يواجه سكان غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث يشكلون 80% من جميع الأشخاص الذين يعانون من المجاعة على مستوى العالم، في ظل استمرار الهجمات والحصار الإسرائيلي على القطاع، بحسب خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
ويشير الخبراء إلى أن أهل غزة اليوم يواجهون تحديات جسيمة في تلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والمياه النظيفة، مما يعزز خطر المجاعة، وتواجه النساء الحوامل نقصا في التغذية والرعاية الصحية، مما يعرض حياتهن للخطر.
ومع تزايد الخطر على الصحة يتعرض 335 ألف طفل دون سن الخامسة لخطر كبير من سوء التغذية، مما يزيد التحديات التي تواجه جيلا كاملا بفعل خطر التقزم.
ويحدث التقزم نتيجة عدم حصول الأطفال الصغار على التغذية الكافية، مما يؤدي إلى تأخر النمو وإعاقات جسدية وعقلية لا يمكن تصحيحها، وهذا يهدد قدرة جيل كامل على التعلم.
الحصار الإسرائيلي على القطاع
ومنذ 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023 شددت إسرائيل حصارها على غزة، مما أدى إلى حرمان 2.2 مليون فلسطيني من الحصول على الماء والغذاء والوقود والأدوية والإمدادات الطبية.
ويأتي هذا في سياق الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 17 عاما قبل هذه الحرب، إذ يعاني نحو نصف سكان غزة من نقص في الأمن الغذائي، ويعتمد أكثر من 80% منهم على المساعدات الإنسانية.
وفي حين يتم توزيع المساعدات في المحافظات الجنوبية إلا أنه منذ الأول من يناير/كانون الثاني الجاري لم تصل إلا 21% فقط من إجمالي المساعدات إلى شمال وادي غزة، ويشعر الخبراء بالقلق حيال الوضع في شمال غزة، إذ يواجه السكان نقصا طويل الأمد في الغذاء وتقييدات حادة في الوصول إلى الموارد الأساسية.
أما في الجنوب فيواجه العديد من الأفراد ظروفا صعبة حيث يعيشون في ملاجئ غير ملائمة أو في مناطق تفتقر إلى المرافق الأساسية، مما يزيد تدهور الوضع الإنساني.
ويشدد الخبراء على أن هذا الوضع غير مسبوق، إذ يتسبب الحصار الإسرائيلي في معاناة من الجوع بشكل سريع وكامل.
وأضافوا أن إسرائيل تدمر البنية التحتية الزراعية وتمنع الوصول إلى الأراضي الزراعية والبحر مستخدمة الغذاء سلاحا للضغط على الشعب الفلسطيني.
وأظهرت البيانات في التقارير الأخيرة أن القوات الإسرائيلية جرفت ما يقارب 22% من الأراضي الزراعية في قطاع غزة منذ بدء الهجوم البري في 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وتتضمن هذه المساحة البساتين والدفيئات الزراعية والأراضي الزراعية شمال القطاع، كما دمرت إسرائيل ما يقارب 70% من أسطول الصيد في غزة.
وعلى الرغم من توفير بعض المساعدات الإنسانية فإن السكان لا يزالون يعانون من نقص حاد في الغذاء والوقود الضروري للطهي، مع إغلاق معظم المخابز بسبب نقص الوقود والمياه والدقيق، بالإضافة إلى الأضرار الهيكلية.
الحيوانات تتضور من الجوع
وتعاني الماشية في غزة أيضا من الجوع، ولا يمكن بذلك أن تكون مصدرا للغذاء.
وفي الوقت ذاته، انخفضت إمكانية الوصول إلى المياه النقية، فيما انهار القطاع الصحي بسبب الدمار واسع النطاق الذي لحق بالمستشفيات، مما تتسبب في انتشار الأمراض المعدية بصورة كبيرة.
أما بالنسبة للمنازل فقد دمرت إسرائيل أكثر من 60% من منازل الفلسطينيين في غزة، وتعرض بعضها للتدمير الشامل، مما جعل المنطقة غير صالحة للسكن.
وتشير تقديرات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إلى أن نحو 85% من سكان غزة (ما يعادل 1.9 مليون شخص) هم نازحون داخليا بسبب الحرب، ويشمل ذلك العديد من الأشخاص الذين اضطروا إلى النزوح مرارا، إذ يتنقلون مع عائلاتهم باستمرار بحثا عن الأمان.
وحذر الخبراء من خطر الإبادة الجماعية مرات عدة، مذكرين جميع الحكومات بأن عليها واجب منع الإبادة الجماعية.
وأكدوا أن إسرائيل لا تقتل الفلسطينيين المدنيين فقط من خلال قصفها العشوائي الذي يتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها، ولكنها أيضا تفرض بشكل متعمد معدلات مرتفعة من المرض وسوء التغذية لفترات طويلة، بالإضافة إلى خلق حالات جفاف ومجاعة من خلال تدمير البنية التحتية المدنية.
ودعا الخبراء إلى ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة فورا دون أي عائق لمنع وقوع لمجاعة.
وأشاروا إلى أن قلقهم من الإبادة الجماعية لا ينحصر فقط في القصف المتواصل على غزة، بل يمتد أيضا إلى المعاناة البطيئة والموت الناجم عن الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد والحصار والتدمير المدني الحالي.
وأوضح الخبراء أن تحقيق السلام والأمان والاستقرار لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين يتطلب تنفيذ تقرير المصير الفلسطيني، ويمكن تحقيق ذلك فقط من خلال وقف فوري لإطلاق النار وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.