مراسلو الجزيرة نت
6/12/2024–|آخر تحديث: 6/12/202404:35 م (بتوقيت مكة المكرمة)
حلب– لم تكن تخرج النار من تحت الرماد لو لم تتحرر حلب من سيطرة النظام السوري، حيث كشف الستار عما كان يعانيه الشعب من أزمات اقتصادية تعصف به، وحلب هي المدينة الصناعية والتجارية لسورية، ولكن سكانها الآن عاجزون عن تأمين الغاز أو المحروقات للتدفئة وحتى الكهرباء والخبز.
يأتي ذلك في ظل تمدد قوات فصائل المعارضة السورية ضمن عملية “ردع العدوان” من إدلب إلى حلب ثم سيطرتها اليوم على حماة واستعدادها للتوجه نحو حمص.
قالت لينا القاضي للجزيرة نت -وهي مدرسة متقاعدة- إن ارتفاع الأسعار الكبير هو المشكلة الأكبر لدينا “فراتبي الشهري يبلغ 300 ألف ليرة (17 دولارا) وسعر اشتراك الكهرباء بالشهر 450 ألف ليرة وسعر جرة الغاز 500 ألف ليرة، في حين مخصص للعائلة حسب البطاقة الذكية 4 أسطوانات في السنة.
وأضافت “زوجي يعاني من مرض القلب والكلى، ونحن الآن في فصل الشتاء، ولم يتم توزيع المازوت على البطاقة الذكية، وليس لدينا قدرة على شراء التدفئة، لذلك نعتمد على لف أنفسنا بـ”البطانية”، والكهرباء النظامية تأتينا كل 25 ساعة لساعتين فقط”.
بدوره، أفاد عبدو اليوم الجمعة -وهو أب لـ3 أطفال- للجزيرة نت بأنه عامل يحصل أسبوعيا على 350 ألف ليرة سورية، يدفع منها 200 ألف ثمن حليب ومصروف لطفله الرضيع، والخبز على البطاقة الذكية يكفي ليومين فقط، ويضطر بعد ذلك لشراء ربطة الخبز بـ6 آلاف ليرة.
اللحمة حلم
وأما عن اللحمة، فقال إنها حلم لي ولعائلتي ومحرومون منها، وسعر الدجاجة الواحدة 150 ألفا، “لذلك أفضل شراء حليب لطفلي وأحرم نفسي وعائلتي من اللحم، وأما عن الغاز “فلا تعرف زوجتي الطبخ عليه فهي تطبخ على النار التي نشعلها بالكراتين والحطب”.
ولم تكن بدور العلي أوفر حظا، فهي تعمل مع أولادها الاثنين حتى تستطيع أن تؤمن احتياجات منزلها الأساسية وأدوية زوجها المقعد في المنزل، لأن مدخولها الشهري لا يتجاوز الـ800 ألف ليرة وتحتاج لضعف هذا المبلغ حتى تستطع أن توفر حاجاتها الأساسية، حسبما قالت للجزيرة نت.
وأضافت أن حصة المازوت بالسنة هي 50 لترا، وهذه ليست للتدفئة، لأنها لا تكفي لمدة أسبوع، لذلك تستعمل للطبخ في ظل حصولها على 4 أسطوانات في السنة، وإذا أردت شراءها في السوق العادية فإن سعرها مضاعف ولا قدرة لها على ذلك، وللتدفئة تلجأ للبس السميك أو التلحف بالبطانيات.
يبيع ناصر الجابر -الذي يقطع مسافة نحو 20 كيلومترا يوميا من أطراف مدينة حلب ليصل إلى السوق الشعبي تحت جسر الرازي- على بسطة خضار ويجني منها شهريا ما يقارب من 3 ملايين ليرة ليكون أحسن حظا من غيره، ولكن هذا المبلغ لا يكفيه إذا أراد شراء طبخة لعائلته بعدما أنفق الكثير من دخله في إيجار التنقل بين قريته والمدنية، بحسب ما صرح للجزيرة نت.
وأما عن اللحمة، فقال إنه لا يعلم سعرها، لأنه منذ عام لم يشترها لعدم قدرته على ذلك، أما الدجاج فسعر الواحدة يربو على 150 ألف ليرة (نحو 10 دولارات) وهو مبلغ طائل “فأفضل شراء القرنبيط والبطاطا والبندورة وغيرها”.
لقمة العيش
محمد سالك عائلته كبيرة، ولا يكفيه الخبز -الذي يحصل عليه عن طريق البطاقة الذكية- حيث يتلقى ربطتين من الخبز في الأسبوع بينما هو بحاجة لربطتين يوميا، لذلك يضطر لشراء الخبز بسعر السوق بمبلغ يصل حتى 8 آلاف ليرة للربطة الواحدة في ظل مدخول لا يتجاوز الـ500 ألف ليرة شهريا.
وأشار إلى أن أكثر من 80% من السكان في مدينة حلب -التي يبلغ تعدادهم ما يقارب من 2.5 مليون نسمة- يعيشون تحت خط الفقر، في ظل عدم وجود فرص العمل وتوقف كثير من المعامل والصناعة بعد التضيق على التجار من قبل المخابرات، حيث يتم اعتقال من يرفض الدفع بتهم متنوعة حتى يتمكن من الدفع والإفراج عنه.
ونوه إلى أن الشعب أصبح منشغلا في تأمين لقمة العيش لأطفاله وتأمين المستلزمات الضرورية من ماء وخبز وغاز وتدفئة وكهرباء والإنترنت، ثم يأتي بعدها الطعام والشراب وكل شيء غالي الثمن، فإذا أردت شراء خبز وزيت نباتي وبطاطا والقليل من الخضار تحتاج إلى ما يقارب من 100 ألف ليرة، بحسب ما قال للجزيرة نت.
يشار إلى أن الدولار يعادل نحو 25 ألف ليرة سورية في السوق الحرة، بينما التسعيرة التي يضعها النظام السوري حاليا فهي 18 ألف ليرة لكل دولار.