أنهت أسعار الذهب العالمية، أن تنهي تداولات الأسبوع الماضي على ارتفاع طفيف، بعد التراجع الذي سيطر على أسعار الذهب معظم فترات الأسبوع، وجاء الارتفاع الأخير في الذهب نتيجة تراجع الدولار الأمريكي وتزايد الطلب على الملاذ الآمن قبل اجتماع البنك الفيدرالي المنتظر خلال الأسبوع القادم.
أغلقت أسعار الذهب الفورية تداولات الأسبوع الماضي عند المستوى 1923 دولار للأونصة ليسجل الذهب ارتفاع خلال الأسبوع بنسبة 0.3%، يأتي هذا بعد أن ارتفع الذهب يوم الجمعة وحده بنسبة 0.7% ليربح 13 دولار في سعر الأونصة.
وأشار التقرير الفني لجولد بيليون إلى أن ضعف الدولار الأمريكي ساهم في تزايد الطلب على الذهب بالإضافة إلى ارتفاع الطلب على الملاذ الآمن بسبب قيام نقابة عمال السيارات في الولايات المتحدة بعمل إضرابات متزامنة في ثلاث مصانع فيما يعد أكبر اضراب عمالي منذ عقود.
وساعد هذا على زيادة الطلب على الذهب كملاذ آمن في الأسواق، خاصة بعد أن اكتسب الذهب القوة الكافية للارتفاع حيث استطاع الثبات فوق المستوى النفسي 1900 دولار للأونصة مما ساعده على العودة للارتفاع لأعلى.
وشهد الأسبوع الماضي صدور بيانات التضخم الأمريكية التي شهدت ارتفاع بأعلى من المتوقع وبالتالي زاد هذا من التوقعات أن البنك الفيدرالي الأمريكي سيستمر في الحفاظ على الفائدة عند مستويات مرتفعة لفترة أطول من الوقت حتى في حالة تثبيته أسعار الفائدة كما هو متوقع خلال الأسبوع القادم، وهو ما يعد أمر سلبي بالنسبة لأسعار الذهب.
التوقعات الآن تشير إلى احتمال بنسبة 97% أن يقدم البنك الفيدرالي على تثبيت الفائدة خلال اجتماع شهر سبتمبر، واحتمال بنسبة 60% تقريباً أن تبقى أسعار الفائدة دون تغيير خلال بقية العام.
الذهب يصمد أمام ارتفاع عوائد السندات
ورغم أن مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية انخفض يوم أمس بنسبة 0.1% ولكنه أنهى الأسبوع الماضي على ارتفاع بنسبة 0.2%، وارتفاع العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات خلال الأسبوع الماضي بنسبة 1.6% ليقترب من أعلى مستوى منذ أكثر من 15 عام إلا أن الذهب نجح في تحقيق ارتفاع في تداولات الأسبوع.
ارتفاع العائد على السندات الحكومية يؤدي إلى جذب الاستثمارات بعيداً عن سوق الذهب، بالإضافة إلى أن قوة الدولار الأمريكي تؤثر بالسلب على سعر الذهب بسبب العلاقة العكسية بينهما منذ كون الذهب سلعة تسعر بالدولار.
وعلى الرغم من هذا استطاع سعر الذهب العالمي أن يغلق الأسبوع الماضي على ارتفاع ليعود إلى التداول في المنطقة المحايدة تحت المستوى 1930 دولار للأونصة، وتنتظر الأسواق الآن اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي خلال الأسبوع المقبل لمعرفة مستقبل أسعار الفائدة حتى نهاية العام، وفق تحليل جولد بيليون.
استقرار المعروض العالمي من الذهب
ارتفعت المعروض العالمي من الذهب بمقدار 0.8% على أساس سنوي خلال الفترة من يناير إلى مارس 2023 ليصل إلى 1174 طن من الذهب، حيث ارتفع إنتاج مناجم الذهب على مستوى العالم بنسبة 1.5% على المستوى السنوي ليصل إلى مستوى قياسي عند 856 طن، وفق بيانات مجلس الذهب.
إنتاج الذهب في الصين أكبر دولة منتجة للذهب في العالم ارتفع بنسبة 1.9% على أساس سنوي إلى 85 طنًا في الربع السنوي المنتهي في مارس 2023.
ومن المتوقع أن يستقر المعروض العالمي من الذهب عند حوالي 4800 طن في الفترة حتى عام 2025 مع زيادة إنتاج مناجم الذهب العالمية.
في المقابل أشار مجلس الذهب العالمي إلى ارتفاع في الطلب الفعلي على الذهب في قطاع التجزئة، فقد ارتفعت مبيعات العملات الذهبية في الولايات المتحدة إلى 85500 أونصة في أغسطس، كما يتزايد الطلب على الذهب في الصين أيضاً بسبب ضعف العملة الرسمية اليوان وتقلب أسواق الأسهم مما يزيد الطلب على الذهب في المقابل كملاذ آمن.
ارتفعت علاوة الذهب الفورية في الصين إلى مستوى مرتفع بلغ 60 دولارًا أمريكيًا للأونصة في أغسطس قبل أن تعود إلى 37 دولارًا أمريكيًا للأونصة. وتعتبر علاوة الذهب هي تكلفة التسليم الفعلي للذهب وتضاف على سعر البيع، وارتفاع قيمتها في الصين أكبر مستهلك للذهب في العالم يعكس ارتفاع الطلب في الوقت الذي يشهد فيه المعروض من الذهب في الصين تراجع بسبب قيود الواردات التي وضعتها الحكومة الصينية.
وترى جولد بيليون، أن ارتفاع الطلب الفعلي على الذهب في الصين من شأنه أن يبقي علاوة الذهب الفورية مرتفعة خلال الربع الرابع من العام الجاري، حتى مع التوقعات بارتفاع واردات الذهب في الصين خلال الشهر المقبل.
من المتوقع أيضاً أن تستمر مشتريات البنوك المركزية من الذهب في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية، حيث من المتوقع أن يرتفع الطلب عند 750 طنًا لعام 2023 ولكنه لن يصل إلى المستوى القياسي البالغ 1080 طنًا الذي تم تسجيله في عام 2022.
أسعار الذهب في مصر:
انخفضت أسعار الذهب عالميا خلال الأسبوع الماضي في ظل تحركات في نطاق ضيق يميل إلى الهبوط، وذلك على الرغم من التذبذب في السعر العالمي للذهب، حيث يستمر الترقب والحذر في السيطرة على تحركات الذهب المحلي.
افتتحت أسعار الذهب تداولات اليوم السبت عند المستوى 2185 جنيه للجرام عيار 21 الأكثر شيوعاً وذلك بعد ان أغلقت جلسة أمس عند المستوى 2188 جنيه للجرام، بينما سجل سعر الجنيه الذهب اليوم 17480 جنيه.
خلال الأسبوع الماضي انخفضت أسعار الذهب بمقدار 12 جنيه للجرام حيث افتتح الأسبوع عند المستوى 2200 جنيه للجرام وأغلق أمس الجمعة عند 2188 جنيه للجرام وقد سجل أدنى مستوى خلال الأسبوع عند 2185 جنيه للجرام، وفق رصد جولد بيليون.
ضعف الطلب على الذهب ساعد الأسعار على التراجع وجاء التراجع تدريجي بسبب تفضيل اغلبية المشاركين في الأسواق الانتظار والترقب للأحداث القادمة، وبالتالي كانت تحركات الهبوط في سعر الذهب هادئة.
من جهة أخرى يسيطر على الأسواق المحلية حالياً مخاوف متعلقة بمستقبل سعر صرف الجنيه في ظل عدم وضوع سياسة البنك المركزي المصري تجاه العملة، والضغوط الخارجية المستمرة في المطالبة بخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار.
وحتى الآن لم تصدر تصريحات رسمية من الحكومة أو البنك المركزي بخصوص ميعاد مراجعة صندوق النقد الدولي أو ميعاد خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار، وهو ما زاد من هدوء الأسواق وتراجع المشاركة سواء بالبيع أو الشراء ليستمر الترقب هو المسيطر على السوق.
الضغوط مستمرة في التزايد على الجنيه المصري بسبب ضعف السيولة الدولارية وعدم اليقين بشأن استمرار دعم صندوق النقد الدولي لمصر بعد تأجيل مراجعته الأولى والتي كان مقرر لها منتصف شهر مارس الماضي.
توقعت مؤسسة فيتش سوليوشن أن يتراجع الجنيه المصري مقابل الدولار بنسبة تقترب من 20% قبل نهاية العام، وأشارت في تقريرها أن تحرير سعر الصرف سيكون العامل الأساسي لعودة الأموال الساخنة والاستثمار في أداوت الدين المصرية. بالإضافة إلى زيادة الطلب على شراء حصص الحكومة في الشركات المطروحة للبيع وشهادات الإيداع الخاصة بالبنك التجاري الدولي المتداولة في بورصة لندن تسعر الدولار عند 46 جنيه مقارنة مع سعر سهم البنك التجاري المتداول في البورصة المصرية، الأمر الذي يدل على وجود فجوة تسعيرية كبيرة للدولار بين السعر الرسمي المستقر عند 30.95 جنيه للدولار وبين السعر خارج البنوك.
ويرى معهد التمويل الدولي ان سعر صرف الجنيه المصري مقيم بأعلى من قيمته الحقيقية بنسبة 10% الأمر الذي يدعم فكرة تحرير سعر الصرف التي تطالب بها المؤسسات العالمية وصندوق النقد الدولي.
كل هذه العوامل تزيد من عدم اليقين في السوق المحلي، فوسط المطالبات الدولية بخفض قيمة الجنيه نجد ان الرغبة السياسية بعيدة عن هذا وهو ما اتضح من تصريح الرئيس المصري أن سعر الصرف يعد أمن قومي لمصر.
الفترة القادمة قد تشهد استمرار التحركات الضعيفة والحذرة في سوق الذهب في انتظار ما ستسفر عنه تحركات البنك المركزي المصري بخصوص سعر الصرف.
توقعات أسعار الذهب العالمية والمحلية
أغلقت أسعار الذهب بشكل إيجابي خلال الأسبوع الماضي فوق المستوى 1918 دولار للأونصة بعد أن فشلت في كسر منطقة المقاومة حول 1930 دولار للأونصة، والآن يتحرك الذهب في منطقة حيادية قبل اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي.
استطاع الذهب خلال اختباره الأخير للمستوى النفسي 1900 دولار للأونصة أن يجمع زخم إيجابي وقدرة على الصعود قد تساعده خلال الفترة القادمة في اختراق منطقة المستوى 1930 دولار للأونصة التي تفتح الباب لمستويات 1950 دولار للأونصة.
وبالنسبة لأسعار الذهب محلياً فالمتوقع المزيد من التراجع التدريجي واستمرار تحرك السعر في نطاقات ضيقة وصولاً إلى المستهدف الأول عند 2150 – 2155 جنيه للجرام عيار 21، وذلك في ظل استمرار الضغط السلبي وعدم اليقين في الأسواق.
الأسواق في انتظار الحافز المناسب ليزيد من زخم تحركات الذهب التي تشهد ضعف في الزخم خلال الفترة الأخيرة. ولكن حتى حدوث هذا فإن الأسعار تشهد تراجع تدريجي متأثرة بضعف الطلب حالياً في أسواق الذهب
إخلاء مسؤولية 📢
التقارير الفنية ليست توصية للبيع أو الشراء إنما هي وجهة نظر من مختصين بناءً على معطيات فنية واقتصادية.