أكد السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن زيارة وزير الخارجية الإيراني للقاهرة ضمن جولة موسعة بالإقليم وعواصم الدولة الفاعلة، تأتي في إطار حرص طهران علي إيصال رسائل مباشرة وعبر عواصم صنع القرار في المنطقة لتوصل عبرهم خاصة للولايات المتحدة عن رؤية إيران لمخاطر المواجهة الحالية مع إسرائيل، وما يمكن أن تتعرض له المنطقة بأكملها من مخاطر في حال تزايد التصعيدالإسرائيلي، وردة فعلة المتوقعة وهو “ما تدركه طهران جيدا”، مما دفع وزير الخارجية الإيراني للقيام بتلك الجولة المكوكية لعدد من عواصم صنع القرار في المنطقة، وللتحذير من مخاطر واحتمالات المواجهة وردة الفعل الإيرانية خاصة لو تجاوزت إسرائيل الأبعاد الممكنة والمحتملة للضربة المتوقعة والتي يجب أن تكون محسوبة وحتي إلا تستدعي ردا ايرانيا شاملا.
وأضاف السفير حجازي، في تصريحات صحفية، أن جولة وزير الخارجية الإيراني ستتيح الفرصة لطهران لعرض تصورها للحراك الدبلوماسي المتوقع في المرحلة القادمة والذي سيشمل تطبيق القرار الأممي ١٧٠١، والذي يقضي بنشر قوات الجيش اللبناني علي طول الخط الأزرق علي الحدود اللبنانية الاسرائيلية، وربما التطرق لمستقبل حزب الله في الحياة السياسية اللبنانية مستقبلا، وأوضح أن لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الوزير الإيراني دليل علي أهمية الزيارة وتقدير من مصر لمخاطر المرحلة وما يمكن للقاهرة القيام به لإحتواء المشهد وخطورته وتقليل تداعياته المحتملة بالتعاون مع الأطراف الاقليمية والدولية، وأكد علي أن طهران تدرك كذلك دور ومكانة مصر وجهودها في تهدئة الأوضاع وتخفيف التصعيد الجاري واتصالات الرئيس ووزير الخارجية الواسعة بمختلف الأطراف الاقليمية والدولية، ما يتيح للدبلوماسية المصرية لعب دور هام ومؤثر لدي مختلف أطراف الصراع والتنبيه وايصال الرسائل الهامة والتحذير من استمرار عنف إسرائيل وتصعيدها الخطير والدور الأمريكي المتماشي دون ضوابط للمارسات الاسرائيلية ودعمه ومدة بالسلاح علي مختلف الجبهات.
ويرى الدبلوماسي المصري السابق، أن جولة الوزير الإيراني هدفها الأول إرسال رسائل للإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية من خلال تلك العواصم، بضرورة احتواء ردة الفعل الإسرائيلية على العملية التي نفذتها طهران في الأول من أكتوبر الجاري، والتي أطلقت فيها نحو 200 صاروخ على إسرائيل اعتبرتها “رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله”.
وأكد السفير حجازي، أن إيران تثبت من خلال تلك الجولة أنها “غير راغبة في اشتعال المنطقة وترديها في حرب ضروس لا يتصور أحد كيف يمكن إنهاؤها”، فتحرك الدبلوماسية الإيرانية يأتي من كمحاولة شرح موقفها وتأكيد رغبتها في عدم الدخول في صراع دموي مع إسرائيل”، وعليه يرجح د. حجازي أن تسعى إيران لإحتواء الضربة الإسرائيلية وليس لمنعها في ظل فهم إيران أن الرد الإسرائيلي “قادم لا محالة”، لكن طهران على حد وصفه “لن تسكت إذا وجهت لها ضربة استراتيجية باستهداف برنامجها النووي أو مشروعاتها ومقدراتها النفطية”، لكن يمكن لإيران أن تتحمل الضربة الإسرائيلية إذا وجهت لأهدف عسكرية داخل إيران.
ويري الخبير الدبلوماسي، أن رسالة الضغط الأهم التي يسعى وزير الخارجية الإيراني للحصول على دعم عواصم المنطقة فيها، هى “الضغط على الإدارة الأمريكية” لأنها هى الوحيدة التي يمكنها الضغط على إسرائيل بشأن دقة ومدى قوة ردها على إيران، معتبرا أن “الولايات المتحدة الأمريكية هى صاحبة قرار الحرب الإسرائيلية ضد إيران” وأنه لا يمكن أن يكون قرارا إسرائيليا خالصا، لأن أي تصعيد بين طهران وتل أبيب هو بمثابة “تهديد مباشر للمصالح الأمريكية في المنطقة بأثرها، وأن الأيام القادمة ستوضح عما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة علي كبح جماح إسرائيل أو أن إسرائيل تتصرف بتفويض من الولايات المتحدة وبالتنسيق معها، وأن انتقادات واشنطن الخجولة إحيانا لتل أبيب تأتي في إطار محسوب تستهدف من خلاله واشنطن أبعاد الخطر عن قواتها حال توجيه لإسرائيل لضربة استراتيجية لإيران.
والزيارة حسب السفير حجازي، تأتي ضمن نطاق الدبلوماسية الوقائية المطلوبة في المرحلة القادمة، وفي إطار موقف واعي ومسؤل من كل الأطراف لتقليل تداعيات المشهد في غزة وجنوب لبنان ليمتد بعدهما للمنطقة ومخاطبة صوت العقل وإتاحة الفرصة لدبلوماسية إقليمية ودولية تضع نهاية ليس فقط للعنف المستمر ولكن وضع أساس لعلاقات إقليمية قائمة علي احترام السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في الشؤون الداخل، والأهم إطلاق مسار سياسي يقود لحل الدولتين.
وشدد د، حجازي، على أن الأمن والتنمية والتعاون الإقليمي يستلزم تفاهما بين العواصم العربية والإقليمية الفاعلة، وأن الدعوة لتفاهمات إقليمية للأمن والسلم والتنمية في منطقة عانت شعوبها كثيرا ورغم ما تنعم به من ثروات مادية وبشرية واقتصادية، فأن التدخلات والاستراتيجيات الخارجية خاصة من قوي غربية بعينها هي ما أبقت الشرق الأوسط في صراعاته واستمرار معاناة شعوبه، واختتم تصريحه مؤكدا أن أخذ دول المنطقة بزمام القرار السياسي هو السبيل الوحيد لتغيير مسار الشرق الأوسط نحو مستقبل جديد.