افتتح اليوم الاثنين في لاهاي مكتب دولي مكلف بالتحقيق في الحرب الروسية في أوكرانيا، في خطوة اعتبرتها كييف “تاريخية فعلا” نحو إنشاء محكمة في نهاية المطاف لمحاكمة القادة الروس.
ويجمع المركز الدولي لمحاكمة جريمة الحرب ضد أوكرانيا “آي سي بي إيه” (ICPA) مدّعين عامين من كييف والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية.
وتتمثل مهمة المكتب في التحقيق وجمع الأدلة، ويُنظر إليه على أنه خطوة أولى قبل إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة كبار المسؤولين الروس عن اندلاع الحرب في أوكرانيا، وهو مطلب كييف.
وتراجع السلطات الأوكرانية أكثر من 93 ألف تقرير عن جرائم حرب، ووجهت اتهامات إلى 207 مشتبهين في محاكم محلية.
ويمكن محاكمة مسؤولين كبار ارتكبوا جرائم في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، والتي طلبت بالفعل اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وعقد عدد من كبار المسؤولين مؤتمرا صحفيا في مقر الوكالة القضائية للاتحاد الأوروبي في لاهاي، حسبما ذكرت وكالة “يوروجست” في بيان.
ومن بين هؤلاء المدعي العام الأوكراني أندريه كوستين والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان وكينيث بولايت نائب وزير العدل الأميركي والمفوض الأوروبي لشؤون العدل ديدييه ريندرز، وفق “يوروجست”.
واعتبر المدعي العام الأوكراني أندريه كوستين أن افتتاح المكتب الجديد في لاهاي سيؤدي إلى “محاسبة قادة موسكو على جريمة الحرب المتمثلة بالعدوان بسبب غزو جيشهم أوكرانيا”.
وقال كوستين إن المركز الجديد سيجمع الأدلة الخاصة بالقضايا المحتملة ضد القادة العسكريين والسياسيين الروس المسؤولين عن الحرب.
وأضاف “لو لم ترتكب جرائم العدوان لما وقع 93 ألف حادث آخر من جرائم الحرب، وأن هذا اليوم دليل على أن إنشاء محكمة خاصة أصبح أمرا لا مفر منه الآن”.
من جهته، قال زير العدل الأميركي كينيث بولايت خلال المؤتمر الصحفي إن واشنطن “فخورة بالوقوف الى جانب شركائها الأوروبيين” في مقاضاة مرتكبي “الحرب العدوانية الروسية غير المشروعة ضد شعب أوكرانيا”.
وأضاف أن الولايات المتحدة تدعم أيضا محكمة تنظر في العدوان.
بدوره، قال المفوض الأوروبي لشؤون العدل ديدييه ريندرز إن افتتاح المكتب اليوم الاثنين يظهر أن حلفاء كييف “سيقفون مع أوكرانيا طالما لزم الأمر”، مضيفا “لا يمكننا التسامح مع الانتهاك الفاضح لمنع استخدام القوة”.
وتكثفت الدعوات لإنشاء محكمة خاصة بالحرب في أوكرانيا، إذ إن المحكمة الجنائية الدولية ليست مختصة بالنظر سوى بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة على الأراضي الأوكرانية.
وأصدرت المحكمة -ومقرها في لاهاي- في مارس/آذار الماضي مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب الترحيل القسري المفترض لأطفال أوكرانيين.
مدعية خاصة
وتضغط كييف من أجل إنشاء محكمة خاصة منذ اكتشاف مئات الجثث بعد انسحاب القوات الروسية في أبريل/نيسان 2022 من مدينة بوتشا قرب العاصمة الأوكرانية.
ولا ينفك الدعم الدولي يتزايد لهذا المطلب، ففي فبراير/شباط الماضي أعلنت المفوضية الأوروبية إنشاء المركز الدولي لمحاكمة جريمة العدوان ضد أوكرانيا.
وقالت بروكسل إن هدف المركز يتمثل في “محاكمة المسؤولين عن غزو” أوكرانيا.
وأضافت مشاركة الولايات المتحدة ثقلا لطلب إنشاء محكمة مع أن واشنطن لا تزال ترفض أن تصبح عضوة في المحكمة الجنائية الدولية.
وخلال زيارة إلى لاهاي في يونيو/حزيران الماضي عيّن وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند مدعية خاصة لجرائم الحرب هي جيسيكا كيم بصفتها ممثلة لدى المركز الدولي لمحاكمة جريمة العدوان ضد أوكرانيا، لكن تبقى مسألة معقدة عالقة بشأن كيفية عمل مثل هذه المحكمة، وتؤيد أوكرانيا استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
لكن بعض الجهات الداعمة الغربية لكييف تخشى ألا تكون المبادرة تحظى بدعم كاف دوليا، وتدعو بدلا من ذلك إلى إنشاء محكمة هجينة مؤلفة من قضاة أوكرانيين وآخرين من جنسيات أخرى.
والمحكمة الجنائية الدولية -التي أنشئت العام 2002 للنظر في أخطر الفظائع المرتكبة في العالم- ليست لديها سلطة الحكم على ما تصفها أوكرانيا بـ”جرائم العدوان” التي ترتكبها موسكو، ذلك أن روسيا ليست من الدول الموقعة على نظام روما الأساسي.
لكن المحكمة فتحت بعيد بدء الحرب تحقيقا في جرائم ارتكبت في هذا البلد، وأصدرت في مارس/آذار الماضي مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي.
وردا على ذلك وضعت السلطات الروسية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان على قائمة “المطلوبين”.
وفتحت موسكو بدورها تحقيقا جنائيا في حق كريم خان و3 قضاة في المحكمة، وبحسب التحقيق فإن خان متهم “بإطلاق ملاحقات جنائية في حق شخص معروف أنه بريء” و”التحضير لهجوم على ممثل دولة أجنبية”.