أظهر رصد وتحليل البيانات الملاحية -من موقع “رادار بوكس”- تسجيل ما يزيد على 6 آلاف رحلة عسكرية في المنطقة مرتبطة بالدول الغربية خلال عام من الحرب الإسرائيلية على غزة، مع إقامة جسر جوي دائم بدعم غربي هائل لإسناد إسرائيل في قصف القطاع المحاصر بأطنان من القنابل.
فبعد مرور عام على أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لا تزال الولايات المتحدة ودول العالم الغربي تسارع بتقديم الدعم الاستخباري واللوجستي، فضلا عن إرسال شحنات المساعدات العسكرية لمساندة إسرائيل في حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة بالإضافة لهجماتها الأخيرة على لبنان.
ورصدت وكالة “سند للرصد والتحقق” -التابعة لشبكة الجزيرة- نشاط الرحلات الجوية العسكرية، وحللت بياناتها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى مطلع نفس الشهر من العام الجاري، باستخدام أدوات المراقبة الملاحية والتحليل الجغرافي.
ورصدت “سند” -من خلال تحليل البيانات الملاحية- نحو 1900 رحلة نقل عسكري، توجهت أكثر من 70% منها إلى القواعد العسكرية في قبرص واليونان وإيطاليا، والتي استخدمت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قواعد دعم متقدم لإسرائيل، بينما توجهت البقية إلى إسرائيل مباشرة.
كما تتبعت “سند” أكثر من 1600 رحلة استطلاع جوي نفذت منها إسرائيل نحو 20% فقط، بالإضافة لتوثيق 1800 رحلة لتزويد الطائرات بالوقود في سماء المنطقة.
بريطانيا
وتظهر البيانات تقدم بريطانيا على جميع الدول بأكثر من 47% من رحلات الاستطلاع. وكشفت البيانات أن القوات الجوية البريطانية استعانت بطائرة من طراز “شادو آر1” في غالبية الرحلات.
وتتميز تلك الطائرات التي طورتها شركة “ريثيون” الأميركية بمجموعة متقدمة من أجهزة المراقبة والاستشعار تمكنها من تنفيذ المهام الاستخباراتية وفرض مراقبة مستمرة للتحركات على الأرض وتتبع المركبات وتنفيذ مهام تحديد الأهداف.
ورُصد لهذا النوع من الطائرات نحو 645 رحلة خلال تلك الفترة، بينما استعانت بطائرة “بي-8” في 6 رحلات استطلاع على الأقل، وانطلقت جميع تلك الرحلات بشكل أساسي من قبرص وإسرائيل واليونان.
كما استخدمت بريطانيا أيضا طائراتها الحربية المقاتلة من نوع “تايفون” في أكثر من 135 رحلة على الأقل في سماء إسرائيل، وقد تمكنت من اعتراض عدة مسيرات هجومية إيرانية.
وتصنف “تايفون” بأنها طائرات قتالية متعددة الأدوار وعالية الكفاءة تسمح للطيار بالقيام بأدوار ووظائف متعددة وهي متخصصة في مهمات الرد الجوي السريع.
إسرائيل
أما عن إسرائيل، فقد شاركت بدورها مستخدمة عددا من الطائرات، أهمها الطائرة “أورون” والتي بحسب الرصد قامت بـ167 طلعة جوية خلال عام الحرب بعد أن دخلت الخدمة بشكل كامل لأول مرة عقب عملية “طوفان الأقصى”.
وتُعد “أورون” من أكبر القطع الجوية الإسرائيلية، ويمكنها اكتشاف آلاف الأهداف في ثوانٍ على مساحة تمتد لآلاف الكيلومترات، بحسب رئيس قسم البحث والتطوير العسكري الإسرائيلي العميد يانيف روتم.
كما استخدمت إسرائيل طائرتين على الأقل من طراز “إيتام” للإنذار المبكر، وتعمل الطائرة ضمن السرب نفسه في أكثر من 58 رحلة مرصودة، بالإضافة لطائرتين من طراز “شافيت” بواقع 16 رحلة على الأقل. كما استخدمت طائرتين من طراز “بيتش بي 200 تي زوفيت 5” في 45 رحلة، بينما كان لطائرة “بيتش كرافت بي 200 تي زوفيت 3” رصيد 35 رحلة.
الولايات المتحدة
وبالنسبة للولايات المتحدة فقد استخدمت بشكل مكثف طائرتها الضخمة المخصصة للاستطلاع البحري من طرازي “بوسيدن بي-8أي” و”ماريتايم باترول إيركرافت” في أكثر من 167 رحلة استطلاع. كما استخدمت طائرات “بوينغ آر سي-135″ و”لوكهيد إي بي-3” في أكثر من 90 رحلة استطلاع، في حين ظهرت المسيرة من طراز “إم كيو-4سي ترايتون” -التي يديرها سلاح البحرية- في أكثر من 73 رحلة، وفقاً للبيانات الملاحية المرصودة.
كما استعانت الولايات المتحدة بطائرة الإنذار المبكر من طراز “بوينغ إي-3 سينتري” المزودة بمنصة متكاملة لإدارة المعركة والتحكم فيها، في 16 رحلة.
الإمداد بالوقود والنقل العسكري
وإلى جانب طائرات الاستطلاع رصدت “سند” قرابة 1800 رحلة تزود بالوقود في سماء المنطقة، وتوضح البيانات التحليلية قيام إسرائيل بما يصل إلى 950 رحلة تليها القوات الجوية البريطانية بما يزيد على 560 رحلة إمداد جوي بالوقود.
ويكشف تحليل البيانات الذي تم رصده أن قرابة 365 رحلة نقل عسكري توجهت إلى إسرائيل بشكل مباشر، بالإضافة إلى 840 رحلة إلى القواعد العسكرية في قبرص واليونان وإيطاليا، والتي تُستخدم بشكل مكثف لدعم الاحتلال، بإجمالي يتجاوز 1200 رحلة شحن عسكري.
قواعد الانطلاق
وساهمت القوات الجوية الألمانية بما يفوق 80 رحلة نقل عسكري، انطلق معظمها من قاعدة “ونزتروف” الجوية، بينما انطلق نحو 25% من رحلات النقل العسكري الأميركية من قاعدة رامشتاين التابعة، والموجودة جنوب غرب ألمانيا. ويظهر أيضا أن 11 رحلة نقل عسكري إسرائيلية على الأقل أقلعت من ألمانيا إلى إسرائيل.
بينما اعتمدت القوات الجوية البريطانية في رحلاتها للنقل العسكري، التي تجاوزت 350 رحلة، على قاعدة “برايز نورتون” في أوكسفورد شاير (شمال غرب لندن) بينما اعتمدت في رحلاتها للاستطلاع والتزود بالوقود بشكل رئيسي على قاعدة “أكروتيري” البريطانية في قبرص.
واعتمدت الولايات المتحدة بشكل رئيسي في رحلاتها على قاعدة “سودا” بجزيرة كريت اليونانية، كما استخدمت أيضا قاعدة “بافوس” الجوية في قبرص، وقاعدة “سيجونيلا” الإيطالية التي تحوي محطة تابعة للقوات الجوية والبحرية الأميركية وتقع شرق صقلية بإيطاليا.
وتستخدم إسرائيل والدول الغربية -بالإضافة لتلك الطائرات- أسطولا ضخما متنوعا من المسيرات التي تنفذ رحلات مختلفة المهام لا تغادر سماء غزة ولبنان، ولا يمكن رصدها من أدوات التتبع الملاحي مفتوحة المصدر.
ولذلك تظل الأعداد المرصودة بهذا التقرير أقل من رحلات الاستطلاع الفعلية التي لا تغادر سماء فلسطين المحتلة ولبنان، ولكنها تدل على حجم تلك الرحلات غير المسبوق في التاريخ على منطقة جغرافية محدودة.
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 -بدعم أميركي مطلق، وعلى مرأى ومسمع من العالم كله- حرب إبادة جماعية على غزة، خلّفت حتى ظهر أمس الثلاثاء 143 ألف شهيد وجريح فلسطينيين معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
في حين أسفر العدوان على لبنان إجمالا عن خسائر بشرية بلغت ألفين و546 قتيلا، و11 ألفا و862 جريحا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، فضلا عن أكثر من مليون و340 ألف نازح.