قال نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، خلال زيارته إلى كينيا ولقائه الرئيس الكيني، إن السودان بحاجة لخطوات فعالة لإحلال السلام تحت المظلة الأفريقية التي أسستها الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (الإيغاد) وتجنب تعدد المبادرات.
يتزامن ذلك مع استمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في مناطق سودانية عدة، منها الخرطوم حيث أفاد مراسل الجزيرة بسماع دوي انفجار قوي وتحليق للطائرات الحربية في جنوب المدينة صباح اليوم، وذلك بعد ساعات من إعلان طرفي الصراع تمديد الهدنة التي تم التوصل إليها بوساطة سعودية أميركية في 20 مايو/أيار الجاري لـ5 أيام إضافية.
وقبل انقضاء الهدنة السابقة، قصفت الطائرات الحربية للجيش مواقع لقوات الدعم السريع حول جسر الحلفايا في العاصمة، ودارت اشتباكات في جنوبها وغربها استخدمت فيها أسلحة مختلفة. كذلك أفاد مراسل الجزيرة بتجدد الاشتباكات بين الجانبين في مدينة نيالا غربي البلاد.
ترحيب بالهدنة
وقد رحبت السعودية والولايات المتحدة بتوافق القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على تمديد الهدنة 5 أيام، وقال مكتب الشؤون الأفريقية التابع لوزارة الخارجية الأميركية إن “التمديد سيوفر الوقت لمزيد من المساعدة الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية”.
وأشار إلى أن اتفاق الهدنة السابق مكّن من إيصال المساعدات الإنسانية إلى نحو مليوني سوداني”، رغم عدم احترامه الاحترام الكامل.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن طرفي الهدنة اتفقا على مناقشة وقف إطلاق نار طويل الأمد، كما أكدا ضرورة إخلاء المستشفيات من الجهات المسلحة.
بدوره، رحب المتحدث باسم العملية السياسية في السودان خالد عمر يوسف باتفاق تمديد وقف إطلاق النار، داعيا إلى الالتزام الصارم بنصوص الاتفاق وتركيز الجهود على معالجة الوضع الإنساني المتدهور بشدة بعد أن فاقت معاناة الناس كل الحدود، حسب تعبيره.
كذلك أكد دفع الله الحاج علي المبعوث الخاص لرئيس مجلس السيادة في السودان -في لقاء مع الجزيرة- أن الحكومة السودانية موافقة على تمديد إطلاق النار، وأنها لا تسعى للحرب.
وأضاف أن المبادرات الآن محصورة في تحقيق وقف إطلاق النار وتقديم مساعدات إنسانية فقط، مشيرا إلى أن الجيش قادر على الحسم لكنه لا يستخدم القوة المفرطة حفاظا على أرواح المدنيين.
كما أكد أن الجيش السوداني لا يشارك مباشرة في المفاوضات الجارية مع من وصفهم “بالمتمردين”، منوها إلى أن الحكومة السودانية متمسكة برأيها بشأن إيجاد بديل لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس.
حرب مفروضة
من ناحية أخرى، قال قائد قوات الدعم السريع بمنطقة أم درمان العقيد محمد ناجي إن قوات الدعم السريع فرضت عليها الحرب ومضطرة إلى الدفاع عن نفسها.
وأضاف -وفق ما نقل عنه إعلام الدعم السريع- أن قواته ستعمل كل ما في وسعها من أجل تحقيق مبادئ ثورة ديسمبر/كانون الأول وتحقيق التحول الديمقراطي بالبلاد مهما كلفها ذلك من تضحيات.
وتعهد ناجي بكبح جماح من وصفهم بالمجرمين والمتفلتين الذين ينتهكون حرمات المواطنين.
كما شدد المستشار السياسي لقوات الدعم السريع يوسف عزت على ضرورة التسريع بوقف إطلاق النار بشكل دائم حتى لا تتاح الفرصة أمام أطراف خارجية للتدخل في الأزمة السودانية، على حد تعبيره.
وأكد عزت -في تصريحات لإذاعة مونتي كارلو الدولية- أن قوات الدعم السريع لم تحصل على أي دعم من روسيا أو من مجموعة فاغنر شبه العسكرية.
وأضاف أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) يرفض التعامل مع هذه المجموعات، وأن العقد الذي كان مبرما مع فاغنر انتهى بسقوط نظام عمر البشير.
استهداف مستشفيات
إنسانيا، قالت منظمة أطباء حول العالم إنها رصدت مقتل طبيب سوداني برصاصة في صدره واختطاف 3 أطباء آخرين واقتيادهم إلى جهة مجهولة.
وأضافت المنظمة -في بيان لها- أنها وثقت تحويل 3 مستشفيات إلى ثكنات عسكرية، وهي: مدينة المعلم الطبية ومستشفى يونيفرسال والمجمع الطبي بجامعة الخرطوم، فضلا عن نهب وتخريب مستشفى عبد الفضيل ألماظ للعيون وهو المستشفى المركزي للعيون بالخرطوم.
ودعت إلى الابتعاد عن المستشفيات والمرافق الصحية باعتبارها قضية إنسانية بحتة.
وناشدت المنظمة وزارة الصحة الاتحادية ووزارة الصحة بولاية الخرطوم ونقابة أطباء السودان والجمعيات الطبية الاضطلاع بدورهم تجاه هذه القضية التي تضرر منها أكثر من 8 ملايين شخص بولاية الخرطوم، ووجوب مراعاة المبادئ الإنسانية والمواثيق الدولية.
وكان مدير إدارة الطوارئ في منظمة أطباء حول العالم الدكتور محمد عبد الرحيم اتهم قوات الدعم السريع باحتلال مستشفيات وتحويلها إلى ثكنات عسكرية.
نازحون
على صعيد آخر، أعلن مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن المواجهات المسلحة في السودان أجبرت نحو مليون و400 ألف شخص على النزوح إلى مناطق داخل السودان وخارجه.
يشار إلى أن النزاع في السودان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان (حميدتي) أسفر منذ اندلاعه في 15 أبريل/نيسان الماضي عن مقتل المئات، ونزوح 1.4 مليون شخص داخليا، ولجوء نحو 350 ألفا آخرين إلى دول الجوار.
وحسب بيانات موقع النزاعات المسلحة ووقائعها (إيه سي إل إي دي)، فقد بلغت حصيلة القتلى منذ اندلاع المعارك 1800 شخص، سقط معظمهم في العاصمة وفي مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.