اندلعت اشتباكات عنيفة في عدة مناطق سودانية اليوم الأربعاء بين الجيش وقوات الدعم السريع بعد انتهاء هدنة مدتها 72 ساعة، في حين حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” (FAO) من تصاعد انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر القادمة.
فقد أفاد مراسل الجزيرة بحدوث اشتباكات حول شارع الغابة والمنطقة الصناعية وحي الرميلة غربي مدينة الخرطوم، وفي حيي المهندسين والفتيحاب وسط أم درمان.
ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيان أن طائرات الجيش نفذت ضربات في مدينة بحري، كما ردت قوات الدعم السريع بالنيران المضادة للطائرات. كما قالوا إن أم درمان شهدت إطلاق نيران مدفعية واشتباكات عنيفة، ووقعت أيضا اشتباكات على الأرض في جنوب الخرطوم.
كما قال سكان إن اشتباكات دارت في ولاية جنوب كردفان، حيث يجري حشد قوة متمردة كبيرة غير متحالفة بشكل واضح مع أي من طرفي القتال الدائر في الخرطوم.
وقالت مصادر محلية إن مدينة الدبيبات شمال ولاية جنوب كردفان جنوبي البلاد، شهدت اليوم معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال المصادر إن المعارك تمركزت حول عدد من أحياء المدينة الجنوبية، وقرب حامية الجيش السوداني على تخوم المدينة الغربية.
وحسب المصادر، فإن المعارك بين الطرفين، التي استمرت لساعات، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين بقذائف طائشة جراء الاشتباكات، التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والخفيفة.
وكانت المدينة شهدت، مطلع الأسبوع الحالي، اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وبالتزامن تعرّض سوق المدينة للنهب والحرق.
ويدور الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أكثر من شهرين، مما أدى إلى دمار في العاصمة واندلاع أعمال عنف واسعة النطاق في منطقة دارفور غربي البلاد وفرار أكثر من 2.5 مليون شخص من ديارهم.
وفي وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، تبادل الطرفان الاتهامات بشأن اندلاع حريق كبير في مقر المخابرات، الذي يقع في مجمع دفاعي وسط الخرطوم، جرت حوله معارك منذ اندلاع القتال يوم 15 أبريل/نيسان الماضي.
وأشار مصدر في الجيش، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إلى أن قوات الدعم السريع “قصفت المبنى” في خرق للهدنة، ورد مصدر في قوات الدعم السريع بأن “مسيّرة تابعة للجيش قصفت المبنى حيث تجمّع عناصر من قوات الدعم السريع”، وأشار إلى أن القصف “أدى إلى حريق ودمار جزئي في مقر الاستخبارات”.
وقالت السعودية والولايات المتحدة إن طرفي الصراع إذا لم يحترما وقف إطلاق النار، فسوف يبحث الوسيطان تأجيل محادثات جدة، التي شكك المنتقدون في فعاليتها.
جثث في الشوارع
وفي الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور في غربي البلاد والمدينة الأكثر تضررا من الحرب، تمتلئ الشوارع المهجورة بالجثث، في وقت تعرضت فيه المتاجر للنهب.
وحذرت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد من أن النزاع “اكتسب الآن بُعدًا عرقيا”، وتحدثت عن احتمال وقوع “جرائم ضد الإنسانية” في دارفور.
ومنذ أيّام يفر سكان الجنينة سيرا على القدمين في طوابير طويلة، حاملين معهم ما تيسر، على أمل الوصول إلى تشاد الواقعة على بعد 20 كيلومترا إلى الغرب.
ويقول هؤلاء الفارّون من أتون المعارك إنّهم يتعرّضون لإطلاق نار ويتمّ تفتيشهم مرّات عدة على الطريق.
إدانة جزائرية
من جانب آخر، دانت وزارة الخارجية الجزائرية بشدة اقتحام مقر إقامة سفيرها في الخرطوم وتخريب محتوياته، وطالبت بمتابعة الجناة والمخربين المسؤولين عما وصفته بـ”العمل الإجرامي”.
إنسانيا، توقعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” أن يتصاعد ما سمته انعدام الأمن الغذائي الحاد بالسودان في الأشهر المقبلة جراء الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقالت الفاو، في آخر تقرير لها، إنها تحتاج بشكل عاجل إلى 95.4 مليون دولار لتوسيع نطاق الاستجابة لإنقاذ الأرواح، وتمكين الوصول إلى الغذاء، وحماية سبل العيش الحيوية.
وقال مدير مكتب الطوارئ والقدرة على الصمود في المنظمة رين بولسن إن الحرب الدائرة الآن ضربت وقتا حرجا بالنسبة لملايين الأشخاص الذين يعتمدون على الغذاء والزراعة، في إشارة منه إلى موسم الإنتاج الزراعي المطري (يروى بمياه الأمطار)، الذي يبدأ من نهاية شهر مايو/أيار وينتهي في شهر أغسطس/آب من كل عام.
ودعا المسؤول في منظمة الفاو إلى تعزيز إنتاج الغذاء المحلي وحماية سبل العيش من أجل تقليل احتمال اتساع عبء الحالات الإنسانية في الأشهر المقبلة.