21/10/2024–|آخر تحديث: 21/10/202408:59 م (بتوقيت مكة المكرمة)
سلّمت تل أبيب لحليفتها واشنطن شروطا لإنهاء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على لبنان، تتضمن حرية استباحة الطيران الحربي الإسرائيلي للأجواء اللبنانية، في حين أكد محللان للجزيرة نت أنها غير قابلة للتنفيذ، وستواجه رفضا لبنانيا.
وقال مسؤولان أميركيان وآخران إسرائيليان إن إسرائيل سلمت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي وثيقة تتضمن شروطها لحل دبلوماسي لإنهاء الحرب في لبنان والسماح للمدنيين النازحين من جانبي الحدود بالعودة إلى ديارهم، وفق موقع والا الإخباري الإسرائيلي.
وذكر الموقع -نقلا عن مسؤولين إسرائيليين لم يسمهم- أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعطى الوثيقة للبيت الأبيض قبل زيارة آموس هوكشتاين مبعوث الرئيس جو بايدن إلى بيروت اليوم الاثنين، لمناقشة حل دبلوماسي للصراع.
ووفق مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، فإن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر -المقرب من نتنياهو- أرسل الوثيقة إلى هوكشتاين الخميس الماضي.
مطالب إسرائيل
وأوضح مسؤول إسرائيلي أن أحد مطالب إسرائيل هو السماح لجيشها بتنفيذ إنفاذ فعّال (حرية العمل العسكري) للتأكد من عدم إعادة تسليح حزب الله وإعادة بناء بنيته التحتية العسكرية في المناطق الجنوبية اللبنانية قرب الحدود.
كما تطالب إسرائيل بحرية عمل قواتها الجوية في المجال الجوي اللبناني، حسب المسؤول.
وقال الموقع الإسرائيلي إن هذين الطلبين يتعارضان مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي ينص على أن يفرض الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله.
وفي 11 أغسطس/آب 2006، تبنى مجلس الأمن بالإجماع القرار 1701، الذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، بعد حرب استمرت 33 يوما بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.
كما يدعو إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوبي لبنان تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا التابعة للجيش اللبناني واليونيفيل.
لكن الموقع الإسرائيلي نقل عن مسؤول إسرائيلي قوله “نحن نتحدث عن القرار 1701 مع زيادة الإنفاذ”.
وقال مسؤول أميركي إنه من غير المرجح إلى حد كبير أن يوافق لبنان والمجتمع الدولي على هذه الشروط، التي من شأنها أن تقوض سيادة لبنان بشكل كبير.
استباحة السيادة
وتعليقا على الوثيقة الإسرائيلية، قال المحلل السياسي إبراهيم حيدر للجزيرة نت إنها مجرد وثيقة مسرّبة ولم تأخذ الصفة الرسمية حتى الآن، مشيرا إلى أنها تركز بشكل رئيسي على إبعاد حزب الله عن الحدود، وضمان تدخل الجيش الإسرائيلي لمنع إعادة تسلح الحزب، أي استباحة كاملة للسيادة اللبنانية.
وأوضح حيدر أن هذا الشرط يُعد تجاوزا للقرار 1701، حيث يعمل على فرض أمر واقع ينطلق من ترتيبات عبر الوساطة الأميركية مع لبنان ضمن الشروط الإسرائيلية، مؤكدا أن هذه الشروط يرفضها لبنان بشكل كامل، لأنها تضرب كل معنى السيادة، وتلغي أي دور للجيش والدولة اللبنانية.
وعن الموقف الأميركي منها، قال حيدر إن واشنطن لديها مشروع مختلف رغم أنه لا يتناقض كثيرا مع الشروط الإسرائيلية، معتبرا أن زيارة المبعوث الأميركي لبيروت ربما تكون الأخيرة المرتبطة بموضوع الحل الدبلوماسي قبيل الانتخابات الأميركية.
غير قابلة للتنفيذ
من جانبه، اعتبر الخبير العسكري والإستراتيجي العميد منير شحادة أن أخطر ما في الوثيقة الإسرائيلية أنها تبقي إسرائيل مستبيحة لسماء لبنان بطائرات مسيّرة تجسسية وطائرات حربية، ويحق لها أن تراقب كل الأراضي اللبنانية.
وأكد شحادة -في حديث للجزيرة نت- أن “دفع المقاومة إلى شمال نهر الليطاني غير قابل للتنفيذ منطقيا وعمليا، وليس فقط مسألة سيادة أو عناد من قبل المقاومة، لأن غالبية عناصر المقاومة من أبناء جنوب الليطاني، ولدوا هناك وترعرعوا هناك واستشهدوا هناك، فكيف تطلب من سكان وأهالي هذه المناطق أن يخلوها لتنفيذ منطق إسرائيل؟”.
وعن تصريحات آموس هوكشتاين بأنه لا يجب ربط الحرب في لبنان مع النزاعات الأخرى، في إشارة إلى فصل جبهة جنوب لبنان عن جبهة غزة، قال شحادة إن “هذا الموضوع كلّف المقاومة استشهاد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بسبب هذا القرار.. وأرى أن هذا الموضوع غير قابل للتنفيذ أيضا ولا يمكن فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة بعد أن دفع لبنان ثمنا غاليا بسبب هذا الترابط”.
أما عن تأثير الوثيقة على المعارك، فيرى الخبير العسكري أن المعركة ستستمر، لأن المطالب التي جاء بها هوكشتاين بناء على هذه البنود غير قابلة للتنفيذ، خاصة أن “نتنياهو يسعى إلى ضرب إيران لتصبح الحرب شاملة في المنطقة، سعيا إلى شرق أوسط جديد يعمل فيه على إنشاء دولة إسرائيل الكبرى المزعومة التي يحلم بها الشعب الإسرائيلي”.
واليوم الاثنين، التقى في العاصمة اللبنانية بيروت آموس هوكشتاين مبعوث الرئيس الأميركي ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، حليف حزب الله والمكلف من قبله بالتفاوض في إطار مساعي التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المواجهة المفتوحة مع إسرائيل.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن 2464 قتيلا و11 ألفا و530 جريحا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، فضلا عن أكثر من مليون و340 ألف نازح.