14/1/2024–|آخر تحديث: 14/1/202408:42 م (بتوقيت مكة المكرمة)
أكد تقرير لموقع إنترسبت الأميركي أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف طاقم الجزيرة في خان يونس بقطاع غزة في 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، ومنع جهود إخلاء المصور سامر أبو دقة الذي استشهد في الضربة الإسرائيلية.
وذكر التقرير أن مجموعة كبيرة من الصحفيين تواصلوا مع السلطات الإسرائيلية وتمكنوا من تحديد موقع أبو دقة الذي بقي ينزف لمدة 5 ساعات حتى الموت، وأن الجيش الإسرائيلي أكد أنه على علم بالوضع.
وينقل التقرير عن مصادر مطلعة ومحادثات لعدة صحفيين في مجموعات واتساب أن المنظمات الإنسانية والصحفيين ضغطوا لساعات مرارا وتكرارا على الجيش الإسرائيلي لتسهيل عملية الإخلاء دون جدوى.
ويقول إنترسبت إن إسرائيل لم تسمح بمرور آمن لطواقم الطوارئ لساعات على الرغم من معرفتها بأن الصحفي مصاب وبحاجة ماسة للمساعدة، وإن الجيش الإسرائيلي كان يعلم أن صحفيا من الجزيرة ملقى وهو عاجز ومع ذلك لم يسمح لفرق الإسعاف بالوصول الآمن إليه إلا بعد أن فارق الحياة.
ويؤكد الموقع الأميركي أن الكثير من الأدلة تشير إلى أن الضربة الإسرائيلية كانت تستهدف صحفيي الجزيرة، وينقل عن الدحدوح أنه لم يكن هناك أحد غيرهم وأنه لا مجال للخطأ في الاستهداف.
أما مدير مكتب الجزيرة في رام الله وليد العمري فيقول لإنترسبت إنه اتصل أولا باللجنة الدولية للصليب الأحمر وطلب منهم الاتصال بالجيش الإسرائيلي لتسهيل جهود إنقاذ سامر أبو دقة.
ويقول الدحدوح للموقع إن محاسبة القاتل هو أقل ما يمكن فعله حتى لا يفلت من العقاب في كل مرة، ويضع حدا لاستمرار استهداف الصحفيين.
وأضاف أن تدمير المكاتب مثل مكتب الجزيرة واستهداف عائلات الصحفيين مثل عائلته واستهداف المنازل مثل منزله الذي تم تدميره ولا منازل حوله فهذا لأنهم يعلمون أنه منزل مراسل الجزيرة.
ويؤكد الدحدوح أنه من الواضح أن كل هذا يحدث في سياق الضغط والعقاب من قبل جيش الاحتلال، و”لكن كما أقول دائما رغم كل الأذى والألم سنستمر في حمل هذه الرسالة والقيام بواجبنا ونقل الأخبار والصور إلى مشاهدينا في جميع أنحاء العالم”.
تفاصيل الهجوم
في مساء 15 ديسمبر/كانون الأول الماضي، توجه طاقم الجزيرة لتغطية قصف طال مدرسة فرحانة في خان يونس، ولكن ما إن انتهى الفريق من التصوير حتى باغتهم القصف الإسرائيلي.
ويقول الدحدوح “كان الأمر كما لو أن عاصفة استهدفتنا”، وأضاف لقد فقدت التوازن لدرجة أنني فقدت الوعي بشكل طفيف حتى استعدت قوتي، حاولت النهوض بأي شكل من الأشكال لأنني كنت متأكداً من أن صاروخاً آخر سيستهدفنا، من تجربتنا هذا ما يحدث عادة”.
أدرك دحدوح أنه كان ينزف بغزارة من ذراعه، وأنه إذا لم يحصل على رعاية طبية، فسوف يموت، كما فقد مؤقتًا جزءًا كبيرًا من سمعه بسبب الانفجار.
ونظر إلى الأعلى فرأى عمال الدفاع المدني الثلاثة الذين كانوا يرافقون الصحفيين قد قتلوا، ثم رأى أبو دقة ملقى على الأرض على مسافة ما.
ثم تمكن الدحدوح، كما يقول، من بلوغ سيارة الإسعاف على بعد مئات الأمتار، بعد أن شعر أنه لن يستطيع أن يقدم المساعدة لزميله أبو دقة الذي كان قد أصيب في الجزء السفلي من جسمه ما جعله غير قادر على الحركة.
ومرت ساعات، لكن عمال الطوارئ لم يتمكنوا من الوصول إليه دون موافقة الجيش الإسرائيلي.
وقال الدحدوح إنه علم فيما بعد من زملائه أنه في وقت مبكر من المحنة، عندما اقتربت سيارات الإسعاف في البداية من المنطقة للوصول إلى أبو دقة، أطلقت القوات الإسرائيلية النار على مقربة منهم، مما أجبرهم على العودة وانتظار موافقة الجيش الإسرائيلي للدخول.
وضمن الجهود المبذولة لإنقاذ أبو دقة، علمت أورلي هالبيرن، وهي مراسلة ومنتجة مستقلة تقيم في القدس، بما حدث عندما أرسل لها أحد معارفها رابطًا للقصة، فقررت نشر هذا الموضوع على مجموعة واتساب تضم أكثر من 140 صحفيا من رابطة الصحافة الأجنبية (FBA)، وهي منظمة غير ربحية مقرها القدس تمثل مراسلين من أكثر من 30 دولة.
ونشرت هالبيرن معلومات الاتصال مع العسكريين الإسرائيليين في المجموعات للتواصل معهم والضغط عليهم من أكثر من شخص، وحصلت على تأكيدات من الجيش بأنه على علم بما حدث.
وبعد أن فات الوقت تمكنت طواقم الطوارئ الفلسطينية أخيرا من الوصول إلى المدرسة بعد أن قامت جرافة يديرها فلسطينيون بفتح الطريق أمام سيارة إسعاف لتجد أبو دقة ميتا.
وفي الساعة 7:55 مساءً، نشرت هالبيرن رسالة في الدردشة الجماعية التي تلقتها من منتجها في غزة مفادها أنه قُتل.
وذكرت الجزيرة أن أبو دقة تعرض لقصف متواصل أثناء محاولته الزحف إلى بر الأمان.
وينقل إنترسبت عن الدحدوح وهالبيرن قولهما إنهما تلقيا تقارير تفيد بالعثور على أبو دقة دون سترته الواقية من الرصاص، على بُعد عدة أمتار من مكان إصابته.
وطالبت عدة جهات منها رابطة الصحافة الأجنبية بالتحقيق في الواقعة، وأعلنت الجزيرة في اليوم التالي أنها تعد ملفا قانونيا لتقديمه للمحكمة الجنائية الدولية بشأن ما أسمته اغتيال أبو دقة على يد القوات الإسرائيلية في غزة.
كما أدرجت منظمة “مراسلون بلا حدود” أبو دقة في شكوى جرائم الحرب التي قدمتها المجموعة إلى المحكمة الجنائية الدولية فيما يتعلق بمقتل 7 صحفيين فلسطينيين قتلوا في غزة بين 22 أكتوبر/تشرين الأول و15 ديسمبر/كانون الأول.
وكانت لجنة حماية الصحفيين وجدت أن عدد الصحفيين الذين قُتلوا في الأسابيع العشرة الأولى من الحرب الإسرائيلية على غزة -جميعهم تقريبًا من الفلسطينيين- يفوق عدد الصحفيين الذين قُتلوا في دولة واحدة على مدار عام كامل، كما فقد العديد من الصحفيين الذين ما زالوا على قيد الحياة في غزة العديد من أفراد عائلاتهم ومنازلهم.