أدى استئناف العمليات القتالية في جبهات المعارك بين القوات الروسية والأوكرانية، وفي المقام الأول في منطقة زاباروجيا، إلى إعادة الاهتمام بالجانب التقني للصراع مرة أخرى.
وفي تقريره الذي نشرته صحيفة “إيزفستيا” الروسية، يقول أندري فرولوف إن محاولات اختراق الدفاعات الروسية في منطقة أوزيروفو ألحقت خسائر فادحة بالقوات الأوكرانية، تمثلت في فقدان ما لا يقل عن دبابتين من طراز ليوبارد وحوالي 13 مركبة مشاة قتالية من طراز “إم 2 برادلي”، مما يدل على استخدام القوات الروسية أحدث الأسلحة مثل الصواريخ الموجهة والقنابل الجويّة أثناء صد الهجوم المضاد الأوكراني.
وتزايد الاستخدام الروسي للأسلحة العالية الدقة مقارنةً بالصراعات السابقة، فقد استخدم الجيش الأحمر في الحرب الوطنية العظمى القاذفات التي يتم التحكّم بها عن طريق طائرات “توبوليف تي بي 3″، وفي أفغانستان بدأ استخدام الأسلحة الموجهة بشكل أكثر نشاطًا، وفي أوكرانيا أطلق الطائرات الهجومية من طراز “سو25″، و139 صاروخ جو أرض من طراز “إكس 25 إم إل” و”إكس 27 إل”، استهدفت 127 هدفًا.
وفي سوريا، استخدمت موسكو لأول مرة العديد من الأسلحة الموجهة، مثل صواريخ كروز من طراز “إكس 555″ و”إكس 101” و”إكس 35 يو”، وصواريخ كاليبر والنظام الدفاعي الصاروخي “باستيون” وصواريخ “إسكندر إم” والقنابل القابلة للتعديل، فضلا عن العديد من الأنظمة الأخرى.
المستوى الجديد
وشهد استخدام الأسلحة العالية الدقة نقلة نوعية، فلأول مرة في التاريخ العسكري الروسي، استُخدمت الأسلحة لتنفيذ مهام إستراتيجية تتمثل في تدمير الإمكانات الصناعية العسكرية للعدو. وقد استخدمت صواريخ من مختلف الأنواع على نطاق واسع لأول مرة، ضربت -في آن واحد- أهدافًا تقع على مسافة مئات الكيلومترات من بعضها.
فضلا عن ذلك، استخدمت روسيا ذخائر “التسكع” التكتيكية (كاميكازي) التي تعد بمثابة الاكتشاف الرئيسي في هذا الصراع، والعامل الذي لم تكن قوات أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي جاهزين له.
ومع استخدام صواريخ كروز البعيدة المدى في الجو والبحر والبر، بلغت روسيا مستوى الولايات المتحدة، وهو أمر كان يصعب تخيله من قبل. وبناءً على التقديرات الأوكرانية منذ 24 فبراير/شباط من العام الماضي، تجاوز العدد الإجمالي للصواريخ التي أطلقتها روسيا 4 آلاف صاروخ.
وخلال مايو/أيار الماضي وحده، أطلقت روسيا 160 صاروخ كروز، وهو ما أدى إلى تدمير واستنفاد ذخيرة الدفاع الجوي الأوكرانية وإلحاق ضررا بأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات والمجمعات التي وفرتها دول الناتو.
ومن خلال الضربات الجويّة، دمّرت القوات الروسية المجمع الصناعي العسكري الأوكراني بالكامل تقريبًا، بالإضافة إلى عدد كبير من المطارات ومعدات الطيران الموجودة هناك.
واستخدمت روسيا صاروخ “كينجال” الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، لتدمير أهداف أكثر قيمة وتحصينا. وقد أدى الاستخدام المكثف لذخائر التسكع التكتيكية إلى خفض عدد المركبات المدرعة والمدفعية الأوكرانية.
وعليه، بات واضحًا -بحسب الصحيفة- أن الدفاع الجوي الأوكراني والغربي لم يكن مستعدا لمواجهة مثل هذا التهديد. وقد تزايد استخدام ذخائر التسكع التكتيكية من قبل القوات الروسية، مما سهّل ضرب أهداف مهمة مثل الدبابات أو قطع المدفعية والمركبات الفردية التي يقودها أفراد عسكريون من القوات المسلحة الأوكرانية.
وشهد عام 2023 استخداما مكثّفا للقنابل الموجهة من قبل طيران الخطوط الأمامية لقوات الفضاء الروسية، كما شهدت القوات العسكرية الروسية ثورة حقيقية في استخدام الأسلحة العالية الدقة وتسميتها وكميتها.
ورغم استخدام العديد من الأسلحة لأول مرة، فإن نتائجها كانت واضحة. فقد غيّرت ذخائر التسكع التكتيكية والقنابل الموجهة ملامح الأعمال القتالية إلى أقصى حد، وكان استخدامها اكتشافًا مزعجًا للقوات الأوكرانية لم تستطع التصدي له حتى اليوم، بحسب الصحيفة الروسية.