تسعى السنغال لإعادة مواطنيها الفارين من أتون الحرب الإسرائيلية المتصاعدة على لبنان عبر رحلات جوية كان آخرها رحلة نظمتها الحكومة تضم 117 سنغاليا هبطت طائرتهم في وقت متأخر أمس السبت في العاصمة دكار.
وكان من بين العائدين الطفلة هاشم مريم التي تبلغ 11 عاما وأصيبت بكسر في القدم، في حين لم يكن شقيقها البالغ من العمر 14 عاما معها حيث قتل عندما قصف منزلهم في العاصمة اللبنانية بيروت.
يقول حسين هاشم بعدما عانق ابنته المصابة وسط مشاهد عاطفية خارج مطار ليوبولد سيدار سنغور الدولي حيث اجتمعت الأسر مع أحبائها في وقت متأخر السبت إنه فقد كل شيء، ابنه ومنزله وأحلامه.
ويضيف: “لدينا ابن يبلغ من العمر 14 عاما ونصف العام اختفى فجأة. قبل 10 دقائق كنت أتحدث معه. “مرحبا؟” قال: “أبي، هل ستأتي لأخذي؟” قلت له “نعم”.. وبعد 10 دقائق اتصلوا بي: “لم يعد هناك منزل، لم يعد هناك ابن”.
وللسنغال روابط تاريخية كبيرة مع كل من لبنان وفلسطين، ومساء أمس السبت قالت وزيرة خارجية السنغال ياسين فال في مقابلة مع وكالة رويترز “إن الحكومة السنغالية، بالطبع، تدين قصف الجيش الإسرائيلي للبنان، وقصف المدنيين.. وتدمير البنية الأساسية”.
وأضافت أن هناك نحو ألف مواطن سنغالي في لبنان لكن بعضهم غادر بوسائلهم الخاصة قبل رحلة العودة.
وسلطت فال الضوء على العلاقة الطويلة الأمد بين بلادها والشعب الفلسطيني، والتي يعود تاريخها إلى عام 1975 عندما ترأست السنغال لجنة الأمم المتحدة لممارسة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.
وقالت في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة: “نشعر بخيبة أمل شديدة لرؤية العالم يشاهد إبادة جماعية تحدث تحت أعيننا، أطفال يُقتلون، وأطفال يُطلق عليهم الرصاص في الرأس، ومستشفيات تُقصف، ومرضى لا يمكن إجلاؤهم، وأشخاص في مخيمات اللاجئين لا يقاتلون، مدنيون، يُشوهون ويُقتلون”.
وأضافت: “لذا فإن السنغال، مع دول أخرى، تدين هذا الأمر جنبا إلى جنب ونسميه بما هو عليه: إنه إبادة جماعية”.
وتشن إسرائيل -بدعم أميركي مطلق- منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حرب إبادة جماعية على غزة، خلّفت أكثر من 142 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
وفي الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بدأ الجيش الإسرائيلي عمليات قصف غير مسبوق لمخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة في شمالي القطاع، قبل أن يعلن في اليوم التالي عن بدء اجتياح لهذه المناطق؛ بذريعة “منع حركة (المقاومة الفلسطينية) حماس من استعادة قوتها في المنطقة”، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجير سكانها.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان، بينها حزب الله، بدأت بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وسعت تل أبيب منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي، نطاق الإبادة لتشمل جل مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفر العدوان على لبنان إجمالا عن 2448 قتيلا و11 ألفا و471 جريحا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، فضلا عن أكثر من مليون و340 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات رسمية لبنانية.
ويرد حزب الله يوميا بصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.