في باكستان، حيث تعاني شرائح كبيرة من الأمية، تلجأ الأحزاب السياسية إلى الرموز للتعريف بمرشّحيها في الحملات وعلى بطاقات الاقتراع، حتّى لو كانت هذه الرموز تثير الغرابة، كالباذنجانة والزجاجة والسرير.
بكلّ فخر، يرفع عامر مغال -المرشّح للانتخابات المزمع إجراؤها الخميس المقبل- باذنجانة، محاولا الاستفادة من هذا الرمز الغريب الذي منح له، لحشد صفوف الناخبين.
وبسخرية، يقول المرشّح للنيابة في العاصمة إسلام آباد والمؤيّد لرئيس الوزراء السابق عمران خان القابع في السجن “بات الباذنجان رمزا شهيرا الآن في أنحاء باكستان كلها”.
وفي وقت يكثّف الجيش حملته ضدّ المعارضة، يتّهم بعض المرشّحين السلطات بتقويض حملاتهم من خلال منحهم رموزا غريبة أو حتّى مهينة في بعض الأحيان.
وقد مُنع حزب خان “حركة الإنصاف الباكستانية” من استخدام مضرب الكريكت الذي اعتمده رمزا له منذ فترة طويلة.
ورفضت طلبات ترشيح عشرات المسؤولين في الحزب، في حين يضطر آخرون منهم للترشّح بصفة مستقلّة.
وقد تعرّض عدد كبير منهم لمضايقات أو اضطر للتواري عن الأنظار، بينما مُنح البعض منهم رموزا تثير العجب مما يصعّب عليهم التقدّم في حملاتهم.
وأوضح ناطق باسم اللجنة الانتخابية أن الرموز تختار من بين قائمة مخصّصة للمرشّحين المستقلين “وهي من صلاحيات مديري عملية الاقتراع حصرا”.
ويؤكّد عامر مغال من جهته “منحتنا اللجنة الانتخابية هذا الرمز استخفافا بنا”.
سمعة رائعة
غير أن المرشّح البالغ من العمر 46 عاما قبل بنصيبه حيث يرافقه في كلّ تنقلاته معاون يحمل كيسا مملوءا بالباذنجان يستخدمه تميمة في حملته.
ويرفع مغال الباذنجان في يده وقت إلقاء خطاباته، مما ساهم في زيادة شعبيته وفي ارتفاع سعر الباذنجان 4 مرّات، على ما يقول.
ويؤكّد المرشّح “هذا الرمز جلب لي سمعة رائعة”.
ومن الغرائب أن إعجاز غدان الذي لطالما اعتبر دائرته الانتخابية في إقليم بنجاب “المثوى الأخير” لأجداده، حصل على سرير كرمز في حملته الانتخابية.
ويقول الرجل البالغ 50 عاما والمرشّح في دائرة بهاولبور “يقصدون إهانتنا بهذه الرموز. وبعض المرشّحين محرجون من الكشف عن الرموز التي تلقّوها”.
ويضيف غدان “هذه ليست انتخابات. هذه فظاعة”.
ورمزه كناية عن سرير تقليدي من الخشب والقصب المجدّل شائع الاستخدام في أوساط الأسر الفقيرة “وهي قطعة أثاث جدّ مفيدة تتيح لنا الراحة في حياتنا وتنقلنا إلى مثوانا الأخير في مماتنا”.
صور نمطية سلبية
ويتابع غدان متفائلا “رمزي موجود في كلّ منزل. وأنا لست بحاجة لتقديمه للناخبين”.
أما حزب رئيس الوزراء السابق نواز شريف “الرابطة الإسلامية الباكستانية” الذي يحظى بدعم الجيش، فهو يرفع الأسد رمزا له في هذه الحملة الانتخابية.
غير أن ذلك لا يؤثّر في غدان الذي يقول “الأسد حيوان متعطّش للدماء. وما من مكان في مجتمعنا لوحش كهذا”.
وشمال شرق باكستان، استشاط شهريار عفريدي غضبا عندما عرف أن الزجاجة اختيرت رمزا لحملته الانتخابية.
ففي اللغة البشتوية، نعت أحد بالزجاجة يعني أنه فاقد العقل ويفترض أنه يعاقر الخمر.
ويقول عفريدي البالغ 45 عاما إن “غالبية مرشحي حركة الإنصاف، وأنا منهم، حصلوا على رموز مقرونة بصور نمطية سلبية”. ويؤكّد “أعطونا عن قصد هذه الرموز بهدف الاستهزاء بنا”.
وقد رفع قضيته أمام القضاء المحلي ولم ينجح في مسعاه، غير أنه لم يتوان عن قلب الوضع لمصلحته فالزجاجة -كما يقول- لا تمثّل الخمر فحسب بل “هي تمثّل أيضا الدواء”.
وتابع بالقول “لهذا السبب حوّلنا رمزنا الانتخابي لزجاجة دوائية، كي يتسنّى لنا مداواة علّات المجتمع”.