قال مصدران سودانيان مطلعان للجزيرة إن المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي تجري بوساطة أميركية سعودية في مدينة جدة، اقتربت من الوصول لاتفاق يحقق “هدنة حقيقية تحت رقابة خارجية”.
يأتي ذلك في وقت تتواصل فيه الاشتباكات بين الطرفين منذ اندلاعها يوم 15 أبريل/نيسان الماضي في العاصمة الخرطوم ومناطق سودانية أخرى، بينما نفى مصدر بقوات الدعم السريع أن يكون قائدها محمد حمدان حميدتي أو نائبه قد أصيبا في معارك مع الجيش، مشيرا إلى أن ظهورهما العلني خاضع لتقديرات أمنية وسيحدث حينما يكون ذلك مناسبا، وفق تعبيره.
وأكد المصدران المطلعان -وهما من وزارة الخارجية السودانية وقوات الدعم السريع- أن مفاوضات جدة ما زالت مستمرة وبشكل غير مباشر.
وأشارا إلى أن مولي في مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية إلى جانب الوسطاء السعوديين يبذلون جهودا مقدرة للوصول لاتفاق.
هدنة حقيقية
وأضاف المصدر المطلع في الدعم السريع أن وصول الطرفين لاتفاق بات قريبا لتحقيق هدنة حقيقية تحت رقابة خارجية، يتم فيها إجلاء المرضى والجرحى وفتح مسارات آمنة للمدنيين لتخفيف معاناة السودانيين.
ورجح المصدر أن ذلك يمكن أن يحدث خلال 48 ساعة إن لم تحدث تطورات سالبة، وفق تعبيره.
وأكد المصدر الدبلوماسي أن العقبة التي تعترض المفاوضات هي محاولة إقحام موضوع هيكلة القوات المسلحة وإخراج المفاوضات من مسارها الفني إلى مسار سياسي أوسع يتحدث عن أدوار للمدنيين وهو أمر يرفضه مفاوضو الجيش السوداني ويتجاوز تفويضهم.
وشدد المصدر المطلع ذاته في الدعم السريع على أن الحديث عن مبادرة أخرى تحت رعاية منظمة “إيغاد” (IGAD) غير دقيق، وأن تعدد المبادرات تكتيك مارسه النظام المعزول، وأن حديث المستشار السياسي لقوات الدعم السريع في هذا الصدد أُخرج عن سياقه.
معارك متواصلة
وتأتي هذه التطورات السياسية في حين تتواصل المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذ ذكرت مصادر محلية للجزيرة أن انفجارا وقع وسط العاصمة السودانية الخرطوم، صباح اليوم الخميس، وعلى إثره تصاعدت أعمدة الدخان في المكان.
كما رصد مراسل الجزيرة جنوب الخرطوم وقوع اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع بالأسلحة الثقيلة.
وقال إعلام مجلس السيادة إن القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان قام بجولة في محيط القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم.
وأكد مصدر عسكري في الجيش للجزيرة أن قوات الجيش استعادت السيطرة على مواقع عسكرية فقدتها في العاصمة، بينما قالت قوات الدعم السريع إنها تصدت للجيش في الخرطوم بحري.
قتلى مدنيون
وقد أعلنت نقابة أطباء السودان اليوم الخميس ارتفاع عدد القتلى المدنيين الذين سقطوا جراء الاشتباكات إلى 832، وقالت -في بيان لها- إن “استمرار الاشتباكات أدى إلى سقوط مزيد من الضحايا بالعاصمة الخرطوم وعدد من الولايات”.
وعن الحصيلة الجديدة، أفادت بأن “عدد الوفيات بين المدنيين ارتفع منذ بداية الاشتباكات إلى 832 حالة وفاة، و3329 إصابة”.
وأضافت أنه يوجد كثير من الإصابات والوفيات غير مشمولة في هذا الحصر، لعدم التمكن من الوصول إلى المستشفيات بسبب صعوبة التنقل والوضع الأمني.
وكانت آخر حصيلة أعلنتها النقابة الثلاثاء الماضي، وسجلت 822 قتيلا و3215 جريحا بين المدنيين.
مليون نازح
إنسانيا، قالت مفوضية شؤون اللاجئين بالأمم المتحدة -في تغريدة على تويتر- إن القتال الدائر في السودان منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي أدى لنزوح أكثر من مليون شخص.
كما قدّرت الأمم المتحدة بنحو 25 مليون شخص عدد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية في السودان.
من جهته، قال راميش راجاسينغهام مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف للصحفيين “يحتاج اليوم 25 مليون شخص -أي أكثر من نصف سكان السودان- لمساعدات إنسانية وللحماية”، موضحا أن هذا العدد “هو أكبر عدد” محتاجين لمساعدات إنسانية تسجله الوكالة الأممية في هذا البلد على الإطلاق.
وأشارت المفوضية إلى أنها بحاجة لمبلغ 470 مليون دولار لحماية هؤلاء النازحين ومساعدتهم والمجتمعات التي تستضيفهم.
وكانت الأمم المتحدة وشركاؤها قد نادوا بتوفير أكثر من 3 مليارات دولار لمواجهة الأعباء الإنسانية التي تكبدها ملايين السودانيين جراء الصراع الذي تسبب في فرار مئات الآلاف إلى دول الجوار.