1/5/2024–|آخر تحديث: 1/5/202408:56 م (بتوقيت مكة المكرمة)
قال مسؤول السياسات في التحالف الأميركي من أجل سوريا محمد علاء غانم إن البيت الأبيض ارتكب ما وصفها بالفضيحة بتدخله في اللحظة الأخيرة من أجل سحب مشروع مناهضة التطبيع مع نظام الأسد من حزمة تشريعية كان مجلس الشيوخ سيقرها ضمن حزمة من القوانين المستعجلة.
وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة نت، كشف غانم عن أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هددت بإيقاف كل المفاوضات المتعلقة بمساعدات لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان وحظر تطبيق “تيك توك” وعقوبات على إيران إذا لم يتم سحب مشروع القانون ضد النظام السوري.
الأهمية.. نشرت أمس الثلاثاء صحيفة واشنطن بوست تحليلا يصف موقف الإدارة الأميركية الحالية من النظام السوري، وقالت إن “السياسة الرسمية لإدارة بايدن تتمثل في معارضة التطبيع مع الأسد، خاصة من خلال العقوبات حتى يتوقف عن المذبحة، لكنها وراء الكواليس تقوم بتخفيف هذا الضغط بهدوء وعن عمد، وفقا للمشرعين في كلا الحزبين والجماعات السورية الأميركية”.
كما يأتي سحب هذا القانون في ظل الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، خاصة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار الأسد في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك قصف وسجن وتعذيب آلاف المدنيين، كما تقول الصحيفة.
الصورة الكبيرة.. في فبراير/شباط الماضي، اتخذ مجلس النواب الأميركي خطوة تصعيدية ضد النظام السوري بموافقته بأغلبية كبيرة على مشروع قانون “مناهضة التطبيع ضد نظام بشار الأسد”، في انتظار تمريره بمجلس الشيوخ وتوقيع الرئيس الأميركي عليه.
لكن ما حدث في الأسابيع الماضية -وفقا لمسؤول السياسات في التحالف الأميركي من أجل سوريا- أن البيت الأبيض مع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور بن كاردين، وفي مفاوضات سرية، ضغطا من أجل سحب مشروع القانون ضد الأسد من الحزمة التشريعية المقدمة إلى المجلس للموافقة عليها.
في العمق.. الأسباب التي يقدمها علاء غانم لهذا الضغط الذي مارسه البيت الأبيض تتلخص في ما يلي:
- إدارة بايدن تحاول تجميد الملف السوري -كما فعلت إدارة أوباما من قبل- ولا ترغب في العمل على أي انتقال سياسي في سوريا حاليا.
- الإدارة الأميركية تريد تخفيف الضغط الدولي عن النظام السوري، لأنها لا ترى ضيرا في إعادة دمجه بالمنظومة الدولية.
- هناك معارضة قديمة من قبل الحكومة الإسرائيلية لأي محاولة لاستبدال نظام الأسد، لأنها تفضل التعامل مع هذا النظام، ومن الصعب عليها تخمين ما يمكن أن يفعله أي نظام مستقبلي في سوريا.
- هناك دول عربية وغير عربية سعت لتطبيع علاقاتها مع النظام السوري، واستثمرت زلزال العام الماضي من أجل تنشيط هذه المحاولات، وهذه الدول قامت بجهود لدى الإدارة الأميركية من أجل عرقلة هذا القانون.
التطبيع.. يشير غانم أيضا إلى عدة نقاط بشأن إعادة تأهيل نظام الأسد دوليا:
- الدول المطبعة -سواء كانت عربية أو غير عربية- تطرح نفسها على أنها وسيط بين إدارة بايدن والنظام السوري، وتسوّق لذلك بوصف التطبيع الوسيلة الأفضل لحل الأزمة السورية.
- هذه الدول نقلت مؤخرا رسائل للنظام السوري بألا يحرك ساكنا في ما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة، كما قالت الصحف الغربية، ومقابل ذلك سيكافأ على ذلك.
- وربما تكون عرقلة مشروع قانون مناهضة التطبيع جزءا من هذه المكافأة.
الجهة المقابلة.. عندما سألت الجزيرة نت مسؤول السياسات في التحالف الأميركي من أجل سوريا عن رد فعل النظام السوري بعد خطوة الإدارة الأميركية؛ أجاب بأنه:
- قد يرى النظام السوري أن سحب إدارة بايدن مشروع القانون يعد ضوءا أخضر لبشار الأسد ليفعل ما يشاء.
- لكن “هذا التصور سيكون خطأ لأننا في التحالف الأميركي من أجل سوريا استطعنا تمرير قانون الكبتاغون 2 ضمن الحزمة التشريعية الأخيرة، والذي سيحارب تجارة المخدرات التي يمارسها النظام”.
- مشروع قانون مناهضة التطبيع نفسه أقره مجلس النواب الأميركي في فبراير/شباط الماضي بأغلبية كبيرة من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
- وهذا يعني أن هناك إجماعا لدى السياسيين والمشرعين الأميركيين على معاقبة نظام الأسد، ولن تستمر إرادة الرئيس الأميركي الفردية أمام هذا الإجماع.
- الولايات المتحدة على أعتاب انتخابات رئاسية، وعقب وصول ساكن البيت الأبيض الجديد سيتم التعجيل بمشروع هذا القانون حتى يعطي الإدارة الجديدة الصلاحيات التي تحتاجها.
- فرصة تعجيل تمرير مشروع القانون وتسريعه لم تعد موجودة حاليا لأن البيت الأبيض تدخّل، لكن هذا لا يعني أن مشروع القانون مات؛ فهو ما زال مطروحا بشكل رسمي أمام مجلس الشيوخ الذي بإمكانه أن ينظر فيه ويصوت عليه في دوراته الاعتيادية.
آثار جانبية.. انعكاس الخطوة الأميركية على الشارع السوري يلخصها علاء غانم بقوله:
- السوريون للأسف اعتادوا على تخلي المجتمع الدولي عنهم، وتخلي القريب قبل الغريب رغم الحجم الهائل للجرائم التي ارتكبت في سوريا.
- الخطوة الأميركية لن تكون مفاجئة للسوريين بعد كل ما مروا به منذ 13 عاما، لكنها ستضاف إلى خطوات سابقة محبطة.
- ما أخرجته صحيفة واشنطن بوست للنور سيكون دليلا جديدا في ملف الأدلة الكثيرة على حقيقة حماية النظام الدولي لنظام الأسد، وعدم السعي جديا لمعالجة ملف الجرائم المرتكبة في سوريا.
وفي ختام تصريحاته للجزيرة نت، قال غانم “إن ما جرى خلال الأسابيع الماضية لا يعني بحالة من الأحوال انتهاء المعركة، فالمعركة مستمرة وهذه جولة من جولاتها، وعلى السوريين ألا ييأسوا لأنه لا يموت حق وراءه مطالب”.
يذكر أنه في مقابلة سابقة مع الجزيرة نت قال مسؤول السياسات في التحالف الأميركي من أجل سوريا إن مشروع قانون مناهضة التطبيع مع نظام الأسد يعد من أقوى التشريعات التي تتعلق بالنظام السوري منذ صدور قانون قيصر عام 2019.
وأرجع هذه الأهمية إلى أن تداعيات مشروع القانون لا تتعلق بالنظام السوري وحده، بل تتعدى إلى كل الدول والمنظمات التي تتعامل مع نظام الأسد، كما يمنع أي حكومة أميركية من الاعتراف بأي حكومة سورية يقودها بشار الأسد.
والتحالف الأميركي من أجل سوريا منظمة غير حكومية وغير ربحية تتكون من تحالف نشأ بين منظمات أميركية وسورية تدعم السياسات الأميركية بشأن سوريا، كما تدعم الإصلاح الديمقراطي وحقوق الإنسان والعدالة، وفق ما تعرف نفسها.