تنطلق اليوم الثلاثاء في العاصمة الليتوانية فيلنيوس قمة لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، لمناقشة عدد من الملفات أبرزها: دعم أوكرانيا ووضع آليات دفاع ضد روسيا وانضمام السويد للحلف، في حين ألمح الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ إلى إمكانية تقليص المراحل المطلوبة من أوكرانيا للانضمام إلى الحلف.
وقال ستولتنبرغ في مؤتمر صحفي مع الرئيس الليتواني في العاصمة فيلنيوس إن الحلف أقوى من أي وقت مضى رغم التحديات، موضحا أن الاجتماع سيؤكد على دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا وتقديم مساعدات عسكرية لها وتعزيز دفاعات الحلف.
بدوره، قال رئيس ليتوانيا غيتاناس ناوسيدا إن أمن الجبهة الشرقية للناتو يجب أن يكون أولوية للحلف.
وفور وصوله إلى ليتوانيا، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الثلاثاء أن بلاده ستشرع في إمداد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى لمساعدتها في الدفاع عن نفسها.
وقال “قررت زيادة شحنات الأسلحة والعتاد لتمكين الأوكرانيين من امتلاك القدرة على تنفيذ ضربات عميقة مع الحفاظ على قناعتنا بالسماح لأوكرانيا بالدفاع عن أراضيها”.
ورفض ماكرون الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول عدد الصواريخ أو أنواعها.
من جهته، أعلن البيت الأبيض اليوم الثلاثاء أن حلف شمال الأطلسي سيعرض مسارا يتيح في نهاية المطاف انضمام أوكرانيا إلى صفوفه، لكن من دون تحديد “جدول زمني” لذلك.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان إن الحلف الذي يبدأ اليوم اجتماع قمة في فيلنيوس، سيحدد “مسار إصلاح لأوكرانيا”، لكن “لا يمكنني تحديد جدول زمني لذلك”. وأوضح المسؤول الأميركي أن الرئيس جو بايدن سيلتقي نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في العاصمة الليتوانية غدا الأربعاء.
إجراءات أمنية ضدّ روسيا
واستبعد سوليفان أي انضمام فوري لأوكرانيا بسبب صراعها المستمر مع روسيا، قائلا إن ذلك “سيجرّ الناتو إلى حرب مع روسيا”.
وأشار إلى أن هناك “الكثير من حسن النية” لدى الحلفاء المجتمعين في قمة فيلنيوس، فيما دعا زيلينسكي إلى الحصول على “إشارة واضحة” من الغربيين حول احتمالات انضمام بلاده إلى الناتو.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت عضوية الناتو ستكون مستحيلة طالما أن هناك قوات روسية على الأراضي الأوكرانية، ترك سوليفان الباب مفتوحا أمام الحلول الوسط.
وتابع “اليوم، لن نحدد كيف ستنتهي الحرب ولن نضع تعريفا لذلك”.
وبعيدا عن مسألة العضوية، تناقش الدول الأعضاء في الناتو إجراءات أمنية مؤقتة ملموسة لعرضها على أوكرانيا، بالإضافة إلى المساعدات الحالية التي تتدفق لمساعدة جيش كييف في صدّ القوات الروسية.
وقال سوليفان إن هذه المسألة ستناقش خلال اجتماع غد الأربعاء بين بايدن وزيلينسكي، موضحا أنهما سيبحثان “كيف أن الولايات المتحدة -إلى جانب شركائنا- مستعدة لتقديم التزامات طويلة الأمد لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها الآن، وردع أي عدوان في المستقبل”.
في سياق مواز، نقلت رويترز عن 3 دبلوماسيين قولهم إن الدول الأعضاء في الناتو توصلت إلى اتفاق حول خطط توضح بالتفصيل كيف سيرد الحلف على هجوم روسي، متغلبا على محاولة تركية لعرقلة الاتفاق.
ويشير ذلك إلى تحول كبير، فهي المرة الأولى التي يضع فيها الحلف مثل هذه الخطط منذ نهاية الحرب الباردة قبل ثلاثة عقود.
وحاولت تركيا عرقلة الاتفاق على الخطط بسبب مشكلة صياغة تتعلق بمواقع جغرافية، مثل موقع قبرص.
روسيا تتوعد
وفي موسكو، قال الكرملين إن انضمام أوكرانيا إلى الناتو يشكل تهديدا لروسيا، وهو ما يتطلب رد فعل سريعا، موضحا أن روسيا تراقب قمة الناتو “عن كثب”.
وحذّر الكرملين من أن انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي ستكون له عواقب وخيمة على هيكلية الأمن في أوروبا.
من جهتها، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن الدبلوماسي الروسي قسطنطين غافريلوف، قوله إن إعلان الولايات المتحدة عن خطط لزيادة إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا يظهر عدم اهتمامها بالتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة.
وأضاف غافريلوف في تعليقات نشرت اليوم الثلاثاء أن أوروبا ستكون أول من يواجه “عواقب كارثية” في حالة تصعيد الحرب.
انضمام السويد
وفيما يخص انضمام السويد للحلف، وافقت تركيا أمس الاثنين على عرض بروتوكول انضمام السويد إلى الناتو في البرلمان.
وعقب محادثات في فيلنيوس مع أردوغان ورئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، قال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ “يسرني إعلان أن الرئيس أردوغان وافق على عرض بروتوكول انضمام السويد” على البرلمان “في أسرع وقت ممكن، وعلى العمل مع المجلس لضمان التصديق” عليه، مضيفا أنه “يوم تاريخي”.
وتابع ستولتنبرغ أن “استكمال انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي خطوة تاريخية تفيد أمن كل الحلفاء في الناتو في هذه الأوقات الحرجة، وتجعلنا جميعا أكثر قوة وأمنا”.
كما رحّب رئيس وزراء السويد بالموافقة التركية، واصفا موقف أنقرة الجديد بأنه “خطوة كبيرة جدا”.
وقال كريسترسون -خلال مؤتمر صحفي- “نخطو خطوة كبيرة نحو التصديق رسميا على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، إنه يوم جيد للسويد”، معربا عن “سعادته الكبيرة” بالاتفاق.
المجر على خطى تركيا
من ناحيته، وصف رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك موضوع انضمام السويد باللحظة التاريخية لحلف الناتو، قائلا إنها تجعل أعضاءه جميعا أكثر أمانا، مشيرا إلى أنه يتطلع إلى الترحيب بالسويد في الحلف.
أما رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، فقد قال إن انضمام السويد إلى الناتو سيزيد من أمن الحلف وأمن أوروبا.
ورحّبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بما قالت إنها خطوة تاريخية مهمة، كما رحّبت وزيرة الخارجية النرويجية بإعلان الناتو بشأن انضمام السويد، مؤكدة أن وجودها في الحلف مهم لدول البلطيق وللجميع، بحسب تعبيرها.
ورحّب سوليفان بقرار تركيا، لافتا إلى أن “القيادة الشخصية للرئيس جو بايدن” كانت أساسية في دفع الرئيس التركي إلى التوقف عن عرقلة محاولة السويد الانضمام إلى الناتو، وهو أمر يتطلب إجماع كل أعضاء التحالف.
واتصل بايدن بأردوغان من الطائرة الرئاسية وهو في طريقه إلى لندن، قبل توجّهه إلى قمة الناتو، ومن المقرر أن يجتمع معه وجها لوجه في فيلنيوس في وقت لاحق اليوم الثلاثاء.
بدورها، أعطت المجر -التي لم تصادق بعد على انضمام السويد لحلف شمال الأطلسي- إشارة إيجابية لذلك اليوم الثلاثاء.
وقال وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو “موقفنا واضح: الحكومة تدعم انضمام ستوكهولم للحلف الأطلسي.. استكمال عملية المصادقة لم يعد الآن سوى مسألة تقنية”، وذلك في تصريحات له على فيسبوك قبيل توجهه لحضور قمة الناتو في فيلنيوس.
الكرملين: انضمام السويد إلى حلف الأطلسي سيكون له تداعيات سلبية على الأمن الروسي
لكن موسكو قالت اليوم عبر تصريحات للكرملين إن انضمام السويد المتوقع إلى حلف شمال الأطلسي سيكون له تداعيات سلبية واضحة على الأمن الروسي وسيتطلب ردا مماثلا لما تم اتخاذه عند انضمام فنلندا للحلف.
وقلل المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف من شأن قرار تركيا العدول عن معارضتها لانضمام السويد، قائلا إن أنقرة عليها التزامات بصفتها عضوا في الحلف وإن موسكو ليس لديها أوهام بشأن هذا الأمر.
وأضاف أن هناك اختلافات بين روسيا وتركيا لكن بينهما أيضا مصالح مشتركة، وأن موسكو تعتزم تطوير علاقاتها مع أنقرة.