تبدأ مع الساعات الأولى من صباح غدٍ الثلاثاء، دخول خير أيام الأرض قاطبة حيث يوم عرفة ، اليوم التاسع من شهر ذي الحجة لعام 1444 هجريًا، وفي الحديث عن يوم عرفة وفضله ودعائه، ومتى يبدأ الدعاء يوم عرفة ومتى ينتهي لغير الحاج، بينت المملكة العربية السعودية أن غدا الثلاثاء الموافق الميلادي ليوم عرفة 2023.
وفي التقرير التالي نوضح خير ما يقال في يوم الحج الأعظم، متى يبدأ الدعاء يوم عرفة ومتى ينتهي لغير الحاج.
فضل الدعاء يوم عرفة
بينت دار الإفتاء المصرية، فضل يوم عرفة، حيث وردت أحاديث عدة تبيّن هذا الفضل؛ ففي “صحيح مسلم” عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». ومعنى الحديث أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب السنة الماضية، ويَحُول بين صائمه وبين الذنوب في السنة الآتية بإذن الله.
ويبدأ يوم عرفة من فجر الثلاثاء وينتهي بغروب شمسه، وحول صوم يوم عرفة مستحب لغير الحاجِّ، ويكره صيامه للحاجِّ إن كان يضعفه الصومُ عن الوقوف والدعاء؛ جاء في “تحفة الفقهاء” للعلامة السمرقندي (1/ 343، ط. دار الكتب العلمية): [وَأما صَوْم يَوْم عَرَفَة فِي حق الْحَاج: فَإِن كَانَ يُضعفهُ عَن الْوُقُوف بِعَرَفَة ويخل بالدعوات فَإِن الْمُسْتَحبَّ لَهُ أَن يتْرك الصَّوْم؛ لِأَن صَوْم يَوْم عَرَفَة يُوجد فِي غير هَذِه السَّنة، فَأَما الْوُقُوف بِعَرَفَة فَيكون فِي حق عَامَّة النَّاس فِي سنة وَاحِدَة، وَأما إِذا كَانَ لَا يُخَالف الضعْف فَلَا بَأْس بِهِ، وَأما فِي حق غير الْحَاج فَهُوَ مُسْتَحبٌّ؛ لِأَن لَهُ فَضِيلَة على عَامَّة الْأَيَّام] اهـ.
وجاء في “بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع” (2/ 79، ط. دار الكتب العلمية): [وَأَمَّا صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ: فَفِي حَقِّ غَيْرِ الْحَاجِّ مُسْتَحَبٌّ؛ لِكَثْرَةِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالنَّدْبِ إلَى صَوْمِهِ، وَلِأَنَّ لَهُ فَضِيلَةً عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَيَّامِ، وَكَذَلِكَ فِي حَقِّ الْحَاجِّ إنْ كَانَ لَا يُضْعِفُهُ عَنْ الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقُرْبَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ يُضْعِفُهُ عَنْ ذَلِكَ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُهَا فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّنَةِ] اهـ.
وجاء في حاشية الصاوي المالكي على الشرح الصغير “بلغة السالك لأقرب المسالك” (1/ 691، ط. دار المعارف): [(وَ) نُدِبَ (صَوْمُ) يَوْمِ (عَرَفَةَ لِغَيْرِ حَاجٍّ)، وَكُرِهَ لِحَاجٍّ؛ أَيْ: لِأَنَّ الْفِطْرَ يُقَوِّيهِ عَلَى الْوُقُوفِ بِهَا] اهـ.
يوم السبق إلى مغفرة الله تعالى
جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وكادت الشمس أن تؤوب، فقال: (يا بلال! أنصت لي الناس) فقام بلال، فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصت الناس، فقال: (معاشر الناس، أتاني جبريل آنفًا، فاقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات) فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاص، فقال: (هذا لكم، ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة) فقال عمر رضي الله عنه: كثر خير الله وطاب).ابن عبد البر
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، إنه ليدني، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء). مسلم
و عن جابر رضي الله عنه، مرفوعاً أيضاً: (ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة، ينـزل الله تعالى إلى سماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول: انظروا إلى عبادي، جاؤوني شعثاً غبراً ضاجِّين، جاؤوا من كل فج عميق، يرجون رحمتي، ولم يروا عقابي، فلم يُرَ يوماً أكثر عتقاً من النار، من يوم عرفة) ابن خزيمة
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل قولي وقول الأنبياء قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ) .
أعمال يوم عرفة للحاج
أما الحجَّاج فيذهبون إلى جبل عرفات في “يوم عرفة”؛ فإذا طلعت الشمس يوم التاسع يُسْتَحَبُّ للحاجّ التبكير في الذهاب إلى عرفة، إن لم يكن قد ذهب إليها في اليوم الثامن، وينبغي عليه أن يتأكد أنَّه داخل حدود عرفة؛ لأنَّ الحجّ عرفة، بل هو ركن الحج الأعظم، ولا يصحّ الحجّ بدونه، ولا يُقضى إن فات، ولا شيء يجبره من هدي أو صيام.
ويُصَلّي هناك الظهر والعصر جمع تقديم مع القصر، وهذا من السنة، لكن إن صلاهما جمع تأخير أو صلى كل صلاة في وقتها فلا شيء عليه.
وينتظر الحاج في عرفة إلى غروب الشمس، ويُسْتَحَبُّ له أن يكثر من الذكر والدعاء مُسْتَقْبِلًا القبلة.
والوقوف بعرفة مُمْتَدٌّ إلى طلوع الفجر من يوم العاشر؛ فمَنْ أدرك عرفة في أي جزء من الليل قبل الفجر صحّ وقوفه بها، ولا يُشْتَرَطُ للوقوف الطهارة.
الوقوف بمزدلفة:
ثم يذهب الحاجّ بعد الغروب إلى مزدلفة، ومن السنة أن يصلي بها المغرب والعشاء والفجر، ثم يمكث فيها للدعاء والذكر إلى قرب طلوع الشمس من يوم العاشر.
والوقوف بمزدلفة عند الحنفية سنة مؤكدة، وعند الشافعية والحنابلة واجب، لكنهم رخصوا في الدفع بعد منتصف الليل، والمراد نصف الليل الشرعي وهو نصف ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر؛ فيحسب الوقت ما بين الغروب والفجر، ثم يقسم على اثنين، ثم يضاف خارج القسمة من الساعات إلى وقت المغرب فيكون هذا هو وقت نصف الليل.
ويتحقق الوقوف بمزدلفة عند المالكية بمقدار “حط الرحال” وهو وقت يتسع لإنزال الأمتعة؛ لأنّ (الحط) معناه: الإنزال، و(الرحل): هو مَا يوضع على ظهر الْبَعِير للرُّكُوب وكل شَيْء يُعَدُّ للرحيل من وعَاء للمتاع وَغَيره ومسكن الْإِنْسَان وَمَا يَسْتَصْحِبُهُ من الأثاث.
وبعضهم قيَّده “بقدر حطّ الرحال وصلاة العشاءين، وتناول شيء من أكل فيها أو شرب”.
وبقول المالكية نفتي في دار الإفتاء المصرية، فمَنْ أراد عدم المكث في المزدلفة، فليقلد من أجاز، بحسب ما ذكرنا، ومن أراد أن يترخص في الانطلاق من مزدلفة بعد منتصف الليل لرمي جمرة العقبة، فله ذلك خاصة للضعيف الذي لا يستطيع مزاحمة الناس.
فإذا دفع من مزدلفة بعد منتصف الليل فله أن يذهب لرمي جمرة العقبة، وكذلك له أن يذهب إلى مكة ليطوف ويسعى، ولو قبل الفجر إذا كان بعد منتصف الليل.
ومذهب الشافعية والحنابلة أنَّ أول وقت جواز الطواف: هو بعد منتصف ليلة النحر، واتفق الحنفية والمالكية على أنَّ أول وقت طواف الإفاضة: هو طلوع الفجر الثاني يوم النحر، فلا يصحّ قبله.
دعاء يوم عرفة مستجاب
اللهم إني أسالك سؤال مقترف مذنب قد اوبقته ذنوبه، واوثقته عيوبه، فطال على الخطايا دؤوبة، ومن الرزايا خطوبه، يسألك التوبة وحسن الاوبة والنزوع عن الحوبة، ومن النار فكاك رقبته، والعفو عما في ربقته، فانت مولاي أعظم أمله وثقته.
اللهم أسالك بمسائلك الشريفة، ووسائلك المنيفة أن تتغمدني في هذا الشهر برحمة منك واسعة، ونعمة وازعة، ونفس بما رزقتها قانعة، الى نزول الحافرة ومحل الآخرة وما هي إليه صائرة .
يا من توحد بالملك فلا ند له في ملكوت سلطانه، وتفرد بالآلاء والكبرياء فلا ضد له في جبروت شأنه، يا من حارت في كبرياء هيبته دقائق لطائف الاوهام، وانحسرت دون ادراك عظمته خطائف ابصار الانام، يا من عنت الوجوه لهيبته، وخضعت الرقاب لعظمته، ووجلت القلوب من خيفته، اسالك بهذه المدحة التي لا تنبغي إلا لك.
رَبِّ اشرَح لي صَدري * وَيَسِّر لي أَمري * وَاحلُل عُقدَةً مِن لِساني * يَفقَهوا قَولي.
اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء، وبقوتك التي قهرت بها كل شيء، وخضع لها كل شيء، وذل لها كل شيء، وبجبروتك الذي غلبت بها كل شيء، وبعزتك التي لا يقوم لها شيء، وبعظمتك التي ملأت أركان كل شيء وبسلطانك الذي علا كل شيء وبوجهك الباقي بعد فناء كل شيء، وبأسمائك التي غلبت أركان كل شيء، وبعلمك الذي أحاط بكل شيء، وبنور وجهك الذي أضاء له كل شيء، يا نور يا قدوس، يا أول الأولين ويا آخر الآخرين.
اللهم إني أسألك سؤال خاضع متذلل خاشع ان تسامحني وترحمني وتجعلني بقسمك راضيا قانعا وفي جميع الاحوال متواضعا.
اللهم أسألك سؤال من اشتدت فاقته، وانزل بك عند الشدائد حاجته، وعظم فيما عندك رغبته، اللهم عظم سلطانك وعلا مكانك وخفي مكرك وظهر امرك، وغلب جندك وجرت قدرتك، ولا يمكن الفرار من حكومتك.