لم تكن المدينة السياحية القريبة من بحيرة الحبانية بمحافظة الأنبار في العراق تخلو من السياح حتى في أكثر أيام أغسطس/آب حرا، لكن الجفاف الذي طال العراق ضرب البحيرة وأثر سلبا على جذب السياح.
عمل محمد في متجره الصغير في مدينة الحبانية بالقرب من البحيرة لسنوات، لكنه يقول إنه لم يشهد عاما مثل 2023، فعدد زوار متجره قليل جدا، أما الشاطئ الذي ازدادت مساحته مع تراجع منسوب المياه، فيبدو خاليا.
لم يعد المكان سوى ظل لما كان عليه في الماضي، حينما كان واحدا من أفضل المنتجعات السياحية في الشرق الأوسط بعد تأسيسه عام 1979.
يروي محمد، مفضلا عدم ذكر اسمه كاملا، من أمام متجره لبيع المرطبات والمياه وملابس ومعدات السباحة لوكالة الأنباء الفرنسية أنه خلال العامين الماضيين، كان عمله جيدا، لكن حاليا توقف العمل لأن مياه البحيرة جفّت متراجعة عشرات الأمتار.
وذكر مدير قسم التدقيق والرقابة الداخلية في مدينة الرحبانية صالح محمد أن ارتياد السياح للمدينة ضعيف جدا، مشيرا إلى أنه في عام 2020، وبالرغم من الحجر الصحي المرتبط بجائحة كورونا، سجلت الشقق السياحية 9 آلاف حجز، لكنها حاليا لم تتجاوز 3 آلاف منذ مطلع العام.
وتابع صالح بحسرة أن البحيرة أصبحت عبارة عن “بركة ماء راكدة لا تصلح للشرب ولا للسباحة”.
منسوب متراجع
يوضح مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار جمال عودة سمير أن البحيرة تحتوي الآن على 500 مليون متر مكعب من المياه فقط، مقابل قدرة استيعابية قصوى هي 3,3 مليار متر مكعب، مضيفاً أنه في عام 2020 كانت البحيرة ممتلئة إلى حدها الأقصى.
فقد أسهم تراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة في انخفاض المنسوب المتأثر أيضا بتراجع نهر الفرات الذي ينبع من تركيا ويعبر في سوريا ويغذي البحيرة.
وبحسب مدير الموارد المائية في الأنبار فإن تراجع منسوب البحيرة ونهر الفرات يعود إلى قلة الإطلاقات المائية من دول المنبع مثل تركيا وسوريا، ولذلك اضطرت الوزارة إلى سحب المياه من بحيرة الحبانية لتعزيز الحصص المائية في محافظات الوسط والجنوب.
ويعيش العراق عامه الرابع من الجفاف، ويعد من الدول الخمس الأكثر تأثرا بتداعيات التغير المناخي، بحسب الأمم المتحدة.
ويعد المخزون المائي في العراق حاليا الأدنى في تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي، كما قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال في وقت سابق لوكالة الأنباء الفرنسية.
وكان المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك حذر، في زيارته إلى العراق الأسبوع الماضي، من أن ما تشهده البلاد من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة هو بمثابة إنذار للعالم أجمع.