تجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” صباح السبت، في العاصمة الخرطوم ومدينتي نيالا والأبيض، في حين وضع وزير الخارجية السوداني علي الصادق عدة شروط للقبول بهدنة جديدة.
وقال مراسل الجزيرة إن طائرات الجيش السوداني حلقت منذ الصباح الباكر بكثافة وقصفت أهدافا للدعم السريع في سماء مدن العاصمة السودانية (الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان).
وردت قوات الدعم السريع بإطلاق المضادات الأرضية، كما قصفت بالمدفعية مقر القيادة العامة للقوات المسلحة وعددا من مواقع الجيش في وسط الخرطوم وجنوبي أم درمان.
وكان الإعلام العسكري التابع للجيش السوداني ذكر أن قوات من الجيش نفذت عمليات عسكرية استهدفت تجمعات لقوات الدعم السريع بمنطقة جَبرة، جنوب العاصمة الخرطوم.
وأظهرت صور انتشار قوات الجيش في حي جبرة الذي يعتبر من أبرز أحياء جنوب الخرطوم، حيث كان يوجد فيه منزل قائد الدعم السريع وأسرتِه قبل بداية العمليات العسكرية بين الجيش والدعم السريع منذ أكثر من 3 أشهر.
وقال الجيش السوداني إن قوات الدعم السريع “بدأت تستخدم في قتالها أطفالا تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عاما، في مخالفة للقانون الدولي الإنساني”.
سرقة مساعدات طبية
وفي الخرطوم أيضا، قالت منظمة “أطباء بلا حدود” الجمعة إن مسلحين اعتدوا على مجموعة من العاملين فيها كانوا يسلمون إمدادات طبية إلى أحد المستشفيات.
وقالت المنظمة في بيان، إن المهاجمين اعتدوا على فريق يضم 18 من أفرادها يوم الخميس في أثناء محاولتهم نقل إمدادات إلى المستشفى التركي بجنوب الخرطوم.
وجاء في بيان المنظمة “بعد جدل حول أسباب وجود منظمة أطباء بلا حدود، هاجم المسلحون فريق المنظمة بعدوانية وضربوهم وألهبوهم بالسياط، اعتقلوا سائق سيارة تابعة للمنظمة وهددوه بالقتل قبل الإفراج عنه وسرقوا السيارة”.
وقالت المنظمة إن الحادث عرّض أنشطتها للخطر بالمستشفى، وهو أحد مستشفيين فقط ما زالا يعملان في جنوب الخرطوم.
من جانبها، أعربت السفارة الأميركية في الخرطوم عن غضبها من استهداف الطواقم الطبية من طرف المسلحين في السودان.
ودعت في تغريدة على تويتر أطراف الصراع في السودان إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي وإعلان جدة، لضمان سلامة العاملين الطبيين ومنشآتهم.
معارك الولايات
وفي سياق متصل، أكد شهود عيان، أن مدينة نيالا، مركز ولاية جنوب دارفور (غرب) شهدت أيضا اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع.
من جانبها، أعلنت “هيئة محامي دارفور” (غير حكومية) في بيان، السبت، مقتل 16 شخصا بمدينة نيالا مركز ولاية جنوب دارفور، إثر تجدد الاشتباكات مساء الجمعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وحذرت الهيئة من دخول الولاية والمدينة في حالة فوضى شاملة بعد إخلاء أحياء وسط نيالا ونزوح سكانها إلى الجنوب، قبل أن تنتقل المعارك بين طرفي الحرب إلى المناطق التي هرب إليها السكان.
وطبقا لشهود عيان، فقد شهدت مدينة الأبيض، مركز ولاية شمال كردفان (جنوب)، اشتباكات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، مما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية على الأرض.
وصباح السبت، اتهم المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله في بيان، قوات الدعم السريع بـ”تجنيد أطفال تتراوح أعمارهم بين 14 و15 سنة، في مخالفة للقانون الدولي الإنساني”.
وأضاف في بيان أن الدعم السريع “استقطب أيضا عددا من المجرمين الهاربين من السجون، واستخدمهم في تنفيذ عمليات إجرامية مصاحبة”.
شروط الحكومة
سياسيا، أعلن وزير الخارجية السوداني علي الصادق، مساء الجمعة، شروط الحكومة السودانية للقبول بهدنة جديدة مع قوات الدعم السريع.
وقال الصادق إن “المعلومات المتداولة بشأن احتمالات التوصل إلى هدنة في مسار مفاوضات جدة غير دقيقة ولا تعكس واقع الحال، لأن المفاوضات غير المباشرة لم تستأنف أعمالها بصورة جدية بعد”.
وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء السودانية، أن “القبول بهدنة أخرى مشروط بالتزام المتمردين (الدعم السريع) بإخلاء المرافق العامة والخروج من بيوت المواطنين والكف عن عمليات السلب والنهب وقطع الطرقات وتعطيل حياة الناس”.
والسبت الماضي، أعرب رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان عن “استعداد الحكومة لوقف إطلاق النار متى تم إخلاء مساكن المواطنين ومراكز خدمات المياه والكهرباء والطاقة والمقرات الحكومية من قبل متمردي الدعم السريع”.
ويتبادل الجيش، و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، اتهامات ببدء القتال في 15 أبريل/ نيسان الماضي، وارتكاب خروقات خلال سلسلة هدنات لم تفلح في وضع نهاية للاشتباكات.
ومع دخولها شهرها الرابع، خلّفت الاشتباكات أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، ونحو 3 ملايين نازح ولاجئ داخل وخارج إحدى أفقر دول العالم، بحسب الأمم المتحدة.