قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الله سبحانه وتعالى بشّر المؤمنين، وأمر نبيه الكريم ﷺ أن يبشر المؤمنين، وبشرى المؤمنين تقتضي منك أن تدخل في دائرتهم كما وصف ربنا سبحانه وتعالى في كتابه، وفصّل رسوله ﷺ في سنته فإذا أنت دخلت في دائرتهم فلك الفلاح في الدنيا، ولك النجاح فيها، ولك الفلاح في الآخرة، ولك النجاح فيها.
فتح الباب للمؤمنين من غير المجاهدين أن يدخلوا الجنة
وأوضح علي جمعة تحت عنوان “وبشر المؤمنين”: عباد الله أمرنا ربنا سبحانه وتعالى بعبادته، واشترى منا أنفسنا وأموالنا بأن لنا الجنة، وفتح الباب للمؤمنين من غير المجاهدين أن يدخلوا الجنة أيضا ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ المُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الفَوْزُ العَظِيمُ﴾ [التوبة:111].
وتابع علي جمعة أعلى الله قيمة المجاهدين، وبشّرهم بالجنة بعد أن اشترى منهم أنفسهم وأموالهم ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ﴾ سبحانه وتعالى ﴿قُلْ صَدَقَ اللهُ﴾ [آل عمران:95]، ولكن الجهاد لا يناله كل أحد، فرسم لك الله سبحانه وتعالى في الآية التي بعدها طريق الرحمن، فقال تعالى: ﴿التَّائِبُونَ العَابِدُونَ الحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآَمِرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنْكَرِ وَالحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة:112]، فإذا لم يمُنّ الله سبحانه وتعالى بالجهاد في سبيله فقد منّ علينا ببيان تلك الصفات التسع التي ذكرها سردًا، وبشّر في نهايتها المؤمنين، فوسّع الباب سبحانه وتعالى لأنه رؤوفٌ رحيم.
وشدد علي جمعة أنه يجب أن تتوب من الشرك ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ [يوسف:106]، أخرج السوى من قلبك فلا تعبد إلا ربنا، أخرج السوى من قلبك فلا تعتمد إلا عليه ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة:5]، استعن بالله وحده فهو الذي ﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ [البقرة:107]، هل تعرف كيف تتوب من الأكوان؟ وتُخرج الدنيا من قلبك، وتجعلها في يدك؟ هل تُحسن أن تُقلع عن الذنوب بعد أن جعلت قلبك لله وحده؟ هل تُحسن أن تتوب عن السوى فلا تسأل إلا الله، ولا تتوكل إلا على الله، ولا تخف إلا من الله؟ هل تستطيع أن تتوب؟