حث الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ طرفي الخلاف في موضوع التعديلات القضائية على الامتناع عن أي أعمال عنف، مستغلا مناسبة دينية يهودية اليوم الخميس للدعوة إلى المصالحة مع اعتزام المحتجين الخروج في مظاهرات أخرى، في حين اتهم رئيس الموساد الأسبق، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتفكيك الجيش وتمزيق إسرائيل.
وقال هرتسوغ، الذي يحاول منذ مارس/آذار الماضي التوسط للوصول إلى تسوية، على فيسبوك “أناشد الجميع: حتى مع وصول الألم إلى ذروته، لابد أن نحافظ على الحدود في الخلاف ونمتنع عن العنف والإجراءات التي لا رجعة فيها”.
وأضاف “يجب أن نتخيل حياتنا معا هنا بعد 40 و50 و100 عام أخرى، وكيف سيؤثر كل إجراء على أطفالنا وأحفادنا وعلى الجسور بيننا”.
وأثارت خطط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية، احتجاجات لم يسبق لها مثيل على مدى شهور، وأدت إلى انقسام المجتمع الإسرائيلي بشكل كبير، ورفض بعض جنود الاحتياط في الجيش الامتثال لأوامر الاستدعاء.
استئناف المظاهرات
وتوقفت المظاهرات المناهضة والمؤيدة للتعديلات القضائية في إسرائيل بمناسبة ذكرى ما يسمى بـ”خراب الهيكل”، وهو يوم صيام عند اليهود، لكن متظاهرين قالوا إنهم سيخرجون بقوة مرة أخرى بمجرد انتهاء فترة الصيام عند غروب الشمس.
وأفاد مراسل الجزيرة بتجدد المظاهرات في وسط تل أبيب بمشاركة آلاف الإسرائيليين احتجاجا على التغييرات القضائية.
ويتهم المتظاهرون نتنياهو بالعمل على الحد من استقلالية المحكمة العليا، في الوقت الذي يدفع فيه ببراءته في محاكمة فساد، وبتغيير نظام العدالة من جانب واحد بما يضر بالليبراليين العلمانيين الذين كانوا مهيمنين في وقت ما.
ونشرت شيكما بريسلر، وهي من قادة الاحتجاجات، ملصقا في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي يقول “الحكومة غير شرعية”. وأضافت “الاحتجاجات ستستمر كما هو مقرر لها في نفس الوقت الذي يتم فيه تكثيف الإجراءات واستخدام أدوات لم تستخدم من قبل”.
وتصاعدت حدة الأزمة الدستورية، التي دخلت شهرها السابع، يوم الاثنين بعد أن أقر الكنيست أول التعديلات القضائية التي يتبناها نتنياهو، ومن شأنها الحد من سلطات المحكمة العليا على الائتلاف الديني القومي الحاكم.
وقدمت جماعات تراقب الأوضاع السياسية طعنا على القانون الجديد أمام المحكمة العليا لإلغائه، مما يمهد الطريق أمام مواجهة غير مسبوقة بين دوائر الحكومة عند سماع المرافعات في سبتمبر/أيلول.
لكن المواجهة القانونية ستبدأ الخميس المقبل، عندما تنظر المحكمة العليا في استئناف ضد مشروع قانون للائتلاف تم التصديق عليه في مارس/آذار، ويحد من شروط عزل رئيس الوزراء من منصبه.
ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك القائمين على السلطة إلى الاستجابة لنداءات المحتجين، الذين قال إنهم يدافعون عن حقوق الإنسان و”المساحة الديمقراطية والتوازن الدستوري اللذين تأسسا بشق الأنفس في إسرائيل على مدى عقود عديدة”.
تداعيات اقتصادية
وأضرت خطط التعديلات القضائية بالاقتصاد الإسرائيلي، وأثارت تحذيرات من وكالات التصنيف الائتماني وأدت إلى انسحاب المستثمرين الأجانب من البلاد.
وفي هذا السياق، قالت وكالة “ستاندرد اند بورز” للتصنيف الائتماني اليوم الخميس، إن الجدل المستمر بشأن خطط التعديلات القضائية في إسرائيل، يزيد من عدم اليقين السياسي الداخلي وسيؤدي إلى انخفاض نموها اقتصادي هذا العام.
ولم تتخذ الوكالة أي إجراء إزاء تصنيف إسرائيل، لكنها توقعت نمو الاقتصاد الإسرائيلي 1.5% في 2023، بانخفاض عن 6.5% في 2022.
ويقول قادة الاحتجاجات إن أعدادا متزايدة من جنود الاحتياط في الجيش، قرروا التوقف عن تأدية الخدمة للتعبير عن معارضتهم، وهو ما أقر به الجيش الذي حذر من أنه إذا طال أمد غياب الجنود سيضر هذا تدريجيا باستعداد البلاد للحرب.
أمة ممزقة
في غضون ذلك، قال رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي الأسبق تامير باردو، اليوم الخميس، إن نتنياهو فكك الجيش الإسرائيلي والموساد، وباتت إسرائيل أمة ممزقة إلى قسمين.
جاء ذلك في رده على سؤال لهيئة البث الإسرائيلية بشأن تهديدات المئات من ضباط وجنود الاحتياط بتعليق خدمتهم بالجيش، ردا على خطة التعديلات القضائية المثيرة للجدل.
وأضاف باردو “نحن نمر بظروف مشابهة لظروف كو كلوكس كلان.. لقد تحالف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع أحزاب عنصرية مروعة ومواقفه ليست بعيدة عنهم”.
وتابع “لو أن دولة ما سنت بعضا من هذه القوانين التي نسنها هنا، لقلنا إنها قوانين عنصرية ومعادية للسامية”، معتبرا أن إسرائيل “باتت أمة ممزقة إلى قسمين في ظل وجود رئيس وزراء لا يرف له جفن”، حسب تعبيره.
وحول مضي الحكومة في المصادقة على التعديلات القضائية، قال باردو “نتنياهو فكك الجيش الإسرائيلي والموساد”.
ويدافع نتنياهو عن التعديلات بالقول إنها ضرورية لتحقيق التوازن بين دوائر الحكم، ووصف الاحتجاجات بأنها محاولة لإفشال التفويض الذي حصل عليه بشكل ديمقراطي.
وأصبحت خطط نتنياهو بشأن التعديلات القضائية مصدر توتر في علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التوسع في المستوطنات بالضفة الغربية المحتلة.