بينما تواصل إسرائيل حربها المدمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تشن أيضا حربا موازية في الضفة الغربية المحتلة في محاولة منها لعرقلة فتح جبهة جديدة ضدها.
وقد عملت إسرائيل -وفق ما يقول خبراء- على عسكرة الضفة الغربية، وقطعت أوصالها بحواجز عسكرية وبوابات، وشنت حملة اعتقالات طالت نحو 2520 فلسطينيا، وهاجمت بؤر المقاومة في جنين وطولكرم، في حين بلغ عدد الشهداء في الضفة نحو 200 شهيد منذ اندلاع الحرب في غزة.
ورغم ذلك، فإن الخبراء يرون أنه لا ضمانات لبقاء الحال في الضفة الغربية على ما هو عليه.
عسكرة الضفة
ويرى مدير مركز يبوس للدراسات الإستراتيجية سليمان بشارات أن إسرائيل عملت على عسكرة الضفة الغربية، عبر تقطيع أوصالها بالحواجز العسكرية.
وأشار إلى أنه لا بد من الإشارة إلى أن حالة العمل النضالي في الضفة الغربية تتحكم فيها مجموعة من المتغيرات، في مقدمتها الإجراءات الإسرائيلية من عمليات عسكرية وإغلاقات واقتحامات وعمليات قتل، وهناك تصاعد كبير -منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي- في هذه الممارسات الإسرائيلية التي تحول دون منح الفلسطينيين حق المشاركة بالفعاليات الجماهيرية التي تعبر عن رفضهم الحرب على غزة.
وقال إن الجيش الإسرائيلي يستغل الغطاء الدولي في حربه على غزة لتنفيذ عمليات اقتحام أكثر قوة وتركيزا بالضفة، كما حدث في مخيمي جنين وطولكرم، وهي العمليات التي أسفرت عن استشهاد عديد من المواطنين وتدمير البنية التحتية، مما أثر أيضا على قدرة المجموعات المسلحة في الانخراط بالعمل المقاوم بشكل أقوى وأكثر تأثيرا.
كما أن عشرات الحواجز العسكرية الإسرائيلية تحول -بطبيعة الحال- دون تمكن وصول المواطنين لنقاط الاحتكاك مع جنود الاحتلال من جانب، ومن جانب آخر أيضا تشكل قطعا عائقا أمام قدرات المسلحين في استهداف عديد من المواقع العسكرية الإسرائيلية بالضفة.
واعتبر بشارات أن كل تلك العوامل تنعكس بشكل مباشر أو غير مباشر على السمة العامة للعمل النضالي بالضفة.
لا ضمانات لعزل الضفة
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي إن إسرائيل تعي أنه لا ضمانات لبقاء الضفة خارج المواجهة.
وأشار إلى أن التحرك في الضفة الغربية بحاجة إلى إرادة سياسية ليكون تحركا شعبيا جماهيريا.
وقال الشوبكي إن السلطات الإسرائيلية اتخذت مجموعة من الإجراءات الاستثنائية في الضفة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ملخصها التضييق على حركة المواطنين وقدرتهم على التنقل عبر إغلاق البلدات والمدن بالحواجز الترابية والبوابات، مما حال دون التواصل والقدرة على ممارسة أعمال جماهيرية.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي بادر إلى اتخاذ خطوات استباقية، من بينها نقل الحواجز نسبيا إلى داخل المدن، ليصعب وصول المسيرات إلى نقاط الاحتكاك، والقيام بحملة اعتقالات كبيرة في الضفة لشخصيات تتوقع مساهمتهم في تحريك الشارع، أي أنها نفذت ضربات استباقية.
وقال الخبير الفلسطيني إن إسرائيل تخشى من تحرك الشارع أكثر من العمل العسكري الفردي، مشيرا أيضا إلى العمليات العسكرية التي تشنها إسرائيل في الضفة لضرب البؤر العسكرية، كما في مخيمي جنين ونور شمس، مستغلة الانشغال الدولي بالحرب على غزة.
الضفة مشتعلة
من جهته، يرى مدير مركز القدس للدراسات أحمد رفيق عوض أن الضفة الغربية تبدو مشتعلة، رغم السياسات الإسرائيلية التضييقية على الحركة داخلها.
وأضاف أن الشارع الفلسطيني لم يعد يميل إلى المشاركة في الهبات الشعبية الكبيرة، ولكن الحالة النضالية تبقى مع ذلك مشتعلة.
ولفت إلى أن إسرائيل تمارس سياسة تظن أنها مجدية لمواجهة المقاومة في الضفة، عبر اعتقال المئات وإغلاق الشوارع والزج بالمستوطنين لمواجهة وضرب الفلسطينيين.