بين الحين والآخر، يتزايد الحديث عن أداء الاقتصاد المصري، خاصة معدلات الدين وعجز الموازنة للناتج المحلي، بتقديرات غير دقيقة للموقف الاقتصادي، بما يستلزم المزيد من التوضيح، وكما يقول الدكتور محمد معيط، وزير المالية: «اللي عاوز الصورة الصحيحة.. يشوف المسار الاقتصادي لمصر فى 43 سنة؛ فالمصروفات ظلت أكبر من الإيرادات 37 عامًا، ونتيجة للإصلاح الاقتصادي الذي بادر به الرئيس عبد الفتاح السيسي استطعنا لأول مرة بموارد الدولة تغطية المصروفات وتحقيق فائض أولي فى العام المالي 2017/ 2018، وحافظنا على ذلك خلال 6 سنوات ليبلغ 1.6% من الناتج المحلي فى العام المالي 2022/ 2023، رغم الأزمات العالمية القاسية من جائحة كورونا إلى ما ترتب على الحرب فى أوروبا، ونستهدف خلال العام المالي الحالي 2023/ 2024، تحقيق أكبر فائض أولي فى تاريخ مصر 2.5%».
وأضاف وزير المالية، في بيان له: “لا ننكر أبدًا حقيقة الموقف الصعب الذي تعانيه مختلف الاقتصادات، خاصة الأسواق الناشئة بما فيها مصر، لكن فى الوقت نفسه لا يصح إنكار حقيقة الإصلاحات التى نفذتها الحكومة للحفاظ على المسار الاقتصادي الآمن للدولة، بإجراءات ضبط المالية العامة، وبالفعل انعكست فى مؤشرات الأداء الاقتصادي خلال التسع سنوات الماضية، وبمقارنتها بنظيرتها على مدار 34 عامًا السابقة لها، والتحديات العالمية الراهنة وما تفرضه من ضغوط ضخمة على الموازنة سواءً من حيث تراجع الإيرادات؛ نتيجة لتباطؤ النشاط الاقتصادي، أو زيادة المصروفات بشكل غير مسبوق لتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين من الغذاء والوقود فى ظل ارتفاع تكلفة التمويل بالأسواق الدولية.
وتابع: “وتجدر الإشارة إلى أنه رغم كل هذه التحديات، تمضى الحكومة فى بناء الدولة بقدراتها الشاملة.. تنمية وعمرانا فى كل شبر على أرض مصر؛ لتحسين حياة الناس وما يُقدم لهم من خدمات فى مختلف القطاعات، وقد أصبح لدينا بنية تحتية قوية ومتطورة، قادرة على استيعاب الأنشطة الاستثمارية والإنتاجية، وعندما أغلقت اقتصادات العالم أبوابها فى ظل كورونا، كان الخيار الاستراتيجي المصري بالغلق الجزئي، وقال الرئيس السيسي: «ما نقدرش نقفل بيوت ملايين الناس اللى شغالة فى مشروعات التنمية»”.
وأوضح أنه بلغة الأرقام، يمكن القول إن أداء الاقتصاد المصري يتحسن خلال السنوات التسعة الماضية؛ أخذًا فى الاعتبار التأثر بالأزمات العالمية، وتفهمًا للصعوبات التى يعيشها الدولة والمواطنون معًا، وتعمل الدولة على احتواء أكبر قدر ممكن منها، بحزم استثنائية للحماية الاجتماعية، حيث انخفض معدل عجز الموازنة للناتج المحلى من 13.8% في العام المالي 1981/ 1982 إلى 6% في يونيو 2023، ونتوقع انخفاضه إلى 5% في يونيو 2027.
واستطرد: “كما انخفض معدل الدين للناتج المحلى الإجمالي من 159% في العام المالي 1980/ 1981 إلى 95.7% في يونيو 2023، ونستهدف النزول به إلى 75% في 2027، من خلال الاستمرار فى سياسات الانضباط المالي ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتعظيم الإيرادات العامة، جنبًا إلى جنب مع تبنى استراتيجية ترتكز على تنويع مصادر وأدوات التمويل والأسواق وشرائح المستثمرين”.
وأكد أن الدولة نجحت فى تحسين هيكل الإنفاق بالموازنة العامة للدولة، وبدلاً مما كان سائدًا لسنوات طويلة: «ربع للدعم يذهب أكثره للمواد البترولية، وربع للأجور، وربع لتشغيل الدولة، وربع لسداد فوائد الدين»، حيث تغير هذا الهيكل وتم التوجه لزيادة الاستثمارات التنموية، وزيادة الإنفاق أيضًا على الصحة بما فيها المبادرات الرئاسية، والتعليم، والتوسع فى مد مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا، حيث ارتفعت مخصصات قطاع الصحة من 36.4 مليار جنيه إلى 200 مليار جنيه خلال 9 سنوات بنسبة نمو 447%، وقد تم تخصيص نحو 2.5 مليار جنيه لدعم التأمين الصحى الشامل لغير القادرين منذ بداية تطبيق المنظومة، وزيادة مخصصات العلاج على نفقة الدولة من 2.5 مليار جنيه عام 2014 إلى 8.1 مليار جنيه بحلول يونيو 2024 بنسبة نمو 224%، وارتفع الإنفاق على قطاع التعليم من 84.1 مليار جنيه عام 2014 إلى 230 مليار جنيه في يونيو 2023، بزيادة 173%، وتزايد الإنفاق على الاستثمارات الحكومية خلال 9 أعوام من 53 مليار جنيه إلى 587 مليار جنيه بنسبة نمو تتجاوز 1009%.
وذكر أن مخصصات معاش «الضمان الاجتماعي» وبرنامج «تكافل وكرامة» ارتفعت من 5 مليارات جنيه لنحو 1.5 مليون أسرة في 2013/ 2014 لتصل إلى 35.5 مليار جنيه لنحو 5.2 مليون أسرة في 2023/ 2024 بزيادة 614%، وارتفاع دعم السلع التموينية من 35.5 مليار جنيه إلى 127.7 مليار جنيه بنسبة نمو 260%، كما تم أيضًا زيادة الدعم النقدي لبرنامج الإسكان الاجتماعي من 2 مليار جنيه عام 2014 إلى نحو 10.2 مليار جنيه في يونيو 2024 بنسبة نمو 410%، وارتفعت مخصصات الأجور من 178.6 مليار جنيه في 2013/ 2014 إلى 470 مليار جنيه في 2023/ 2024 بنسبة نمو 163%، وزيادة الحد الأدنى للأجور من 1200 جنيه في 2014 حتى 4 آلاف جنيه عام 2023 بنسبة نمو 233%، كما تم رفع حد الإعفاء الضريبي من 12 ألف جنيه عام 2014 إلى 45 ألف جنيه عام 2023 بزيادة تبلغ 275%.
وتم فض الاشتباك مع الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، وبلغ إجمالي ما تسدده الخزانة العامة للدولة لصالح أصحاب المعاشات بالموازنة الحالية 202.2 مليار جنيه مقارنة بـ 29.2 مليار جنيه عام 2013/ 2014 بنسبة زيادة 592%، ويصل إجمالي ما تتحمله الخزانة العامة لصالح المعاشات نحو 2.3 تريليون جنيه حتى منتصف 2029.