تشهد الساحة الأفريقية حالة من الترقب مع قرب انتهاء المهلة التي حددتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) للتراجع عن الانقلاب الحاصل في النيجر، وسط تمسك قادة الانقلاب بالسلطة.
ففي 30 من يوليو/تموز الماضي وبعد 4 أيام من الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم، أمهلت دول “إيكواس” قادة الانقلاب 7 أيام، أي حتى مساء اليوم الأحد، لإعادة بازوم إلى منصبه تحت طائلة استخدام “القوة”.
وقال مفوض “إيكواس” عبد الفتاح موسى إن قادة أركان جيوش المجموعة وضعوا خطة لتدخل عسكري محتمل في النيجر، تشمل كيفيةَ وتوقيتَ نشر هذه القوات.
لكن مصدرا عسكريا في نيامي قال للجزيرة إن الجيش لن يتراجع عن خطواته بتعليق الدستور، والإطاحة بالرئيس بازوم.
حل تفاوضي
من جانبه، قال حمودو محمدو رئيس الوزراء في حكومة الرئيس المحتجز إن هناك أملا في الوصول إلى حل تفاوضي للأزمة في البلاد.
وأضاف محمدو -في حديث للجزيرة- أنه يثق بالخبراء العسكريين لإيكواس إذا اضطُروا للتدخل العسكري في النيجر.
وفي الأثناء، ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” أن أحد قادة الانقلاب زار دولة مالي، وأجرى اتصالات مع أحد أفراد مجموعة فاغنر الروسية، وأبلغه بحاجة قادة الانقلاب لمساعدة هذه المجموعة العسكرية الموجودة هناك للتعامل مع التدخل العسكري المحتمل.
وكان رئيس النيجر المعزول حذر الخميس الماضي -في مقال رأي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية- مما وصفها بعواقب مدمرة للانقلاب على العالم، معتبرا أن منطقة الساحل قد تنتقل إلى نفوذ روسيا عبر فاغنر. ودعا واشنطن والمجتمع الدولي إلى مساعدة بلاده على استعادة النظام الدستوري.
مظاهرات شعبية
وشهدت النيجر الجمعة والسبت مظاهرات دعم للانقلابيين في مختلف أنحاء البلاد، رفع خلالها علما النيجر وروسيا، إضافة إلى صور العسكريين الذين نفذوا الانقلاب، وفق التلفزيون الرسمي وصحفيين محليين.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن عشرات الأشخاص تجمعوا عند دوار الفرنكوفونية في نيامي مع حلول المساء، ملبّين دعوة قادة الانقلاب، في ظل الخشية من تدهور للأوضاع قد يصل الى حدود التدخل العسكري الأجنبي.
وقال أبو بكر كيمبا كولو، منسق لجنة دعم المجلس الوطني لحماية البلاد الذي تشكّل في أعقاب انقلاب 26 يوليو/تموز “تمركزنا عند الدوارات الإستراتيجية لإجراء نوبات ليلية مع السكان”.
وشدد كولو على أن الهدف هو “مراقبة تحركات كل شخص مشبوه، ومحاولة توقيفه بأنفسنا” معتبرا أن هذه المهمة جزء من “قتال الشعب دعما للانقلاب”.
مواقف إقليمية
بدوره، حذر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من التدخل العسكري في النيجر، وقال إن التلويح بالتدخل تهديد مباشر للجزائر.
وشدد على أن “التدخل العسكري لا يحل أي مشكلة بل يؤزم الأمور. الجزائر لن تستعمل القوة مع جيرانها”.
في السياق ذاته، قال وزير الدفاع التشادي داود يحيى إن بلاده لن تتدخل عسكريا في النيجر، وحث الجميع على الحوار لعودة الاستقرار إلى هذا البلد. ودعا يحيى شعب النيجر إلى الانتباه لما سماه المخاطر المحدقة ببلدهم.
وفي نيجيريا، دعا مجلس الشيوخ رئيس الجمهورية بصفته لمجموعة إيكواس إلى تشجيع القادة الآخرين بالمجموعة على “تعزيز الخيارات السياسية والدبلوماسية”.
وفي بنين المجاورة للنيجر، أكد وزير الخارجية أولشيغون أدجادي بكاري أن الدبلوماسية تظل “الحل المفضل” لكنه قال إن بلاده ستحذو حذو “إيكواس” إذا قررت التدخل.
ويحظى المجلس العسكري في النيجر بدعم الدولتين المجاورتين مالي وبوركينا فاسو.
مواقف دولية
وفي المواقف الدولية، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا إنه يجب أن يؤخذ التهديد باللجوء إلى التدخل العسكري في النيجر على محمل الجد.
بدورها، أكدت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية آن كلير لوجوندر -في حديث للجزيرة- أن الهدف في الوقت الحالي هو تجنب الوصول لفرضية التدخل العسكري في النيجر.
وفي السياق، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنه بحث مع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف التطورات في النيجر؛ وأضاف -في تغريدة- أن الطرفين يتشاركان الرغبة في تجنب التصعيد الذي قد تكون له عواقب وخيمة على المنطقة. وأوضح بوريل دعمه لمجموعة إيكواس والدعوة إلى العودة الفورية للنظام الدستوري.
من جانبها، قالت الحكومة الاتحادية في كندا -أمس السبت- إنه تقرر تعليق مساعدات التنمية المباشرة لحكومة النيجر ردا على محاولة الانقلاب في البلاد.
وفي العاصمة واشنطن، قالت سابرينا سينغ نائبة المتحدثة باسم وزارة الدفاع (بنتاغون) إن بلادها لم تغير وضع قواتها العسكرية الموجودة في النيجر.