عقدت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، حلقة نقاشية بعنوان “الذكري الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. التقدم والتحديات”، وذلك في ختام حملة (50 × 30 حقوق الإنسان للجميع)، التي أطلقتها مؤسسة ماعت في 10 ديسمبر 2022 واختتمتها بالتزامن مع الذكري الخامسة والسبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وركزت الحلقة على التقدم الذي صاحب صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتحديات التي لا تزال ماثلة أمام الوثيقة التي تتكون من (30 مادة) وديباجة.
وشارك في هذه الحلقة أيمن عقيل، الخبير الحقوقي الدولي، رئيس مؤسسة، السفير دياب اللوح، سفير دولة فلسطين في جمهورية مصر العربية، والمستشار أيمن فؤاد، خبير في مجال حقوق الإنسان.
كما شارك في هذه الحلقة الدكتور خليل إبراهيم الحمداني، وندى أمين، من إدارة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية، بجانب أحمد بسيوني، مدرس مساعد بجامعة أنديانا بالولايات المتحدة، وملك عزت عضو هيئة تدريس بجامعة نيو جيزة، وقامت بإدارة الحلقة مارينا صبري مدير وحدة الآليات الدولية بمؤسسة ماعت، بالإضافة إلى عدد من الأكاديميين والإعلاميين والصحفيين والشباب الباحثين.
جرائم إسرائيل في غزة
وأكد المتحدثون في الحلقة النقاشية، أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بعد مرور 75 عامًا على اعتماده لا يزال يواجه تحديات مختلفة من بينها غياب آلية للتنفيذ وهيمنة الدول العظمي، وعدم وجود آلية لمساءلة منتهكي الإعلان مثل قوات الإحتلال الإسرائيلي والجرائم التي تقدم عليها في قطاع غزة والضفة الغربية، ومع ذلك دعا المتحدثون إلى التمسك بوثيقة الإعلان العالمي لاحتوائها على مجموعة من المبادئ حال إعمالها ستساهم في تعزيز حقوق الإنسان.
وقال أيمن عقيل الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت، إن ازدواجية المعايير التي تمارسها الدول الغربية باتت تشكل خطرًا على حقوق الإنسان، مضيفا: رغم التقدم الذي صاحب اعتماد وثيقة الإعلان العالمي؛ إلا إنه مازال يواجه تحديات مختلفة مثل غياب آلية واضحة، لتنفيذ الإعلان وانتشار النزاعات المسلحة في مناطق مختلفة من العالم حيث تفضي هذه النزاعات إلى تدهور في جميع حقوق الإنسان للمدنيين.
وأشار عقيل، إلى إن مجلس حقوق الإنسان بجنيف ليس به العصى لمن عصي وتحكمه العلاقات الدبلوماسية بين الدول وهو ما يفضي لتراجع إعمال حقوق الإنسان، مردفا: المجتمع الدولي يشهد استخدام ملف حقوق الإنسان لأغراض سياسية، وأن ما تشهده الأراضي الفلسطينية منذ يوم 7 أكتوبر 2023، يجري وسط صمت دولي كبير، وعدم وجود أي تحركات دولية لوقف هذه الانتهاكات، في حق الشعب الفلسطيني.
من جانبه لفت دياب اللوح سفير دولة فلسطين في جمهورية مصر العربية إلى استمرار حرب الإبادة الجماعية الممنهجة التي تقوم بها قوات جيش الإحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في أنحاء الأراضي الفلسطينية، وخاصة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، حيث أفضت هذه الحرب إلي خسائر فادحة في الأرواح، وكان من بين ضحايا هذه الحرب أكثر من مائة ألف مواطن فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود تحت أنقاض المنازل أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال والشيوخ.
وأضاف أنه وفقا للإحصائيات الدولية جرى تدمير حوالي 80% من إجمالي مباني قطاع غزة وتدمير شبكات البنية التحتية والمرافق الخدماتية والحيوية والمستشفيات والمدارس والجامعات والمخابز ومستودعات الأدوية والأغذية وخزانات المياه والمساجد والكنائس.
وبين أن “حوالي 65 ألف وحدة سكنية تم تدميرها بشكل كلي، وحوالي 290 الف وحدة سكنية بشكل جزئي”، كما جرى تشريد أكثر من مليون و900 ألف مواطن باتوا بدون مأوى ويعيشون أخطر كارثة إنسانية بسبب العدوان المستمر والنقص الحاد في الغذاء والمياه والدواء.
وأشار إلى إن الحرب على الشعب الفلسطيني تستهدف جميع أبناء الشعب الفلسطيني ولا تميز بين مواطن وآخر لا على أساس سياسي أو تنظيمي، وتستهدف الأطفال والنساء والشيوخ والطواقم الطبية ورجال الدفاع المدني والصحفيين والعاملين في المنظمات والمؤسسات الدولية، وسيارات الإسعاف والكوادر الصحية، كما نوه إلى الاعتقالات اليومية للمواطنين الفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة والذين وصل عددهم نحو 5 آلاف معتقل منذ أكتوبر 2023.
حرب الإبادة الجماعية
وطالب السفير الفلسطيني بوقف حرب الإبادة الجماعية الممنهجة الدموية التي تشنها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني بشكل فوري وعاجل ومستدام، كما طالب بفتح ممرات إنسانية وإغاثة الشعب الفلسطيني الذي يعيش خطر كارثة إنسانية تهدد حياة الاطفال والنساء والشيوخ والمواطنين الفلسطينيين كافة، وبتوفير حماية دولية عاجلة للشعب الفلسطيني من قوات الاحتلال الإسرائيلي وإرهاب عصابات المستوطنين برعاية وحماية من الجيش الاسرائيلي وقوات شرطته.
في السياق ذاته قال المستشار أيمن فؤاد الخبير في مجال حقوق الإنسان، إن الحديث عن الكيل بمكيالين، بات متكررًا وأن جرائم الإبادة العرقية باتت أكثر تطورًا عما ذي قبل، مشيرا إلى تحكم الدول الغربية في منظومة الأمم المتحدة وأن الأمين العام الأسبق بطرس غالي هو الوحيد من بين الأمناء المنظمة الدولية الذي لم يتولي إلا لفترة واحدة، بسبب نشره تقريرا عن مذ/بحة قانًا الذي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي.
في الإطار ذاته قال الدكتور خليل ابراهيم الحمداني من إدارة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية، إن هناك خمس دول عربية شاركت في صياغة وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من بينهم جمهورية مصر العربية، مشيرا إلى أهمية الحفاظ على وثيقة الإعلان كمجموعة من المبادئ الضامنة لحقوق الإنسان لكنه في الوقت نفسه اشار إلى الخلط بين حقوق الإنسان والسياسية والذي أفضى الي استخدام حقوق الإنسان كسلاح سياسي بشكل انتقائي.
من جانبها قالت ندي أمين من إدارة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية، إن الهيئات الإقليمية عليها تكثيف جهودها لإحتواء التحديات التي تواجه الإعلان: مثل الحقوق الرقمية وتغير المناخ وتحديات صحية، مضيفة: “يمكن أن يكون لجامعة الدول العربية دور في تعزيز الوعي حول التحديات، من خلال التعاون مع مؤسسات دولية ومنظمات لتعزيز حلول وتقديم برامج توعوية”.
من جهته أكد أحمد بسيوني المساعد بجامعة انديانًا بالولايات المتحدة، أنه جرى الاستيلاء على فكرة حقوق الانسان وإن بعض الدول الكبرى استخدمت حقوق الإنسان كذريعة للتدخل في شؤون دول أخرى، مشددا على أن غياب الأمن هو أيضا تحدي ومن المحتمل أن يزيد بسبب تغير المناخ، مختتما كلمته بأن الإعلان العالمي هو مشروع لم ينته بعد، وعلينا التمسك بهذه الوثيقة.
في الأخير قالت ملك عزت عضو هيئة التدريس بجامعة نيو جيزة، إن تأثير الإعلان العالمي مازال محدودًا لكن يمكن استخدام وثيقة الإعلان لإحراج الدول التي تنتهك المبادئ الواردة فيه.
توصيات الحلقة النقاشية
وفي ختام الحلقة قدمت مارينا صبري مديرة وحدة الاليات الدولية بمؤسسة ماعت ملخص لعدد من التوصيات من أهمها؛ عدم اليأس من القانون الدولي لحقوق الإنسان والعمل على التمسك بوثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بجانب ضرورة قيام الهيئات الإقيلمية مثل جامعة الدول العربية بدور أكبر في تفعيل وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من خلال برامج توعوية، وكذلك ضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.