رغم تباين قراءاتهم لقرار الحكومة المصرية بيع أصول مملوكة للدولة، فإن خبراء حذروا في حديثهم لبرنامج “ما وراء الخبر” من انعكاسات هذا القرار على المواطن المصري الذي يعاني أوضاعا معيشية صعبة في ظل الظروف الحالية.
وقال أستاذ الاقتصاد السياسي وخبير الاقتصاد الدولي، الدكتور عبد النبي عبد المطلب إن قرار الحكومة المصرية إبرام عقود لبيع أصول حكومية للشركات الخاصة هو رسالة موجهة لصندوق النقد الدولي وللمستثمر المصري الذي ارتأت اللجوء إليه كحل وسط في ظل المشاكل الاقتصادية التي تواجهها.
وأضاف أن الحكومة تريد أن تقول للمستثمر المصري إنها ملتزمة بتطبيق القرارات التي اتخذتها مؤخرا والمتعلقة بالمساواة بين الشركات الحكومية وشركات القطاع الخاص في الالتزامات والواجبات.
وكانت الحكومة المصرية أعلنت إبرام عقود لبيع أصول حكومية لشركات خاصة بقيمة تصل إلى 1.9 مليار دولار. وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إن الخطوة جزء من برنامج حكومي للطروحات ولا علاقة لها بالأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر.
أما الباحث في التمويل الدولي والدراسات الاقتصادية، الدكتور مصطفى يوسف فرأى، في حديثه للبرنامج، أن قرار الحكومة المصرية يرتبط 100% بالأزمة الاقتصادية الحالية، لعدة أسباب منها، أن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي صرح قبل 30 يونيو/حزيران الماضي بأنه سيتم بيع أصول بأكثر من ملياري دولار، لكن لم يتم بيع سوى 7%.
وقال الدكتور يوسف إنه يثمّن بيع الأصول للمستثمرين المصريين سواء في الداخل من قبل رجال الأعمال أو في الخارج، حيث إن أكثر من 11 مليون مصري في الخارج كان يحوّلون أكثر 35 مليار دولار سنويا، ولكن هذه النسبة تراجعت كثيرا بسبب خوف هؤلاء على ودائعهم.
وقدم بعض الأرقام عن الوضع الاقتصادي المصري الصعب، إذ كشف أن مصر تستورد منذ قيام ما أسماها “الجمهورية الجديدة” في 3 يوليو/تموز 2013 أكثر من 70% من احتياجاتها الغذائية أو السلع الوسيطة، بالإضافة إلى زيادة القروض الخارجية من 43 مليار دولار إلى أكثر من 165 مليارا، كما زادت الديون الداخلية والصادرات غير البترولية.
وبحسب المتحدث نفسه، فقد حذّر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ عام 2019 من المشكلة الكبيرة التي تواجه مصر، حيث إن أكثر من 60% من المصريين فقراء أو تحت خط الفقر، وبعد جائحة كورونا وحرب روسيا على أوكرانيا ارتفع الرقم إلى أكثر من 70%، وذلك طبقا لتقارير غير رسمية.
وعن انعكاسات قرار بيع الأصول المملوكة للدولة على المواطن المصري، رأى الدكتور يوسف أن المواطن المصري يعاني بسبب غياب مصادر للعملة الأجنبية، وتوقع زيادة التضخم ومعدلات الفقر، ولن يتحسن الأمر إلا بوجود خطة تنمية حقيقية ومواجهة المشاكل.
ومن جهته، لم يستبعد أستاذ الاقتصاد السياسي وخبير الاقتصاد الدولي عبد المطلب في حدوث أضرار مضاعفة على المواطن المصري جراء قرار الحكومة المصرية بإبرام عقود لبيع أصول حكومية للشركات الخاصة.
الشروط الخليجية للاستثمار في مصر
وعن الشروط الخليجية للاستثمار المباشر في مصر، ركز الباحث والمستشار الاقتصادي، علي العنيزي على مسألة الإصلاحات الاقتصادية الواضحة ومن أبرزها، خصخصة القطاعات والشفافية، ودخول القطاع الخاص كإدارة، بالإضافة إلى توفير حرية المنافسة الكاملة وإصلاح تعثر سعر الجنيه، مشيرا إلى أن الدول الخليجية لا تستثمر في مصر من أجل المنفعة المادية فقط بل إنها تريد أيضا مساعدة مصر.
وقال إن المشاكل الاقتصادية الطارئة والاستثنائية خلقت جوا غير صحي للاستثمار في مصر، مبرزا أن تراجع صرف الجنيه المصري كان سببا في إحجام الدول التي كانت تقدم مساعدة لمصر عن طريق الودائع أو شراء السندات الحكومية.
في حين أوضح الدكتور عبد المطلب أن الشروط الخليجية للاستثمار في مصر تتعلق بمسألة وضوح سياسات سعر الصرف، وأن من حق المستثمر الخليجي أن يطالب بالوصول لسعر صرف عادل يضمن له حساب الأرباح والخسائر.
وتابع أن الشروط الأخرى تتعلق بتحسين مناخ الاستثمار ومنها، أن تكون المعاملة الضريبية والجمركية والقضائية على حد سواء ما بين المستثمر المصري والعربي والأجنبي والاستثمارات المملوكة للحكومة وللجهات السيادية، وهي ليست شروطا بل أساسيات من أجل تشجيع الاستثمار في مصر.