21/8/2024–|آخر تحديث: 21/8/202405:33 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
كشفت صحيفة نيويورك تايمز اليوم الأربعاء أن الرئيس الأميركي جو بايدن وافق في مارس/ آذار الماضي على خطة استراتيجية نووية شديدة السرية تعيد لأول مرة توجيه استراتيجية
الردع الأميركية نحو جهود الصين لتوسيع ترسانتها النووية.
وذكرت الصحيفة أن البيت الأبيض لم يعلن قط أن بايدن وافق على النسخة المنقحة من الاستراتيجية التي تحمل اسم “إرشادات استخدام الأسلحة النووية”، مشيرة إلى أنه من المتوقع إرسال إشعار غير سري إلى الكونغرس بشأن النسخة المنقحة قبل مغادرة بايدن لمنصبه.
وقالت الصحيفة أنه سُمح لاثنين من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية بالتلميح إلى مراجعة الإستراتيجية خلال خطاباتهما في الآونة الأخيرة، لافتة إلى أن الاستراتيجية يجري تحديثها كل أربع سنوات أو نحو ذلك، وهي سرية للغاية لدرجة أنه لا توجد نسخ إلكترونية منها، بل يتم توزيع عدد قليل من النسخ الورقية على عدد محدود من المسؤولين في الأمن القومي وقادة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).
لكن في الخطب الأخيرة، سُمح لمسؤولين رفيعي المستوى في الإدارة بالإشارة إلى التغيير – في جمل منفردة ومحكمة – قبل إخطار الكونغرس بتفاصيل غير سرية يتوقع أن يحدث قبل مغادرة بايدن لمنصبه.
يأتي هذا التغيير في وقت يعتقد فيه البنتاغون أن مخزونات الصين ستنافس حجم وتنوع مخزونات الولايات المتحدة وروسيا خلال العقد المقبل.
وفي هذا الإطار قال فيبين نارانغ، خبير استراتيجي نووي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن الرئيس بايدن أصدر مؤخرًا توجيهات محدثة لاستخدام الأسلحة النووية لتأخذ في الاعتبار الخصوم النوويين المتعددين”. وأضاف أن التوجيه الجديد للأسلحة النووية أخذ في الاعتبار “الزيادة الكبيرة في حجم وتنوع” الترسانة النووية للصين.
في يونيو/ حزيران الماضي، أشار المدير الأول لمجلس الأمن القومي لشؤون الحد من التسلح ومنع الانتشار النووي برناي فادي إلى الوثيقة، التي تعد الأولى التي تنظر بالتفصيل ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة للرد على الأزمات النووية التي قد تندلع بشكل متزامن أو متتالٍ، باستخدام مزيج من الأسلحة النووية وغير النووية.
وقال فادي إن الاستراتيجية الجديدة تؤكد على “الحاجة إلى ردع روسيا، والصين وكوريا الشمالية في آن واحد.
في الماضي، كانت احتمالية أن ينسق أعداء وخصوم أميركا تهديدات نووية للتغلب على الترسانة النووية الأميركية تبدو بعيدة. لكن الشراكة الناشئة بين روسيا والصين، والأسلحة التقليدية التي توفرها كوريا الشمالية وإيران لروسيا في حربها في أوكرانيا قد غيرت تفكير واشنطن بشكل جذري.
بالفعل، تقوم روسيا والصين بإجراء تدريبات عسكرية معًا. وتحاول وكالات الاستخبارات تحديد ما إذا كانت روسيا تساعد في برامج الصواريخ الكورية الشمالية والإيرانية في المقابل.
تعد الوثيقة الجديدة تذكيرًا صارخًا بأن الرئيس الأميركي الجديد الذي سيتم تنصيبه في 20 يناير/ كانون الأول المقبل سيواجه مشهدًا نوويًا متغيرًا وأكثر اضطرابًا بشكل كبير مقارنة بالذي كان موجودًا قبل ثلاث سنوات فقط. وقد هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارًا باستخدام الأسلحة النووية ضد أوكرانيا، بما في ذلك خلال أزمة في أكتوبر/ تشرين الاول 2022، عندما شعر بايدن ومستشاروه، بناءً على اعتراضات لمحادثات بين كبار القادة الروس، أن احتمال استخدام الأسلحة النووية قد يرتفع إلى 50٪ أو أكثر.
تنبؤ ترامب
على الرغم من أن الرئيس السابق دونالد ترامب تنبأ بثقة بأن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون سيتخلى عن أسلحته النووية بعد اجتماعاتهم الشخصية الثلاثة، إلا أن العكس هو ما حدث. ضاعف كيم من توسعه، والآن لديه أكثر من 60 سلاحًا، وفقًا لتقديرات المسؤولين، إضافة إلى وقود يكفي للعديد من الأسلحة الأخرى.
هذا التوسع غيّر طبيعة التحدي الكوري الشمالي: عندما كانت الدولة تمتلك عددًا قليلًا من الأسلحة، كان من الممكن ردعها بالدفاعات الصاروخية. ولكن ترسانتها المتوسعة تقترب بسرعة من حجم ترسانات باكستان وإسرائيل، وهي كبيرة بما يكفي لتنسيق تهديدات مع موسكو وبكين.
كان مجرد مسألة وقت قبل أن يبدأ بيئة نووية مختلفة جذريًا في تغيير خطط الحرب والاستراتيجية الأميركية، وفقًا لما يقوله المسؤولون.
ولم يتحدث بايدن، الذي قضى جزءًا كبيرًا من حياته السياسية كمدافع عن عدم انتشار الأسلحة النووية، علنًا عن كيفية تعامله مع تحديات ردع القوات المتوسعة في الصين وكوريا الشمالية. ولم تتحدث كامالا هاريس نائبة الرئيس، ومرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة.
في آخر مؤتمر صحفي له في يوليو/ تموز، قبل أيام فقط من إعلانه أنه لن يسعى للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي لولاية ثانية، اعترف بايدن بأنه اعتمد سياسة تسعى إلى التدخل في الشراكة الأوسع بين الصين وروسيا. ولم يُشر إلى – ولم يُسأل عن – كيف أن تلك الشراكة تغير الاستراتيجية النووية الأميركية.
منذ رئاسة هاري ترومان، كانت هذه الاستراتيجية تركز بشكل كبير على ترسانة الكرملين. توضح توجيهات بايدن الجديدة مدى سرعة هذا التغيير.
تم ذكر الصين في التوجيه النووي الأخير، الذي صدر في نهاية إدارة ترامب، وفقًا لتقرير غير سري تم تقديمه للكونغرس في عام 2020.
تعمل استراتيجية بايدن على توضيح التركيز لتعكس تقديرات البنتاغون بأن القوة النووية للصين ستتوسع إلى 1000 بحلول عام 2030 و1500 بحلول عام 2035، وهي الأرقام التي تنشرها الولايات المتحدة وروسيا حاليًا. في الواقع، يبدو أن بكين متقدمة على هذا الجدول الزمني الآن، وقد بدأت في تحميل صواريخ نووية.