بأقلام المحررين
18/10/2024–|آخر تحديث: 18/10/202402:56 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
بعد عام كامل من المطاردة والعربدة في قطاع غزة، قالت إسرائيل مساء الخميس إنها نجحت أخيرا في قتل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار خلال اشتباكات جرت في اليوم السابق بجنوب قطاع غزة.
ورغم التباهي الدائم بقدراتها الاستخبارية والبرهنة على ذلك مؤخرا بعدة اغتيالات كبيرة في لبنان، فإن إسرائيل لم تتمكن على مدى عام كامل، وربما أكثر من ذلك، من الوصول إلى مطلوبها الأول.
فالرجل الذي زلزل الكيان المحتل بعملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لقي ربه بمحض الصدفة، كما اعترف بذلك المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري خلال مؤتمر صحفي مساء الخميس.
هاغاري قال “لم نكن نعرف أنه موجود هناك، في البداية تعرفنا عليه بوصفه مسلحا داخل أحد المباني، وشوهد وهو ملثم يلقي لوحا خشبيا نحو الدرون (الطائرة المسيرة) قبل ثوان من مقتله”.
كثيرا ما ادعت إسرائيل وأنصارها ومشايعوها أن قادة حماس يختبئون بين المدنيين، لكن ها هي تعترف بنفسها بأن قائد حماس حارب حتى الثواني الأخيرة من عمره، محتفظا بالطموح الذي ميّزه حتى النهاية وجعله يحاول استهداف طائرة مسيرة بقطعة من الخشب هي ربما ما تيسر له في تلك اللحظة.
هل كان مثل هذا الرجل يخشى الموت؟ وهل يتوقع من يتصدى لقيادة حركة مقاومة لمحتل غاشم غير ذلك؟
الوعد الحق
لا يبدو أن الأمر كان مجرد توقّع، بل كان أمنية كشف عنها السنوار بنفسه خلال لقاء صحفي قبل سنوات قلائل.
فقد قال الرجل “أكبر هدية يمكن أن يقدمها العدو والاحتلال لي هي أن يغتالني وأن أقضي شهيدا على يده، أفضل أن أستشهد بالصواريخ على أن أموت بكورونا أو بجلطة أو بحادث طريق أو بطريقة أخرى مما يموت به الناس”.
ومضى الرجل شارحا هذه الأمنية قائلا “في هذا السن اقتربت من الوعد الحق وأفضل أن أموت شهيدا على أن أموت فطيسة”.
وفطيسة بالتعبير الدارج في فلسطين ودول عربية مجاورة يقصد بها ذلك الذي يموت ميتة لا شرف فيها ولا ثمن لها، أو في الأحسن الأحوال ميتة عادية.
وأعدّوا
السنوار إذن مات كما يتمنى، فقد استشهد وهو يرتدي زيه العسكري ويقاتل بكل ما استطاع من قوة، ولم يكن مختبئا في نفق مثلما ردد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارا.
وكما حرم الاحتلال من الأمان في طوفان الأقصى، فقد حرمه أيضا في لحظاته الأخيرة من أعطائهم صورة نصر لطالما حلموا به، فرغم كل هذه القدرات العسكرية والاستخبارية، وكل هذه المساندة من قوى دولية كبرى مقابل سكوت إقليمي، فإن هذا الجيش الضخم لم يتمكن من قتل عدوه المقاوم إلا عن طريق الصدفة.
ستتأثر حماس والمقاومة دون شك برحيل السنوار، لكن متى تأثرت حركة مقاومة ضد المحتل برحيل أحد قادتها؟ فقد سبقه إلى الشهادة كثيرون ليس أولهم مؤسس حماس أحمد ياسين، وما زالت الحركة تقاوم وتعد لعدوها ما تستطيع من قوة ورجال.