بدأت جموع حجاج بيت الله الحرام مع ساعات الفجر الأولى من صباح اليوم الأربعاء (الثامن من ذي الحجة 1446هـ، الموافق 4 يونيو/حزيران 2025) التوجه إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، في مستهل مناسك الحج، استعدادا للوقوف بعرفة غدا، وسط أجواء روحانية تغمرها الطمأنينة، وتنظيم ميداني دقيق تشرف عليه الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية.
وتشهد الطرق المؤدية من مكة إلى منى حركة متواصلة لقوافل الحجاج، سيرا على الأقدام أو بالحافلات، في مشهد إيماني تتعالى فيه أصوات التلبية وتتناثر فيه دموع الرجاء، بينما تسير القلوب قبل الأقدام في رحلة يتجدد فيها العهد مع الله.
وأكدت وزارة الحج والعمرة السعودية في بيان صباح اليوم، أن عملية تصعيد الحجاج إلى منى تسير وفق الخطة الزمنية المعدة مسبقا، وبانسيابية كاملة عبر منظومة نقل متكاملة تشمل الحافلات الترددية ومسارات المشاة المدعومة بفرق الإرشاد والتوجيه.
ويُعد يوم التروية أول أيام الحج الفعلية، حيث يبدأ الحجاج بالإحرام من مكة (إن لم يكونوا قد أحرموا سابقا)، ويتوجهون إلى مشعر منى لقضاء هذا اليوم في الذكر والدعاء، اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قبل الانطلاق غدا الخميس إلى صعيد عرفات للوقوف في الركن الأعظم من مناسك الحج.
كما استكملت الجهات السعودية المعنية تجهيز أكثر من 100 ألف خيمة مكيفة في مشعر منى، لاستقبال حجاج بيت الله الحرام في يوم التروية والمبيت ليلا، في إطار خطة خدمية شاملة تراعي السلامة والراحة والتنظيم.
وقد سُمّي “يوم التروية” بهذا الاسم لأن الحجاج في العهود السابقة كانوا يتزودون فيه بالماء قبل التوجه إلى عرفات، حيث لم تكن هناك مصادر للمياه، أما اليوم فقد أصبح رمزا لبداية التهيؤ الروحي وامتلاء القلوب بالإيمان قبل اللقاء الكبير في عرفات.
وفي طريق الحجاج إلى منى، حيث بدت ملامح التأثر واضحة على وجوه كثيرين، فهذه الرحلة ليست مجرد تنقل، بل عبور داخلي إلى الله.
ويختلط صوت الحافلات بصوت التلبية، وتغدو الدروب المعبدة بالشوق والنية الصادقة هي المسار الحقيقي للحج.
وتتواصل عمليات تصعيد الحجاج إلى مشعر منى خلال الساعات القادمة، حيث يُتوقع اكتمال وصولهم مع مساء اليوم داخل المشعر.
ويبيت الحجاج في منى تمهيدا للانطلاق فجر غد الخميس إلى صعيد عرفات، لأداء الركن الأعظم من مناسك الحج، في الوقفة الكبرى التي تمثل ذروة الشعائر وأبرز محطات هذا الركن الخامس من أركان الإسلام.
