في الأصل، تعلن حركة حماس عن أسرها لأحد جنود الاحتلال، فتتلكأ إسرائيل طويلا في الاعتراف بالعملية التي جرت بعيدا عن وسائل الإعلام.
وبعد فترة، تضطر إسرائيل للاعتراف وتبدأ بالتفاوض عبر وسيط على صفقة تبادل أسرى، من دون أن تظهر تفاصيل كثيرة عن جنود الاحتلال الذين تحتجزهم حماس في غزة.
لكن الأمور تغيرت كليا في عملية “طوفان الأقصى” التي بدأتها كتاب عز الدين القسام صباح اليوم السبت، حيث جرى أسر جنود الاحتلال في الشوارع ، وأنُزلوا قسرا من مدرعاتهم العسكرية فكبلوا واقتيدوا إلى قطاع غزة، والعالم من شرقه لغربه يتابع المشهد.
في أحد المشاهد، يسحب المقاومون جنديا من داخل دبابة فيتجمهر الناس لمشاهدة العملية ، ثم يتحدث أحد الحاضرين قائلا “الشباب يُخرجون جنديا من الدبابة. إنه على قيد الحياة”.
ويعود الصوت الجهوري مبشرا : “الآن يتم تجريف الحدود”. وقد صدق. حيث اعتلى مقاوم جرافة ومزق السياج الإسرائيلي الذي كان يحصن بلدات غلاف غزة.
وعندها لعلع الرصاص احتفاء باللحظة، واندفع الناس وراء “الحدود” لتتعالى الصيحات نحو السماء حمدا وتسبيحا وتكبيرا.
السيطرة الكاملة
وفي مشهد آخر، يظهر عناصر المقاومة وهم في قمة السيطرة على الوضع فيرمون بجنود من مركبة عسكرية ويقتادونهم إلى حيث يشاء رئيس أركان كتائب عز الدين القسام محمد الضيف.
وفي مقطع ثالث، يظهر مقاوم فلسطيني يجر جنديا أرضا دون أن يبدي أدنى مقاومة وهو على علم بأن جيش الاحتلال لم يعد يملك تقرير مصيره
وبالقرب منه جندي آخر ملقى على الأرض التي عاد لها أهلها اليوم ينفون ويقتلون ويأسرون.
وفي صورة أخرى، نشرت على وسائل التواصل، يمسك عنصر من كتائب عز الدين القسام ضابطا برتبة عقيد قيل إنه اعتقد أن جبهة غزة هادئة فنام قبل الفجر قليلا، ليصحو في الأسر.
وعلى التواصل الاجتماعي يفرح الفلسطينيون باللحظة ويتهكمون على سرعة انهيار عدوهم أمام ضربات المقاومة، فيقول أحدهم إن بيت آل فلان جلبوا أسيرا، وعلينا نحن أن نجلب أسيرا لبيتنا.
وهذه التعليقات أساسها كثرة عمليات االأسر اليوم ، حيث أقرت الإذاعة الإسرائيلية بأسر 35 جنديا، فيما شوهد عنصر فلسطيني يحمل جنديا إسرائيليا في مؤخرة درجاته، كأنما يحمل كيسا.
أما رئيس المجلس الإقليمي للمناطق الحدودية الإسرائيلية شمال شرق قطاع غزة، فكان بإمكانها الدخول في زمرة الأسرى، ولكن مرافقيه اطلقوا النار على المقاومة، فردت بقتله على الفور.
زوايا المشهد
وليست عمليات الأسرى سوى زاوية من المشهد الكبير الذي رسمه اليوم عناصر القسام ومريدو الشيخ أحمد ياسين، فقد بثت الكاميرات لحظات لم تتحسب لها إسرائيل منذ عام 1976.
لقد تجول عناصر المقاومة في شوارع البلدات الإسرائيلية لتأكيد بأسهم وثقتهم في نتائج الخطة التي قالت وسال الإعلام الإسرائيلية إنها كانت ناجحة ومبهرة بكل المقاييس، وإن جيش الاحتلال كان فاشلا جدا في التعاطي معها.
وما زالت إسرائيل تحت صدمة العملية التي أطلقت عليها حماس، في حين نقلت وكالة الصحافة الفرنسية أن حماس تواصل تنفيذ عمليتها العسكرية داخل المستوطنات في غلاف غزة.
وقد أطلق الجيش الإسرائيلي صفارات الإنذار في مناطق الجنوب والوسط، في حين حثت الشرطة الناس على البقاء قرب الملاجئ.
وأعلنت كتائب عز الدين القسام أنّ مقاتليها أطلقوا أكثر من 5 آلاف صاروخ باتجاه إسرائيل.
وقال القائد العام لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف إنّ الحركة قررت وضع حد لكل جرائم الاحتلال، “وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب”.
وعاجلا، أدى القصف الفلسطيني إلى خروج مطار بن غوريون الدولي عن الخدمة، وأعلنت شركات الطيران تعليق رحلاتها إلى أجل غير مسمى.
يقع بن غوريون على بعد 20 كيلومترا جنوب شرق تل أبيب، وهو المطار الدولي الرئيسي في إسرائيل.
ومن عادة الإسرائيلين في مثل هذه اللحظات التوجه إلى مطار بن غوريون والسفر إلى الخارج، لكن كتائب عز الدين القسام عطلته ولم يعد بابا للهروب.