تواصل الحكومة مساعيها لحل أزمة نقص العملة (الدولار)، من خلال إبرام الاتفاقيات والشراكات مع عدد من الدول والكيانات لجذب استثمارات أجنبية مباشرة تساهم في زيادة التدفقات من النقد الأجنبي، إضافة إلى تنفيذ برنامج الإصلاح المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
وأعلنت الحكومة عن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد للحصول على قرض جديد للمساهمة في حل أزمة النقد الأجنبي ومعالجة الفجوة التمويلية التي قدّرها الصندوق بنحو 17 مليار دولار، نقلا عن (سي إن إن عربية).
قرض صندوق النقد الدولي
وتتطلع الحكومة للانتهاء من مراجعة مؤشرات الاقتصاد المصري من قبل بعثة صندوق النقد الدولي خلال الربع الأول من عام 2024، وذلك في إطار تفاوضها مع الصندوق لزيادة قيمة القرض الحالي البالغ ثلاثة مليارات دولار، وفقًا لتصريحات مصدر مسئول بوزارة المالية المصرية.
وأوضح المصدر، أن الحكومة تعمل مع الصندوق على صياغة اتفاق يضمن لمصر زيادة قيمة القرض من ثلاثة إلى عشرة مليارات دولار، مضيفا: “لقد اتفقنا على دمج المراجعة الأولى والثانية للبرنامج في الوقت نفسه”، مشيرًا إلى أن الحكومة تسعى لإتمام المراجعة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، بداية العام المقبل، والتي كان من المقرر إتمامها خلال الربع الأول من العام الحالي.
وكانت الحكومة قد أعلنت مؤخرًا التوصل إلى اتفاق- على مستوى الخبراء- مع صندوق النقد، في أكتوبر من العام الماضي، للحصول على قرض جديد للمساهمة في حل أزمة النقد الأجنبي ومعالجة الفجوة التمويلية التي قدرها الصندوق بنحو 17 مليار دولار.
وقال الدكتور محمد معيط وزير المالية، مطلع ديسمبر الجاري، إن الاحتياجات التمويلية الخارجية لمصر يحددها البنك المركزي المصري؛ لأنها تتغير بشكل دوري، ولا يمكن حصرها بين 3 إلى 6 مليارات دولار.
وأضاف وزير المالية في تصريحات تلفزيونية من الإمارات، أن عملية مراجعة الاقتصاد المصري، كان من المفترض أن تتم خلال نوفمبر الماضي لكن هذا لم يحدث، ومصر تعمل بشكل جيد مع صندوق النقد الدولي، والعلاقة مع صندوق النقد ممتدة والمشاورات متواصلة.
موعد قرض صندوق النقد
وأوضح وزير المالية، أن التصريحات الصادرة عن كريستالينا جورجيفيا مديرة صندوق النقد الدولي، تصريحات إيجابية وقريبا سنسمع أخبارا جيدة عن التعاون مع صندوق النقد الدولي، رافضا الإدلاء بأي تصريحات حول حقوق السحب الخاصة (شرائح القروض) التي يمكن الحصول عليها من صندوق النقد الدولي.
وذكر وزير المالية أن صندوق النقد الدولي عبر عن رغبته في زيادة التمويل الممنوح لمصر، وتنتظر مصر القرار في هذا الشأن، والصندوق لديه قواعده الخاصة في التمويل.
وأشار إلى أن حديث صندوق النقد الدولي عن خفض التضخم في مصر، أمر واقعي يحدث في كل دول العالم والمواطنون في كل أنحاء العالم أنظارهم تتجه نحو القوى الشرائية، وحال عدم السيطرة على التضخم فإن السياسات المالية للدول تضطرب بسبب التضخم المرتفع، بفعل الفائدة المرتفعة وتمويلات عجز الموازنة وبرامج الحماية الاجتماعية، مشيرا إلى أن مصر تدرس إصدار سندات استدامة بالروبية الهندية بقيمة قد تصل إلى مليار دولار في 2024.
وكان وزير المالية صرح بأن السنة المقبلة ستشهد إصدار صكوك جديدة، مؤكدًا أن مصر أصدرت صكوكا بقيمة 1.5 مليار دولار خلال 2023، كما قامت خلال العام الحالي بإصدار سندات بـ 500 مليون دولار في اليابان وسندات بقيمة 500 مليون دولار في الصين مشيرًا إلى أن الوزارة تدرس إصدار سندات استدامة بالروبية الهندية.
وبدأ موقف صندوق النقد الدولي أقل تشددا بكثير تجاه التعامل مع مشكلة ازدواج سعر الصرف في مصر، إذ أكدت مديرة الصندوق أن “مؤسستها بصدد دعم مصر وبكل قوة مع إعطاء الأولوية لمكافحة التضخم”.
وقالت كريستالينا جورجييفا مديرة صندوق النقد الدولي في حوار مع قناة “سكاي نيوز عربية” على هامش قمة المناخ (COP28) في الإمارات، إن الصندوق سيرفع “على الأرجح” حجم قرضه إلى مصر، وسيعمل على مكافحة التضخم فيها، ثم “سنلقي نظرة على نظام سعر الصرف”.
إصلاح السياسات النقدية
ونجحت مصر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في اتخاذ خطوات جادة لإصلاح السياسة النقدية للبلاد، وكانت البداية بتحرير سعر الصرف في مطلع نوفمبر 2016، ليتم تسعيره وفقًا لقوى العرض والطلب، ونجحت هذه الإجراءات في زيادة الاحتياطي النقدي للشهر الـ14 على التوالي ليصل إلى 35.102 مليار دولار مليار دولار في نهاية أكتوبر، وتحقيق فائض كلي في ميزان المدفوعات خلال السنة المالية 2022 -2023 بلغ 882.4 مليون دولار مقابل عجز كلي بلغ 10.5 مليار دولار خلال السنة المالية السابقة.
كما أدت زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال عام 2022 إلى 8.9 مليار دولار، لتحقق مصر المركز الأول على مستوى دول شمال إفريقيا في مؤشر التدفقات الواردة من الاستثمار الأجنبي والأولى عربيًا من حيث نمو الاستثمارات الأجنبية.
واستهدف البنك المركزي من تلك السياسات إصلاح التشوه السعري بسوق الصرف والقضاء على السوق الموازية، وتمكين الدولة من توفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع الأساسية والوفاء بالتزاماتها نحو الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصرية، وبناء الاحتياطي الأجنبي لمستويات ما قبل أحداث يناير ليغطي الواردات لمدة 6 أشهر على الأقل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والسيطرة على الموجة التضخمية الناتجة عن تحرير سعر الصرف، وتحقيق مستهدفات السياسة النقدية في استقرار الأسعار على الأجل المتوسط.