أعلنت الحكومة الانتقالية التي عينها المجلس العسكري في النيجر أن قادة الانقلاب وافقوا على بدء محادثات مع مجموعة دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، في مسعى لحل الأزمة عبر الحوار وتلافي التدخل العسكري، في حين لوّح المجلس العسكري بمحاكمة الرئيس المحتجز محمد بازوم بتهمة الخيانة العظمى.
وقال رئيس الوزراء المعين من قبل قادة الانقلاب في النيجر محمد الأمين الزين إن رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني أعطى الضوء الأخضر لبدء المحادثات مع مجموعة دول إيكواس، معربا عن تفاؤله ببدء هذه المحادثات خلال الأيام القادمة.
وقال الزين إن ما يطلق على نفسه “المجلس الوطني لحماية الوطن” والحكومة الانتقالية يدينان “بقوة الحملة المضللة التي تخدم مصلحة شخص واحد وجماعته”، في إشارة إلى الرئيس المطاح به محمد بازوم وحكومته.
وأكد رئيس الوزراء أن “الهدف من هذه الحملة تقويض الثقة في السلطات الانتقالية، وإفشال كل مساعي الحل التفاوضي للخروج من الأزمة لتبرير تدخل عسكري أوكل رؤساء بعض البلدان إلى قوة دولية تنفيذَه باسم إيكواس”.
وساطة وتوصية
وكان وفدُ وساطة من علماء الدين في نيجيريا قال إنه اتفق مع قادة الانقلاب -الذين التقاهم أمس الأحد في النيجر- على تكثيف الحوار لحل الأزمة. ورفَع الوفد توصية لقيادة نيجيريا بعدم اللجوء إلى الحل العسكري.
وقال رئيس وفد الوساطة الشيخ عبد الله بالا لاو -في بيان- إن قائد الانقلاب عبد الرحمن تياني أبلغه أن “بابه مفتوح للبحث في مسار الدبلوماسية والسلام من أجل حل الأزمة”.
ويقوم وفد المشايخ بهذه الوساطة بموافقة رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو الذي يتولى حاليا الرئاسة الدورية لمجموعة إيكواس.
وفرضت إيكواس سلسلة من العقوبات على النيجر عقب الانقلاب الذي أطاح بالرئيس بازوم في 26 يوليو/تموز الماضي، واتفقت على تفعيل “قوة الاحتياط” لديها لتكون مستعدة للانتشار في النيجر لإعادة النظام الدستوري، وهي خطوة أثارت غضب قادة الانقلاب.
ولم تحدد “إيكواس” أي جدول زمني لتدخلها العسكري المحتمل، وألغت السبت الماضي اجتماعا طارئا لقادة جيوشها كان مقررا عقده لبحث قرار تفعيل قوة الاحتياط.
جاء ذلك في وقت شهدت فيه الجلسة الطارئة لبرلمان مجموعة “إيكواس” انقساما حادا حال دون التوافق على قرار موحد بشأن التدخل العسكري بالنيجر.
كما يتوقع أن يعقد مجلس السلم والأمن الأفريقي التابع للاتحاد الأفريقي اليوم الاثنين اجتماعا كان مقررا عقده السبت، وأرجئ لإجراء مزيد من التشاور بين الأعضاء بشأن تعليق محتمل لعضوية النيجر في الاتحاد الأفريقي.
محاكمة بازوم
وفي تطور ملفت، قال العقيد أمادو عبد الرحمن عضو ما سُمي المجلس العسكري الحاكم في النيجر إن المجلس جمع أدلة الإثبات الضرورية لمحاكمة الرئيس المحتجز محمد بازوم بتهمتي الخيانة العظمي والمس بأمن النيجر.
وفي بيان تلاه عبر التلفزيون الوطني، قال عبد الرحمن إن “الحكومة النيجرية جمعت حتى اليوم الأدلة لمحاكمة الرئيس المخلوع وشركائه المحليين والأجانب أمام الهيئات الوطنية والدولية المختصة بتهمة الخيانة العظمى وتقويض الأمن الداخلي والخارجي للنيجر”.
وما زال بازوم محتجزا في مقر إقامته الرئاسي مع ابنه وزوجته منذ يوم الانقلاب. وقال المجلس العسكري إنه لم يستول على مقر إقامته ولا يزال حرا في التواصل مع الخارج، و”لديه كل وسائل الاتصال”.
وأكد قادة الانقلاب أن بازوم “يتلقى زيارات منتظمة من طبيبه الذي لم يثر أي مخاوف بشأن وضعه الصحي وأفراد أسرته”. وكان بازوم أعلن عبر عدد من وسائل الإعلام أنه بات “رهينة”، وأنه حرم من الكهرباء وأجبِر على تناول الأرز و”المكرونة” فقط.
وفي ما يتعلق بالمسؤولين الموقوفين من النظام المطاح به، قال عبد الرحمن إن المجلس العسكري والحكومة الانتقالية “يؤكدان تصميمهما الثابت على احترام قوانيننا ونظمنا والتزامات النيجر في مجال حقوق الإنسان، وهذا ما يضمن معاملتهم بإنسانية، وبما يتوافق مع قيمنا التقليدية والدينية”.
موقف غينيا كوناكري
في سياق متصل، أعرب المجلس الذي أنشأه قادة الانقلاب في النيجر عن تقديره موقف دولة غينيا الرافض للتدخل العسكري.
جاء ذلك خلال زيارة للجنرال صالو بارمو عضو المجلس إلى كوناكري. وكانت كل من غينيا ومالي وبوركينا فاسو أعلنت معارضتها لأي تدخل عسكري في النيجر.
وفي نهاية الشهر الماضي، أعربت أيضا كل من مالي وبوركينا فاسو -اللتين يقودهما عسكريون أيضا- عن تضامنهما مع النظام الجديد في نيامي.
في الأثناء، احتشد أمس الأحد مؤيدو المجلس العسكري الذي شكله قادة الانقلاب في النيجر بالعاصمة نيامي للتعبير عن تأييدهم لموقف المجلس والقرارات التي اتخذها.
وندد المتظاهرون بمواقف بلدان غرب أفريقيا التي فرضت عقوبات على المجلس، ورفعوا شعارات تطالب المجلس العسكري بمواصلة التعاون مع مالي وبوركينا فاسو.