غاب وزير الخارجية الصيني تشين غانغ عن الحيز العام منذ زهاء شهر، مما أثار تكهنات واسعة عن أسباب غيابه عن المشهد في وقت تشهد فيه بكين حراكا دبلوماسيا خصوصا لجهة علاقتها مع الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، بثت وكالة الصحافة الفرنسية تقريرا تضمن معلومات عن الوزير الغائب -وفق الوكالة- منذ أواخر يونيو/حزيران الماضي، وكذلك تساؤلات عمن يخلفه في غيابه، وعن أصداء هذا الغياب.
من تشين غانغ؟
عُيّن تشين غانغ وزيرا للخارجية في ديسمبر/كانون الأول 2022، وهو من المقربين من الرئيس الصيني شي جين بينغ وأحد كاتمي أسراره.
وقبل ذلك، أمضى الدبلوماسي البالغ من العمر 57 عاما، سنوات عدة في السفارة الصينية لدى لندن، وهو يتحدث الإنجليزية بطلاقة.
ويعتبر تشين غانغ أحد “الذئاب المقاتلة”، وهي التسمية التي اصطلح على اعتمادها لوصف جيل من الدبلوماسيين الصينيين الذين غالبا ما يلجؤون إلى تصريحات حادة للرد على الانتقادات الغربية لبكين.
وقال تشين عام 2020 إن صورة الصين في الغرب تراجعت، لأن الأوروبيين والأميركيين -لاسيما في وسائل إعلامهم- لم يقبلوا مطلقا النظام السياسي للصين أو صعودها الاقتصادي عالميا.
وقبل تعيينه وزيرا، كان سفيرا للصين في واشنطن، في منصب عزز من خلاله حضوره العلني عبر المشاركة في مناسبات عامة وإطلالات إعلامية متكررة لشرح موقف بلاده من قضايا عدة.
وبعد تعيينه وزيرا، حفل جدول أعماله بزيارات إلى دول في أفريقيا وأوروبا وآسيا الوسطى، إضافة إلى استضافة كثير من الزوار الأجانب في بلاده.
أين هو؟
يعود الظهور العلني الأخير لتشين غانغ إلى 25 يونيو/حزيران الماضي حين التقى في بكين أندري رودنكو نائب وزير الخارجية الروسي.
لكن التكهنات بشأن وضعه بدأت في أعقاب غيابه عن اجتماع عالي المستوى لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في إندونيسيا بعد آخر ظهور له بأسبوعين.
وأكدت وزارة الخارجية الصينية أن “أسبابا صحية” تقف وراء ذلك.
إلا أن هذه التصريحات لم تخفف من حدة التكهنات، خصوصا أن الوزارة تجاهلت منذ ذلك الحين أي أسئلة إضافية بشأن الوزير.
وكتب المعلق في صحيفة “غلوبال تايمز” الرسمية هو شينغين إن “الجميع قلق بشأن أمر لا يمكن نقاشه بشكل علني”.
وشدد عبر منصة “ويبو” الاجتماعية في الصين على أهمية “إيجاد توازن بين الحفاظ على الوضع (الرسمي) واحترام حق الجمهور بالمعرفة”.
من يمثل الصين في غيابه؟
ترك غياب تشين غانغ فراغا على رأس وزارة الخارجية الصينية، وبدأ ينعكس على جدول أعمال زوار بكين الأجانب.
وبشكل غير متوقع، أرجئت هذا الشهر زيارة لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وكذلك أوردت وكالة بلومبيرغ أن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قام بخطوة مماثلة بسبب غياب وزير الخارجية الصيني.
ورغم أن تشين غانغ هو وزير الخارجية، فإن سلفه وانغ يي يحتل مركزا أعلى في الهرم الدبلوماسي، إذ يشغل منصب مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وهو كبير دبلوماسيي البلاد.
وتولى وانغ يي بعضا من مسؤوليات وزير الخارجية خلال الفترة الأخيرة، ومثّل بلاده في اجتماع لدول منظمة بريكس بشأن قضايا أمنية في جنوب أفريقيا.
وتؤكد الصين أن الأمور تجري كالمعتاد.
وأكدت وزارة الخارجية -اليوم الاثنين- أن “النشاطات الدبلوماسية للصين تمضي قدما بشكل ثابت”. وردا على سؤال بشأن غياب الوزير، قالت المتحدثة باسم الوزارة ماو نينغ للصحفيين “لا معلومات لدي للإدلاء بها”.
إلا أن هذا الابتعاد المطول بدأ يثير أسئلة متعددة، لا سيما لجهة سير العمل في وزارة تعد محورية في رسم السياسة العامة لقوة عظمى آخذة في الصعود.