واشنطن- فشل الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي مجددا في التوصل إلى اتفاق لرفع سقف الديون، بعد اجتماع آخر جمع بينهما مساء أمس الاثنين بالبيت الأبيض.
وقبل أسبوع من الموعد النهائي لمنع التخلف عن سداد الحكومة الأميركية -لأول مرة على الإطلاق- لالتزاماتها المالية، قرر بايدن ومكارثي المضي قدما في المزيد من المباحثات.
وعبر بايدن عن تفاؤله قبل وبعد الاجتماع، وقال -قبل لقاء مكارثي- إنه متفائل بالقدرة على إحراز تقدم. وبعد انتهاء الاجتماع، قال “إنه مثمر وأكدنا مرة أخرى أن التخلف عن السداد غير مطروح على الطاولة، وإن الطريقة الوحيدة للمضي قدما هي حسن نية الطرفين نحو اتفاق”.
من جانبه، قال مكارثي -عقب انتهاء الاجتماع الذي استمر نحو 90 دقيقة- إنه “أفضل من أي اجتماع آخر”. وأضاف “الاجتماع كان مثمرا، وأعتقد أن لهجة الليلة كانت أفضل من أي وقت آخر أجرينا فيه مناقشات”.
وكان مكارثي وبايدن عقدا اجتماعا قبل سفر الأخير قبل أيام للمشاركة في قمة الدول السبع باليابان، والتي قطعها مبكرا وعاد للإشراف بنفسه على ملف التفاوض حول رفع سقف الدين الوطني، ولم يقم الرئيس بزيارة أستراليا وغينيا الجديدة كما كان مخططا.
ومع أن رفع سقف الدين عملية روتينية عادة، فإنها أصبحت السنوات الأخيرة محور خلاف مع المشرعين الجمهوريين الساعين إلى الحصول على تقليص للإنفاق مقابل رفع السقف.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز (New York Times) فإن الديون المتضخمة هي نتيجة خيارات اتخذها كل من الجمهوريين والديمقراطيين على حد السواء. فمنذ عام 2000، اعتاد السياسيون من كلا الحزبين على اقتراض الأموال لتمويل الحروب، والتخفيضات الضريبية، وتوسيع الإنفاق الفدرالي، وتوفير الرعاية الصحية لجيل طفرة المواليد، واتخاذ تدابير طارئة لمساعدة الشعب على تحمل فترتين من الركود المنهك.
فرصة أخرى ضائعة
وأقر كل من بايدن ومكارثي بأن نقطة الخلاف الرئيسية -في المحادثات- لا تزال تتركز حول مسألة الحدود القصوى للإنفاق الحكومي.
وجاء اجتماع بايدن ومكارثي -بعد عطلة نهاية أسبوع- دراماتيكية انهارت خلالها المحادثات يوم الجمعة بسبب مأزق مزدوج يتعلق بمستويات الإنفاق الحكومي وتحديد مدة رفع سقف الدين قبل الاضطرار إلى رفعه مرة أخرى، لكنها استؤنفت بعد عدة ساعات.
وتحدث بايدن ومكارثي هاتفيا، مساء الأحد، وهي محادثات وصفاها بأنها “مثمرة” وهو ما رفع من سقف التوقعات حول اجتماع ليلة أمس.
ويلقي كل طرف باللوم على الآخر في عدم التوصل لاتفاق، وكرر بايدن اتهاماته بأن الجمهوريين هم المسؤولون عن الجمود، وقال في مؤتمره الصحفي بمدينة هيروشيما “لقد حان الوقت للجانب الآخر للابتعاد عن المواقف المتطرفة لأن الكثير مما اقترحوه بالفعل ببساطة وبصراحة تامة غير مقبول”.
ويتهم البيت الأبيض مكارثي على أنه أكثر اهتماما بتلبية احتياجات الجناح اليميني بالحزب الجمهوري، بدلا من التوصل إلى توافق في الآراء حول كيفية خفض العجز وزيادة سقف الديون.
وفي المقابل، يرى الجمهوريون أن بايدن وقع أسير التيار التقدمي للحزب الديمقراطي الذي يدفع لزيادة الأنفاق مع خفض الضرائب في وقت واحد.
وقال الرئيس إنه مستعد لخفض الإنفاق، لكنه أكد أن الجمهوريين بحاجة إلى النظر في زيادة الإيرادات الضريبية.
ويعارض النواب الجمهوريون إلى حد كبير أي زيادة ضريبية، وهي أداة رئيسية اعتمد عليها بايدن في ميزانياته المقترحة لخفض العجز، ووصف مكارثي البيت الأبيض بأنه “يتراجع إلى الوراء” بالمحادثات، وأضاف “لقد اقترح البيت الأبيض في الواقع إنفاق مليارات أكثر، العام المقبل، مقارنة بما ننفقه هذا العام”.
والشهر الماضي، طرح الجمهوريون اقتراحا لتعليق حد الدين بمقدار 1.5 تريليون دولار أو حتى 31 مارس/آذار. وفي المقابل، سيواصلون الإنفاق على الوكالات الرئيسية عند مستويات عام 2022 خلال السنة المالية المقبلة، والحد من النمو إلى 1% سنويا على مدى العقد المقبل، وهي خطوات يمكن أن تؤدي إلى توفير 4.8 تريليونات دولار.
وسيلغي الاقتراح الأولويات الرئيسية لإدارة بايدن، مثل الإعفاء من قروض الطلاب والحوافز الضريبية للسيارات الكهربائية.
وقال البيت الأبيض إن الاتفاق يجبر “الطبقة الوسطى والأسر العاملة على تحمل عبء التخفيضات الضريبية للأثرياء” وليس لديه “فرصة” في أن يصبح قانونا.
هل يلجأ بايدن إلى التعديل الـ 14 بالدستور؟
وردا على سؤال حول التذرع بالتعديل الـ 14 للدستور لتجنب التخلف عن السداد، وهي مادة يثار حولها جدل دستوري ولم يلجأ لها أي رئيس من قبل، ويطالب بها الجناح التقديمي بالحزب الجمهوري، قال بايدن إنه غير متأكد مما إذا كان يمكن حل الطعون القانونية لمثل هذه الخطوة في الوقت المناسب لتجنب التخلف عن السداد.
ويحث بعض المعلقين الرئيس على تجاوز الكونغرس من خلال التذرع بالتعديل رقم 14 للدستور، والذي ينص على أن “صلاحية الدين العام للولايات المتحدة لا يجوز الطعن فيها”.
وتم تمرير هذا القسم بعد الحرب الأهلية لضمان أن الولايات التي تحتفظ بالعبيد في الجنوب ستدفع ديون الحرب التي تكبدها الشمال، وأن الحكومة لن تكون في مأزق للحصول على تعويضات لمالكي العبيد وغيرهم في الجنوب.
وقال بايدن إنه يدرس ذلك، لكن من شبه المؤكد أن استخدام البند للطعن في قانون الحد من الديون سيشعل معركة قانونية، مما يحد من فائدته في الأزمة الحالية.
كما قللت وزيرة الخزانة جانيت يلين من أهمية هذا الاحتمال، قائلة إن أي محاولة للتذرع به ستثير أزمة دستورية.
وكررت يلين موقف الرئيس بشأن التعديل، وقالت لشبكة “إن بي سي” إنه لا يبدو أنه شيء يمكن استخدامه بشكل مناسب في هذه الظروف نظرا لعدم اليقين القانوني حوله، وبالنظر إلى الإطار الزمني الضيق الذي نحن عليه “لذا آمل أن يرفع الكونغرس سقف الديون”.