قالت صحيفة إيكونوميست إنه رغم اشتداد القتال بين الجيش الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة، فإنه بات في حكم المؤكد أن الهجمة الحالية هي آخر عملية إسرائيلية واسعة في هذه الحرب، مشيرة إلى أن الضغوط الأميركية على تل أبيب تتصاعد في السر.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن الجيش الإسرائيلي أرسل فرقة كاملة إلى مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة وحولها، في حين لا تزال 3 فرق أخرى من سلاح المدرعات تواصل عملياتها في شمال القطاع.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمني قوله إن الجيش الإسرائيلي في ذروة انتشاره منذ ما يزيد على شهرين، وإن “المرحلة المقبلة ستكون حملة متنقلة أقل كثافة”.
وأضافت إيكونوميست -في التقرير الذي نشرته اليوم الخميس- أن السؤال الأهم أمام جنرالات إسرائيل هو ما إذا كان هذا التحول -إلى حملة مخففة- سيحبط الهدف الرئيسي للحرب وهو تدمير القدرات العسكرية لحركة حماس.
وحسب التقرير، فإن إسرائيل ليس أمامها خيار يذكر سوى تقليص عملياتها، في ظل إصرار الولايات المتحدة -حليفها الرئيسي ومزودها بالأسلحة- على خفض مستوى القوة النارية لتجنب الاستمرار في هذه المقتلة بحق المدنيين، وكذلك في ظل الضغوط المتزايدة على الاقتصاد الإسرائيلي جراء تعبئة 360 ألفا من جنود الاحتياط.
البحث عن صورة النصر
ومع قرب انتهاء أعنف مراحل العملية العسكرية -وفقا للصحيفة- تحاول إسرائيل إعطاء مواطنيها انطباعا بأن مقاومة حماس تنهار وبأن الجيش يسيطر الآن على مساحة واسعة من قطاع غزة، غير أنها رغم كل ما فعلته من أجل ذلك لم تحصل على “صورة النصر” التي ينشدها الإسرائيليون.
وذكرت الإيكونوميست أن الجيش الإسرائيلي ربما يكون قد قضى على نصف قوة حماس التي قدّرتها الصحيفة بحوالي 30 ألف مقاتل، لكنها أكدت أن الحركة ما زال لديها آلاف المقاتلين، الذين يواصلون الخروج من الأنفاق والإيقاع بالجنود الإسرائيليين في الكمائن، كما أن عشرات الأسرى الإسرائيليين ما زالوا في قبضة الحركة وتحت خطر القصف الإسرائيلي المستمر على غزة.
ولم تتمكن إسرائيل كذلك من القضاء على قيادة حماس أو تدمير بنيتها التحتية، فهي وإن كانت قتلت عددا من القادة الميدانيين، فإنها لم تفلح في القضاء على رئيس الحركة في غزة يحيى السنوار أو قائد كتائب القسام الجناح العسكري للحركة محمد الضيف أو نائبه مروان عيسى.
موقف الولايات المتحدة
وفيما يتعلق بالولايات المتحدة، لا يوجد في العلن ما يشير إلى أنها تضغط على إسرائيل، لا سيما بعد الفيتو (حق النقض) الذي استخدمته في مجلس الأمن في الثامن من الشهر الجاري لعرقلة قرار يدعو لوقف إطلاق النار في غزة، كما أنها تزودها بمزيد من الأسلحة، حيث أقرت في الأيام الأخيرة شحنة تضم نحو 14 ألفا من قذائف الدبابات.
لكن الضغوط تتزايد في السر، وفقا للصحيفة، إذ نقلت عن مصادر عدة تأكيدها أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أخبر المسؤولين في زيارته الأخيرة لإسرائيل أن عليهم إنهاء العملية العسكرية بحلول السنة المقبلة.
كما أن الخلافات بين الحكومتين الأميركية والإسرائيلية بدأت تتجلى بشأن ترتيبات حكم قطاع غزة بعد تراجع القتال.
ويبحث الجانبان بالفعل خلف الكواليس خططا تقوم فيها السلطة الفلسطينية بدور في إدارة القطاع، لكن في جميع السيناريوهات المطروحة قد يحافظ الجيش الإسرائيلي على وجود كبير هناك لفترة من الوقت، ومن المحتمل أن تحافظ حماس أيضا على السيطرة على أجزاء من القطاع، وفقا للصحيفة.
وفي ضوء هذه التطورات، يقول التقرير إن القصف الإسرائيلي قد يتراجع ومعه المعاناة التي يسببها لأهل غزة، لكن المستقبل أكثر ضبابية من أي وقت مضى.