كشفت صحيفة واشنطن بوست أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تواجه ضغوطا متزايدة بسبب تزويدها إسرائيل بأسلحة قوية، مع ارتفاع أعداد القتلى في قطاع غزة وما يثيره ذلك من تساؤلات عما إذا كانت الولايات المتحدة تبذل المزيد من الجهد لضمان سلامة المدنيين، باعتبارها الداعم العسكري الرئيسي لتل أبيب.
وتكثف جماعات حقوق الإنسان، إلى جانب كتلة متنامية من داخل الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه بايدن، من عملها في التدقيق على عمليات تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، التي تضمنت عشرات الآلاف من القنابل منذ هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وبينما يسعى بايدن لإرسال مساعدات عسكرية إضافية بمليارات الدولارات إلى إسرائيل لتعينها في عدوانها على غزة، تقول الصحيفة إن جوهر النقاش يدور حول القواعد التي تعتمدها الإدارة الأميركية في تسليح الدول الأجنبية، والتي تنص على عدم تنفيذ عمليات لنقل الأسلحة عندما ترى الحكومة الأميركية أن احتمال حدوث انتهاكات للقانون الدولي أرجح من عدمه.
ويقول مسؤولون في الإدارة إنهم أجروا نقاشات مكثفة مع نظرائهم الإسرائيليين للتأكد من فهمهم للالتزامات التي تقع على عاتق دولتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، إلا أنهم يقرون بأن الولايات المتحدة لا تجري تقييمات في حينه لمدى التزام إسرائيل بقوانين الحرب، وفق تقرير واشنطن بوست.
استحالة التقييم الفوري
وتنقل الصحيفة عن مسؤول أميركي كبير -تحدث مثل غيره من المسؤولين شريطة عدم الكشف عن هويته عند التطرق إلى المناقشات الداخلية “الحساسة”- أن الإدارة غير قادرة على إجراء تقييم فوري لتقيد إسرائيل بشكل جزئي بتلك القوانين، نظرا لأن المسؤولين لا يستطيعون الوصول إلى المعلومات الاستخبارية التي تستخدمها القوات الإسرائيلية في التخطيط لعملياتها، وإلى معرفة نوايا قادتها.
ويرى بعض الخبراء القانونيين ضرورة أن تتبع تلك النقاشات مراقبة أكثر حيوية لما يحدث مع الأسلحة الأميركية قبل توفير أسلحة إضافية.
ويقول بريان فينوكين، المحامي السابق في وزارة الخارجية والذي يعمل الآن مستشارا كبيرا في مجموعة الأزمات الدولية: “هذه مجرد خطوة أولى”، مضيفا أنه حتى لو اتفقت الولايات المتحدة وإسرائيل على نفس القواعد ذات الصلة بسير الأعمال العدائية والاستهداف، فإن السؤال يظل مفتوحا عن كيفية تفسير تلك القواعد.
ويأتي التركيز على إمدادات الأسلحة الأميركية متزامنا مع تكثيف إسرائيل عملياتها العسكرية في جنوب غزة، بهدف ضمان عدم قدرة حماس مرة أخرى على شن عدوان مثل ذلك الذي وقع في أكتوبر/تشرين الأول والذي أودى بحياة ما لا يقل عن 1200 شخص.
وأشارت الصحيفة إلى أن بايدن قد تعهد بتقديم دعم غير مشروط لأقرب حليف لواشنطن في الشرق الأوسط، الذي ظل على مدى عقود يحتل المرتبة الأولى في قائمة الدول المتلقية للمساعدات الأمنية الأميركية. واتخذت إدارته هذا الأسبوع خطوة “غير عادية” بالاعتماد على إعلان للطوارئ لتسريع بيع قذائف دبابات لإسرائيل على الرغم من القلق المتعاظم داخل الكونغرس.
ومضت واشنطن بوست في تقريرها إلى القول إن الأسلحة الأميركية الصنع لعبت دورا رئيسيا في الحرب على غزة.
ويحدث ذلك في وقت تعاني فيه غزة من أزمة إنسانية حيث يبحث الملايين عن مأوى من الغارات الجوية الإسرائيلية والهجوم البري الذي حوَّل مساحات شاسعة من القطاع الفلسطيني إلى أنقاض، حسب تعبير الصحيفة. وحذرت الأمم المتحدة من وقوع كارثة إذا لم تتم زيادة شحنات الإمدادات الحيوية بشكل كبير.
ويشكل الوضع في غزة “معضلة” متفاقمة لبايدن، الذي تعهد بتقديم الدعم المطلق لأمن إسرائيل، لكنه وعد أيضا بوضع حقوق الإنسان في قلب السياسة الخارجية الأميركية.
ويقول المسؤولون الأميركيون علنا إنه من السابق لأوانه الحكم على ما إذا كان سلوك إسرائيل يتوافق مع قوانين الحرب، وأن الإدارة تقوم بجمع المعلومات لضمان عدم استخدام المساعدات الأميركية بطرق تنتهك القوانين الأميركية، وهي عملية يمكن أن تستمر إلى ما بعد الفترة الحالية.
ويشكو المشرعون أيضا من افتقار الإدارة للشفافية بشأن الأسلحة المقدمة لإسرائيل، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع طريقة تقديم المساعدات لأوكرانيا، حسبما أوردت واشنطن بوست.