هل كان النبي يصلي الضحى كل يوم ؟، لعله أحد أسرار تلك النافلة التي أوصى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحرص عليها واغتنام فضلها دون استهانة أو تفريط، فالقليل عن صلاة الضحى معروف للكثيرين من الناس ، رغم أن صلاة الضحى تعد إحدى السُنن والوصايا النبوية الثلاث، التي حث عليها رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وشدد على أحبابه ضرورة اغتنام فضل صلاة الضحى للفوز بثوابها العظيم، وهو ما يطرح السؤال عن هل كان النبي يصلي الضحى كل يوم ؟، فلا تزال هناك أسرار خفية لا يعرفها الكثيرون عن صلاة الضحى التي نحن في أمس الحاجة لفضلها لعلها تكون سببًا في استجابة دعاء يحقق المعجزات ويزيح جبال الهم عن قلوبنا ويفتح لنا أبواب الفرج والخير.
هل كان النبي يصلي الضحى كل يوم
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن النبي -صلى الله عليه وسلم- شرع صلاة الضحى، ولكنه لم يثبت أبدًا أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- صلى الضحى لانشغاله بقيام الليل، وهناك بعض الآراء تقول إنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ولكنه لم يحافظ عليها.
و أضاف «جمعة» في إجابته عن سؤال : ( هل كان النبي يصلي الضحى كل يوم ؟)، أن بعض العلماء بحث في السير والأحاديث ليتأكدوا من عدم أداء النبي -صلى الله عليه وسلم- لـ صلاة الضحى، فوجدوا أنه -صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين في بيت أم هانئ في مكة عند فتحها، وقالوا هذه ليست صلاة الضحى، ولكنها صلاة الفتح، لأنه يُسن عند فتح بلد ودخوله في الإسلام صلاة ركعتين.
وأكد المفتي السابق، أن صلاة الضحى سنة، وليست واجبة، كما في وصية نبينا صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: «صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ» رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لغيرهما «أَمَرَنِي بِرَكْعَتَيِ الضُّحَى كُلَّ يَوْمٍ».
صلاة الضحى
ورد أن صلاة الضحى سنَّةٌ مؤكَّدةٌ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، صلَّاها وداوم عليها باستثناء بعض الأوقات؛ خوفاً من أن يظنَّها النَّاس فرضاً، وحبَّب إليها وأوصى بها، ولمُصلِّيها الأجر والثَّواب العظيمين، ويبدأ وقتها من بعد طلوع الشَّمس -ما يقارب الربع ساعة من بداية طلوعها- إلى وقت الزوال؛ أي قبل الظهر، وأفضل وقتها عندما تعلو الشَّمس وتشتدُّ حرارتها.
فضل صلاة الضحى
1- من صلى صلاة الضحى في أول وقتها بعد شروق الشمس فله مثل ثواب الحاج والمُعتمر.
2- تُجْزِئُ عن الصّدقة المطلوبة عن كل مفصل من مفاصل جسم الإنسان الثّلاث مئة وستّين في كل يوم يُصْبِح فيه العبد.
3- تقوم صلاة الضحى مقام التّسبيح والتّحميد والتّهليل والتّكبير.
4- صلاة الضحى بها يتقرّب العبد إلى الله سبحانه، ويفوز بمحبته عز وجل، باعتبارها من النوافل، كما جاء في الحديث القدسي: «مَنْ عادَى لي وليًّا فقَد بارَزني بالمحارَبةِ، وما تقرَّبَ إليَّ عبدي بمثلِ أداءِ ما افتَرضتُه عليْهِ، ولا يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافلِ حتَّى أحبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كنتُ سمعَهُ الَّذي يسمَعُ بِهِ وبصرَهُ الَّذي يبصرُ بِهِ ويدَهُ الَّتي يبطِشُ بها ورجلَهُ الَّتي يمشي بها، فبي يسمَعُ وبي يُبصِرُ وبي يبطِشُ وبي يسعى، ولئن سألني لأعطينَّهُ، ولئنِ استعاذني لأعيذنَّهُ، وما تردَّدتُ عَن شيءٍ أنا فاعلُهُ تردُّدي عن قَبض نفسِ عَبدي المؤمنِ يَكرَهُ الموتَ وأكرَهُ مَساءتَهُ، ولابد لَهُ منْه».
5- ومن فضل صلاة الضحى جلب الرزق والبركة فيه .
6- كفالة الله لمن صلاها أربع ركعات بأن يكفيه نهاره من المؤنة وغيرها: عن أبي ذر رضى الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: قال الله -تبارك وتعالى-: “ابن آدم اركع لي أربع ركعات في أول النهار أكفك آخره”.
7- من النوافل التي حرص عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
8- صلاة الضحى غنيمة عظيمة: هي من الصلوات التي يغنم المُصلّي بها الكثير من الغنائم، وذلك لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة».
9- الدعاء بعدها مستجاب، حيث إن الدعاء بعد الصلوات مستجاب.
وقت صلاة الضحى بالساعة
ورد فيه أن وقت صلاة الضحى اليوم يبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح، والمقصود بقيد رمح أي خمس درجات، عندما تصعد الشمس في كبد السماء ثم تميل مرة أخرى، فهذه تُسمى درجات، وتخطو الشمس الدرجة في أربع دقائق، وعليه فإن وقت صلاة الضحى بالساعة اليوم بدأ بعد شروق الشمس بعشرين دقيقة، وينتهي قبل أذان الظهر أي قبل الزوال بأربع دقائق ، وبناء عليه فإن وقت صلاة الضحى بالساعة يبدأ في تمام الساعة 6:24 صباحًا، فيما ينتهي في تمام الساعة 11:36 ظهرا، أي قبل أذان الظهر بأربع دقائق.
عدد ركعات صلاة الضحى
ورد أن صلاة الضحى سُنة مؤكدة عند الجمهور، وعن عدد ركعات صلاة الضحى فأقلها ركعتان، وأوسطها أربع ركعات، وأفضلها ثماني ركعات، وأكثرها اثنتا عشرة ركعة، وفضلها تعد صدقة عن مفاصل الجسم البالغة نحو 360 مفصلًا.
وورد عدد ركعات صلاة الضحى فيما روى مسلم ، من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى»، وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام».
و ثبت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أنه صلاها ثمان ركعات كما في فتح مكة، فقد روى مسلم أن معاذة رحمها الله سألت عائشة رضي الله عنها: «كَمْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى ؟، قَالَتْ: أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَزِيدُ مَا شَاءَ»، وروى مسلم عن أم هانئ رضي الله عنها قالت: «قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى».
ماذا يقرأ في صلاة الضحى
لعل ماذا يقرأ في صلاة الضحى ، من الأمور التي يبحث عنها أولئك الذين عرفوا فضل صلاة الضحى ، والتمسوا أفضل وقت لها وسعوا لاغتنام أكبر ثواب لها، فيُسنُّ أن تصلّى كل ركعتين مَثْنى مَثْنى ويُسلّم بعد كل ركعتين، ويُقرأ في كلّ ركعة سورة الفاتحة بعدها سورة قصيرة مثل سورة الضّحى أو سورة الشّمس أو غير ذلك من السّور أو الآيات حتّى لو بلغت آية واحدة.
وجاء أن سورة الفاتحة وما تيسر من القرآن هي أفضل إجابة عن سؤال ماذا يقرأ في صلاة الضحى ، وقد صلّاها النّبي صلّى الله عليه وسلّم ركعتين، وأربعًا، وثماني ركعات ومن زاد على ذلك فصلّى عشْرًا أو اثنتي عشرة ركعة فلا بأس لكن يجب ألا تقل عن الرّكعتين، وبما أنّها تُصلّى في النّهار فلا يُجْهَرُ بها بل تُقرأ الفاتحة وما يليها سرًا، ويجوز أن تُصلّى جماعةً لكن دون المُداومة على ذلك لأنّ ذلك غير مشروع، ولا تُقْضى إن فات وقتها لأنّها ليست من السّنن الرواتب التابعة للفرائض إنّما هي مقيّدة بوقتها فإن فات وقتها فاتت.
حديث صلاة الضحى
ورد حديث صلاة الضحى ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أَوَّاب قال: وهي صلاة الأوابين” (رواه الحاكم)، وفيما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بثَلَاثٍ: صِيَامِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، ورَكْعَتَيِ الضُّحَى، وأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ)، ثمَّ أربع ركعاتٍ، حيث روت أمُّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّ معاذة سألتها: (كَمْ كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى؟ قالَتْ: أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَزِيدُ ما شَاءَ الله)،ثمَّ ستُّ ركعاتٍ، ثمَّ ثمان ركعات وهو أوسطها وأفضلها.
و يرى المالكيَّة كراهية ما زاد عنها بنيَّة الضُّحى، ويرى الحنفيَّة والشَّافعيَّة أنَّ أكثرها اثنتا عشرة ركعةً، لما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- في الحديث الضعيف الذي يؤخذ به في فضائل الأعمال: (مَن صلَّى الضُّحى ثنتي عشرةَ رَكعةً بنى اللَّهُ لَه قصرًا من ذَهبٍ في الجنَّةِ)، وفيها كلها أجرٌ وثواب بإذن الله.
عجائب صلاة الضحى
ورد أنّ صلاة الضحى لها عجائب عديدة، ينبغي معرفتها ، وقد ورد منها ما يأتي:
- الأجر والثواب العظيم عليها، فهي كالصَّدقة على نعمة العافية والجسد، فقد جاء في الحديث الشريف: (يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى).
- أجر حِجَّة وعمرة كاملتين لمن قعد بعد صلاة الفجر يسبح ويذكر الله، ثمّ صلّى ركعتيّ الضحى بعد شروق الشمس، فعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صلَّى الغداةَ في جماعةٍ ثم قعد يذكرُ اللهَ حتى تطلعَ الشمسُ ثم صلَّى ركعتيْنِ كانت لهُ كأجرِ حجَّةٍ وعمرةٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: تَامَّةٍ، تَامَّةٍ، تَامَّةٍ).
- عظمة أدائها تأتي أيضاً من تعظيم الله -تعالى- لشأنها والقسم بها في سورة الشَّمس، حيث قال -سبحانه-: (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا)، وكذلك تسميته -سبحانه وتعالى- لسورةٍ باسمها في القرآن، وقسمه بها في أوَّل آياتها، قال -تعالى-: (وَالضُّحَىٰ).
- الاقتداء والتأسّي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمداومة على ما داوم عليه من السُّنن.
- سببٌ لمغفرة الذنوب والسّيئات.
كيفية صلاة الضحى بالتفصيل
وورد عن كيفية صلاة الضحى ففي أكثر عدد للأداء صلاة الضحى اختلف العلماء، فذهب المالكية والحنابلة إلى أن أكثر صلاة الضحى ثماني ركعات؛ لما روت أم هانئ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة وصلى ثماني ركعات، فلم أر صلاة قط أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود.
وعن كيفية صلاة الضحى يرى الحنفية والشافعية – في الوجه المرجوح – وأحمد – في رواية عنه – أن أكثر صلاة الضحى اثنتا عشرة ركعة؛ لما رواه الترمذي والنسائي بسند فيه ضعف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا من ذهب في الجنة».
وينبغي الانتباه في كيفية صلاة الضحى أنه إذا صلى المسلم الضحى أكثر من ركعتين، فالأفضل له أن يسلم من كل ركعتين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى» رواه أحمد وأصحاب السنن.