونوا مؤهلين للعفو إذا قضوا نصف مدة سجنهم وأظهروا سلوكًا جيدًا.
وأجرى مكتب العفو ومجلس العفو في إثيوبيا تغييرًا مهمًا في الإطار القانوني للعفو عن السجناء، حيث أنه في الماضي، رفض المجلس مراجعة التماسات العفو المقدمة من السجناء المدانين بجرائم معينة ، بما في ذلك الفساد والإرهاب والمثلية الجنسية والاغتصاب، ومع ذلك ، وفقًا لرئيس المكتب ، سينيت إنيو ، يمكن لهؤلاء المدانين الآن تقديم طلب بالعفو إلى المجلس إذا قضوا نصف مدة عقوبتهم، وقالت: “يمكن الآن تقديم التماسهم إلى مجلس الإدارة إذا قضوا نصف مدة عقوبتهم ، لكن المجلس سيستغرق وقتًا للتحقيق واتخاذ القرار النهائي”.
إثيوبيا تؤكد وقوع العديد من جرائم الاعتداء بإقليم تيجراي
وبالعودة إلى ما نشرته الحكومة الإثيوبية من تصريحات صاحبة تحركاتها العسكرية بإقليم تيجراي في 2021، نجدها تعترف بأن عدد جرائم الاعتداء يفوق تلك المعلن عنها، حيث أكدت السلطات الإثيوبية أن عشرات النساء تعرضن للاغتصاب في إقليم تيجراي شمال البلاد، وبررت ارتكاب هذه الجرائم، بأنها تمت خلال الفوضى التي أعقبت صدامًا مسلحًا عام 2020، وأطاح بالحزب الحاكم في الإقليم.
وحينها أعلنت وزيرة المرأة الإثيوبية، فيلسان عبد الله، الخبر عبر تغريدة نشرتها على “تويتر” قالت إنهم تلقوا التقرير من فريقهم على الأرض في منطقة تيجراي. ونقلت عن الفريق تأكيده أن الاعتداء حدث قطعاً ودون شك، وأشارت الوزيرة إلى أن فرقة العمل تضم فريقاً من مكتب المدعي العام وتقوم بتحليل البيانات، وقد شكّلت تعليقات فيلسان أول تأكيد لوقوع هذه الجرائم من قبل حكومة رئيس الوزراء أبي أحمد، وذلك على الرغم من إفادات شهود ومسعفين وموظفي إغاثة عن وقوع اعتداءات جنسية واسعة النطاق منذ بدء القتال في نوفمبر 2020، ووفق لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية، التي عينتها الدولة، فقد تم الإبلاغ عن 108 جرائم اغتصاب في تيجراي في شهرين فقط، ووقع ما يقرب من نصفها في مقلي عاصمة الإقليم.
تقارير أممية.. جرائم السلطات الإثيوبية اغتصاب وتجويع وتصفيات
وفي عام 2022، عبّر محققون في الأمم المتحدة عن اعتقادهم بأن الحكومة الإثيوبية تقف وراء جرائم ضد الإنسانية ترتكب في تيجراي، وحذّروا من أن تجدد القتال في الإقليم يزيد خطر وقوع “مزيد من الجرائم الوحشية”، ففي تقريرها الأول، ذكرت لجنة خبراء حقوق الإنسان المعنية بإثيوبيا أنها عثرت على أدلة تفيد بوقوع انتهاكات في البلاد ارتكبتها جميع الأطراف منذ اندلع القتال في إقليم تيغراي شمال البلاد في نوفمبر 2020، وقالت اللجنة التي شكّلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة العام الماضي وتضم 3 خبراء حقوقيين مستقلين إن لديها “أسسا منطقية للاعتقاد بأن هذه الانتهاكات ترقى في عدة مناسبات إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
وعدّد الخبراء قائمة طويلة من الانتهاكات التي شملت إعدامات تعسفية وعمليات اغتصاب وعنف جنسي ارتكبت على “نطاق مروع” فضلا عن التجويع المتعمد، وأشار الخبراء على وجه الخصوص إلى الوضع في تيجراي؛ حيث حرمت الحكومة وحلفاؤها نحو 6 ملايين شخص من الوصول إلى الخدمات الأساسية بما في ذلك الإنترنت والخدمات المصرفية مدى عام كامل، وحيث تركت القيود المشددة على وصول الإغاثة إلى نحو 90% من السكان في حاجة ماسة للمساعدات، وفق الخبراء.
ولفت التقرير إلى وجود “مبررات منطقية للاعتقاد بأن الحكومة الفدرالية وحكومات الأقاليم المتحالفة معها ارتكبت وتواصل ارتكاب جرائم ضد الإنسانية تتمثل بالاضطهاد على أسس عرقية وغير ذلك من الأفعال غير الإنسانية”، فيما قال التقرير إن تلك الأطراف “تتسبب عمدا بمعاناة كبيرة أو بجروح جسدية خطيرة، أو أمراض متعلقة بالصحة النفسية والبدنية، بسبب مواصلتها منع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى تيجراي”.