قال تقرير لمجلة “أفريكا إنتليجنس” الفرنسية إن جدول أعمال قمة رؤساء دول الاتحاد الأفريقي -التي ستنعقد الأحد والاثنين المقبلين- خلا من مناقشة الأزمات السياسية والأمنية الملحة في أفريقيا، مثل الحرب في السودان أو إثيوبيا أو منطقة الساحل، وبدلا من ذلك، من المقرر أن يركز القادة على المسائل الأقل أولوية مثل الإصلاحات الداخلية للاتحاد وأجندة 2063.
ولم يتضمن جدول أعمال الدورة العادية الـ37 لقمة رؤساء دول الاتحاد الأفريقي -التي من المفترض ان تعقد يومي 17 و18 فبراير/شباط الجاري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا- أيا من القضايا الأمنية والسياسية الرئيسية في القارة، بحسب تقرير المجلة المختصة بالشأن الأفريقي.
ويركز جدول أعمال الاجتماع بشكل أساسي على قضايا إدارية أقل أهمية بينها الإصلاحات الهيكلية للاتحاد الأفريقي، وشؤون الميزانية، والمراجعة الداخلية التي كشفت عن حالات شاذة، والتعاون المتعدد الأطراف، والاقتصاد والتجارة، والبرامج والمؤتمرات، والتعليم، والعلوم والتكنولوجيا، وقضايا المساواة بين الجنسين، ونتائج المعرض التجاري الأفريقي الذي عقد في القاهرة في نوفمبر/تشرين الثاني.
وتستبعد من جدول أعمال الاتحاد -الذي احتفل بمرور 60 عاما على تأسيسه- الحروب والأزمات الإنسانية التي لا تعد ولا تحصى في القارة السمراء، مثل الصراعات في إثيوبيا، والسودان، ومنطقة الساحل، وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ولم تصر المفوضية على إدراج تلك القضايا الشائكة في جدول الأعمال، وتركت صياغتها للجنة الدائمة المشتركة الحريصة على عدم الإساءة إلى أي من الدول الأعضاء -ولا سيما الدول الـ6: مالي والنيجر وبوركينا فاسو والغابون وغينيا والسودان- الذين أدت التغييرات غير الدستورية في سلطتهم إلى تعليق مشاركتهم في جميع أنشطة الاتحاد الأفريقي.
ومع ذلك لا يزال المسؤولون من الدول المعلقة يخططون لحضور القمة لعقد اجتماعات غير رسمية وزيادة الضغط على المنظمات الإقليمية مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد).
ومن بين هؤلاء، رئيس وزراء النيجر علي لامين زين الذي يعتزم السفر إلى أديس أبابا وكذلك وزير خارجية مالي عبد الله ديوب.
ويعتزم كذلك الجنرال الحاكم في الغابون بريس كلوتير أوليغي نغويما إرسال ممثل عنه إذا لم يتمكن من الحضور شخصيا.
السودان
وبالنسبة لرئيس مجلس السيادة السوداني وقائد القوات المسلحة عبد الفتاح البرهان والجنرال المنافس (ونائب الرئيس السابق) محمد حمدان دقلو، فيتوقع أن يشاركا أو يرسلا ممثلين عنهما إذا لم يتمكنا من الحضور.
وتقاتل قوات الدعم السريع بقيادة دقلو الجيش السوداني بقيادة البرهان منذ أبريل/نيسان من العام الماضي، مما أدى إلى إحداث دمار في جميع أنحاء البلاد.
ومن المقرر أن يجتمع مجلس السلم والأمن بشأن السودان، وتم تشكيل لجنة وساطة رفيعة المستوى في محاولة لوقف تصاعد العنف.
الكونغو
ويشهد الاتحاد توترا بين الكتل الإقليمية فيه، مثل الخلاف بين مجموعة شرق أفريقيا ومجموعة التنمية للجنوب الأفريقي حول الحرب ضد تمرد حركة M23 في مقاطعة شمال كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية (زائير سابقا)، ويوصف هذا الصراع بأنه أحد أكثر النزاعات دموية منذ الحرب العالمية الثانية، وتذهب بعض التقديرات إلى أن عدد ضحاياه بلغ قرابة 6 ملايين إنسان.
أزمات الغرب والساحل الأفريقي
وعلى الجانب الآخر من القارة، تعيش المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) اضطرابات غير مسبوقة لتصبح أضعف من أي وقت مضى في أعقاب موجة من الانقلابات، وشهدت المجموعة انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر، مما يحتم على الكتلة الإقليمية أن تتعامل مع الوضع الأمني المتدهور في منطقة الساحل بجانب عدم اليقين في السنغال بعد تأجيل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 25 فبراير/شباط.
ويتضمن جدول أعمال القمة أيضا تقريرا عن أنشطة “مجلس السلام والأمن” التابع للاتحاد الأفريقي، والذي سيتم إعادة توزيع 10 من مناصبه الـ15 المخصصة إقليميا لمدة عامين في نهاية الأسبوع. وفي السباق على المقعد الوحيد المخصص لشمال أفريقيا -من ضمن مقعدين- تواجه مصر موريتانيا والجزائر، اللتين تقودان مجلس السلم والأمن منذ ما يقرب من عقدين من الزمن.
أزمات الاتحاد
تشير تقارير عدة إلى أن تخلف الدول عن السداد يعدّ أكبر المشكلات التي يواجهها الاتحاد، مما يجعله عاجزا عن الوفاء بالتزاماته المختلفة، فيعمِد إلى عقوبات متدرجة، تؤثر بدورها على موارد الاتحاد المالية.
وعلى مستوى رؤساء الدول، يعاني الاتحاد الأفريقي انعدام الرؤية. فالأعضاء الأقوياء تاريخيا، مثل الجزائر وجنوب أفريقيا ــ فضلا عن دول أخرى في الجنوب الأفريقي بقيادة أحزاب انبثقت عن حركات التحريرــ تشهد ضعف قدرتها على العمل الدبلوماسي بسبب القضايا السياسية الداخلية والانتخابات المقبلة.
ومثل الهيئات الرئيسية الأخرى للاتحاد الأفريقي، يعاني مجلس السلم والأمن من أزمة قيادة عميقة وشكلا من الشلل الدبلوماسي الذي يجسده رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي وزير الخارجية التشادي الأسبق موسى فكي محمد.
ويتعرض فكي، الذي تنتهي ولايته الثانية والأخيرة كرئيس في فبراير/شباط 2025، لانتقادات شديدة من العديد من كبار المسؤولين في الاتحاد الأفريقي. وبالإضافة إلى إدارته، التي شكك فيها تقرير مراجعة الحسابات الأخير، تعرض لانتقادات بسبب عدم قدرته على التأثير على الأحداث الكبرى، ومشاركته الضئيلة في منع النزاعات وحلها، وإضعاف النظام السياسي.