عادة ما تتداول جملة “الغوص في النفس البشرية” تداولا استهلاكيا، للتعبير عن جودة أعمال سينمائية أو أدبية، تحاول تناول جانب داخلي من الشخصيات، وقد تفاحش استخدام هذه الجملة، حتى اصطبغت ببُعد قيمي عند ارتباطها بعمل إبداعي، سواء كان جيدا في هذا السياق أم لا.
يسهل الحديث عن أي فيلم وإلصاقه بكلمات توحي بعمق التناول الداخلي، لكن الأفلام التي تنطبق عليها هذه الرؤية قليلة، ولعل أهمّها ضمن أفلام السنة الماضية، فيلم “تشريح سقوط” (Anatomy of Fall)، وقد قامت ببطولته المُمثلة الألمانية “ساندرا هولر”، وأخرجته الفرنسية “جوستين ترييت”، وفاز بالسعفة الذهبية في مهرجان كان.
يغوص الفيلم عميقا في نظريات البراءة والإدانة بين الفريقين المتصارعين في ساحة القضاء، وينبش أسرار المنزل ليكشف ما خفي من علاقة الزوجين، في سبيل الوصول إلى حقيقة ما حدث، وكأن المحكمة ليست إلا مكانا لكشف أوراق اللعبة الزوجية.
جثة الأب الجريح.. حادثة تجر المُشاهد إلى عمق التحقيقات
ينطلق فيلم “تشريح سقوط” من فكرة عمومية منوطة بعلاقتنا مع “العدالة” بوصفها فكرة حاكمة، وهي أننا عندما نريد تحقيق العدالة على نحو كامل، فلا يكفينا أن نعرف الضحية والجاني، بل إن تحقق العدالة يتجلى عند معرفة ماهية كل منهما.
يتأرجح المُشاهد في الفيلم أمام تناول تبعات وتداعيات الحادثة، ما بين متفرج آمن، ومشارك قلِق في تتابعات الأسئلة المطروحة بكثافة وبطء، كأنها تنزلق على الجليد المحيط بمنزل العائلة، ولا تتمثّل في صور ثابتة وواضحة قط.
يعثر على “صامويل” ميتا أمام البيت، فيتفاجأ به ابنه ميتا وبه جرح عميق في جمجمته، يحيط به أثر من الدماء، ويبدأ الفيلم في أسئلة مبدئية كثيرة، هل سقط “صامويل” أم دُفع؟ هل ضُرب على رأسه عمدا أم جاءت الضربة نتيجة لسقوطه على حافة السقيفة بالأسفل؟ والسؤال الأهم، هل مات منتحرا أم بيد زوجته “ساندرا”، وهي الوحيدة التي كانت معه في نفس البيت خلال وقت الحادثة؟
يعيش “صامويل” و”ساندرا” في منزلهما مع ابنهما “دانيال” (يلعب دوره بمهارة استثنائية ميلو ماتشادو) البالغ من العمر 11 عاما، وقد بدأ يفقد بصره تدريجيا منذ إصابته وهو ابن 4 سنوات في حادثة مع والده.
تبدو حياة العائلة محاطة بمكان ثلجي هادئ خارجيا، لكنه يتصدع من الداخل عبر الزمن الفيلمي، من صورة عائلة بسيطة إلى فيلم يراوغ ضرورة التصنيف السينمائي، فالمساحة بين المُشاهد والفيلم قائمة على التوريط، إذ أن المتفرج مع الوقت يصبح محققا بديلا، يتابع كل حوار، ويبحث عن أي فراغات تجيب على تتابع الأسئلة، ويختبر الأدلة وكأنه يجلس في قلب الحدث.
مصرع “صامويل”.. نهاية الغائب الحاضر على امتداد القصة
في مفتتح الفيلم، نرى “ساندرا تتحدث عن رواياتها مع إحدى الطالبات، ثم نسمع من الطابق الثاني في البيت موسيقى أغنية (Pimp) التي يشاع أنها كارهة للنساء، فيمنعهما صوت الموسيقى من إكمال الحوار، وقد كان مشوبا بأريحية مبطنة بالغموض من قِبل الكاتبة، وطبيعة كلامها به شيء من الإغراء.
يقدم هذا المشهد الافتتاحي البسيط أسئلة وتكهنات، تستمر حتى آخر الفيلم، مع أن الزمن الفيلمي لا يترك فراغا حكائيا، ويحتفظ لكل شخصية بآليات النظر إليها بحضور كامل. عندما يذهب الابن “دانيال” ليتمشى مع كلبه “سنوب”، ويعود ليجد والده صريعا بجرح في الرأس، يصرخ وينادي والدته، والموسيقى ما زالت تملأ المنزل، ومع ذلك تظهر “ساندرا” وهي تجري تجاه ابنها وجثة زوجها.
ومع أن “صامويل” لم يظهر في الفيلم إلا بمشهد واحد طويل متعلق بشجار مسجل بينه وبين “ساندرا”، فإنه يفرض حضوره مبكرا من غير أن يظهر، فيجعلنا نتساءل حوله، لأن حكايته لم تنتهِ بموته، بل بدأ اكتشافها، فهي تجعلنا نرى الشخصيات المحيطة به على نحو أقرب من شكلها الخارجي الموحي بالتظاهر.
“أن تتظاهر بأنها لم ترتكب جريمة”
تراوغ “ساندرا” كل الآليات التي تجعلنا نثق ببراءتها، ومع ذلك تحفظ لها المدلولات المادية براءتها من قتل زوجها. وقد قدّمت الممثلة “ساندرا هولر” شخصية تنزلق عن أي انطباع نهائي، وتوحي بغموض مُقبض، يجعل احتمالات موقفها ممتدة عابرة لليقين، لأنها تنتقل بين التوتر والثقة الهادئة، بين الهدوء الغامض والانفعال التلقائي الذي يدافع به البشر عن أنفسهم.
ولكي تظل “ساندرا” في دائرة الشك ونثر القلق، فإن علاقتها بابنها تسير على نفس النحو، ويصبح “دانيال” الصغير كأنه انعكاس لهذا الشك والعجز عن اليقين، فينزوي بنفسه ويصمت، ويقع بين رفض إدانة والدته، والخوف من حقيقة إدانتها، يتشجع معارضا قرار القاضية في حضور بقية الجلسات، ويصر على معرفة حقيقة الأمر بنفسه، ربما يستطيع تجاوزه لاحقا.
تنزلق “ساندرا” دائما أمام محاولات الفيلم وضعها في إطار قرار نهائي، فمن مشهد إلى آخر، تتأرجح الرغبة في الدعم والإدانة، وهذا أساس في الحكي تعمدته المخرجة. تقول الممثلة “هولر” في حوار لها عن الفيلم، إنها سألت المخرجة “جوستين ترييت” هل قتلت هذه الشخصية حقا؟ فقالت إنها لا تعلم، والأفضل لها “أن تتظاهر بأنها لم ترتكب جريمة”.
يمتد فضاء الرمادي والمراوغة، ليس على أسلوب الشخصيات فقط، بل على تكوينها الوجودي والثقافي، فـ”ساندرا” ألمانية وزوجها فرنسي، وقد انتقلا من لندن إلى فرنسا لترميم حياتهما بعيدا عن الصخب، وهما يتحدثان الإنجليزية في المنزل لغةً وسيطة.
استدعاء أيام الحب.. فيض المشاعر التي تثبت البراءة
على مستوى العلاقة بين الزوجين، هناك إشارات كثيرة بدت صادقة وقائمة على فقد حقيقي، وقد ظهرت في بعض أحاديث “ساندرا” عن زوجها، سواء في إطار رسمي بالمحكمة، أو مع محاميها، حيث يحق لها تركيب خطاب مفتعل يبرئها.
ومع هذه الحرية تستدعي “ساندرا” جانبا حميميا من علاقتها بـ”صامويل”، بدءا من تأثيره الجميل على حياتها حين التقيا، وعلاقتهما التي قامت على تفاهم كبير، وتحفيز فكري بحكم المشترك المهني والإبداعي. حتى في دفاعها عن نفسها في المحكمة، كانت “ساندرا” تستدعي علاقتهما، فتظهر أنها تحمل مشاعر تثبت براءتها.
هذه الشكوك والتحفظات التي تحيط بالفيلم هي آليات تثقله، وتجعل ديمومة الشك مدلولا لجودة الفيلم، لأننا نتعاطى مع شخصيات تفرض نفسها بوضوح، عبر التناقضات والضعف والكذب أحيانا، وكلها أفعال تندرج ضمن ما هو بشري وناقص ومحير.
وتنسلخ الشخصيات من سياقها الفيلمي، لتصبح تهديدا لما نحمله ذاتيا من ضعف ومن قدرة على الخطأ باستحقاق، لذلك يصبح ربط تطورات الحكاية ببعضها محفوفا بمسار الشك دائما، والتنقل بين الرغبة في تبرئة “ساندرا”، وبين إعطاء “صامويل” حقه الأخير؛ أن يحظى بميتة معروف سببها.
المحكمة في السينما.. ساحة الصراع ومنطلق الأحداث
تمثل المحكمة في السينما فضاء مثاليا لخلق صراع واقعي، فيتصور المُشاهد من تلقاء نفسه أن هذا الفضاء مكان لصراع ما، ينتج عنه تبرئة طرف وإدانة آخر، وحتى على مستوى الشخصيات، فإن أطراف المحكمة يمثلون منفردين أقطابا درامية مستقلة، وقد حظيت المحكمة بحضور كبير في تاريخ السينما، واشتركت في أنواع فيلمية متعددة، منها أفلام التجسس وأفلام المشهد الواحد، لتثري وتثقل الأسئلة البشرية في سياق يحفل بصراع وحركة ملفتة.
لدى حضور المحكمة أسبقية على التوظيف الفيلمي، فنرى مثلا في فيلم “محاكمة شيكاغو 7” (The Trial of Chicago 7) سُلطة للمحكمة -بوصفها المكاني- على طبيعة الصراع المنقول عن حدث تاريخي في الولايات المتحدة، خلال مناهضة الحرب على فيتنام.
يبدأ الفيلم بتتابعات مشهدية سريعة، لموضعة أطراف الخلاف السياسي والإنساني، لكن فضاء المحكمة حين يحضر، يصبح مركزا تنطلق منه الأحداث، ثم تبدو المشاهد الخارجية تكميلية للانطباعات التي تؤخذ من مواقع الشخصيات داخل المحكمة. هذه الحالة تجعل الجلسات القضائية الطويلة فضاء للتعريف السطحي والمشروع في حالة فيلم يتعمد الارتكاز على مرجعية تاريخية.
أما فيلم “تشريح سقوط”، ففيه تغيّر في صورة المحكمة التي اعتادت الأفلام نقلها، على مستوى مفردات النزاع القضائي وسيره على الأقل، وقد التزمت المخرجة بهذه التمثيلات الخارجية، ووضعت بعدا واقعيا مستمدا من تجربة مشاهدة محاكمات عدة أثناء التحضير للفيلم، ثم أزاحت فضاء النزاع القضائي ليكون طوعا لضرورة كشف الشخصيات، والتركيز على ما يطرأ عليها من تغيرات، حين توضع في سياق يجعل لكل كلمة احتمال براءة، واحتمال سجن.
مشاهد المحاكمة.. صراع البراءة والإدانة ونبش التفاصيل
تنقسم مادة الحكاية في مشاهد المحكمة الطويلة التي شغلت ثلثي الفيلم إلى نقيضين، أحدهما لتبرئة “ساندرا” والثاني لإدانتها وإثبات تهمة قتلها “صامويل”، وتحتفظ كل شخصية في كلا الاتجاهين بحضور شخصي يضيف شيئا، لنعرف أكثر عن حياة الزوجين وخبايا علاقتهما.
لا تنحصر كل جملة لأحدهم بالمحكمة في إطار التغذية الحكائية أو لموضعة بصرية ذات مغزى، فطبيب “صامويل” النفسي لديه ما يجادل من أجله، لأنه يتبنى موقفا رافضا فرضية انتحار مريضه، وهو مضطر للدفاع عن نزاهته المهنية، أو ربما لا يتحمل عبء أن أحد مرضاه أقدم على الانتحار.
وعلى الجهة الأخرى، يتجاوز محامي “ساندرا” أكثر من ضرورة مهنية وأخلاقية، لأن علاقتهما بها عطب الحب من طرف المحامي فقط، ومع أنه يجزم بتصديقها في قولها إنها لم تقتل زوجها، فإن رده يأتي متأخرا ناتجا عن قلق وشك، لكنه في كل الأحوال يدافع عنها بذكاء وإصرار، خلال الجلسات القضائية.
مثلت المحكمة فضاء واسعا، يتيح العودة لكل تفصيلة في هذا البيت، وتشريح الحوادث الجانبية والأساسية بنفس درجة الأهمية، مع ضرورة أن تدور الجلسات في إطار حر، يتيح للصراعات اللفظية أن تخرج عن نُظم المحاكم.
نرى المدعي العام (مثّله أنتوان رينارتز بحدّة ومهنية مُدهشة) وهو يستجوب “ساندرا” والشهود بأسلوب حاد يدفعنا إلى كُرهه، مع أنه يستند لموقف ينطلق من دلائل وحقائق ومُحفزّات شك قانونية. في أكثر من مشهد تحتدم ردود محامي الدفاع ضد المدعي العام بشكل يجعلنا نتساءل أين قاضية المحكمة؟ ثم تجعلنا هذه المشاهد نتجاوز حاكمية فضاء النزاع القضائي قليلا، وننغمس في مشاهد نزاع طرفين، بينهما فضاء واسع من الأسئلة والفراغات التي نحتاج بشكل ضروري إلى البحث عن إجاباتها المُحتملة.
استجواب “دانيال”.. قسوة ضرورية ونزعة إخراجية متطرفة
تدفع المخرجة “جوستين ترييت” فيلمها بعيدا عن التعاطف، وتضعه في مساحة قسوة ضرورية، لا سيما حين يصر الصغير “دانيال” على حضور الجلسات، يستمع إلى احتمالات إدانتها وتمثيلات الجريمة التي تدينها، والجانب الآخر يوضح تمثيلات الانتحار.
في الحالتين، هناك طفل لم يتجاوز 11 عاما، يقف على حقيقة موت والده منتحرا أو مقتولا بيد والدته. وبشيء من التطرف، تتعمد المخرجة وضع “دانيال” في إطار مادة، يمكنها كشف أي جديد وسط هذا الرماد الكبير، ونرى المدعي العام يستجوبه بقسوة، ويلح عليه لإجابة بعض الأسئلة، ويشكك في ذاكرته، ويحاول النبش في خفايا كلامه، لإفساد ما يذكره من شهادات لصالح والدته.
في المحكمة، تُستبدل قسوة القضاء المحتكم إلى الدليل والمنطق بقسوة أشد تأثيرا، وهي الصراع القائم على حراك قضائي وبحث جنائي ومساهمات مختلفة من أكثر من طرف، تندفع وتدفع المُشاهد معها تجاه شيء واحد؛ أن تُعرّف هذه الشخصيات وما يجمعها من علاقات مُركّبة، في إطار يقوم على استيعاب هذا المدى الواسع من التناقضات.
حياد الفيلم.. علامات استفهام تتجاوز أزمة الإدانة والبراءة
يعتمد “تشريح سقوط” على الحوار وثبوتية المكان، ويتخذهما أدوات أولية لتثبيت لغة فيلمية تنطلق من جودة السيناريو، ومع ذلك فإنه لم يتجاهل الضرورة البصرية المقدمة في إطار تقليلي، يقوم على وفرة المشاهد الطويلة، فالكاميرا لا تنتقل إلا لضرورة تكشف شيئا ما يُحاول أحدهم مُداراته، أو في إطار مقاربة المادة المحكية في مشاهد المحكمة مع خيال “دانيال”، وقد حدث ذلك في إطار ذروات قليلة، منها تخيّل أحد التفسيرات التي تفترض موت “صامويل” قتيلا لا منتحرا.
يعيدنا الفيلم إلى نوع سينمائي صلب، يستعينُ بالتركيب والتجريد ويتخذهما أسسا لقراءة شخصيات خارج النمط، ويحفظ للصورة دورها الكاشف عبر الكثافة والحركة المحدودة، وهذه الآليات تضع المادة الفيلمية في إطار حرج، لأنها تتحرك في مسار كشف، وإن لم يُقدم بجودة عالية انكشفت محدودية التناول بوضوح.
لذلك يتجاوز الفيلم دواخل أزمة الإدانة والبراءة، بل يتجاوز حدود تعريفات شخصياته، ويجعلها مفتوحة على علاقتنا مع ذواتنا، ومدى تركيبها حين تُشارك الآخر علاقة عاطفية، فنرى الوجه الآخر لتمثيلات الحب والتفاهم وتنميط مثالية هذه العلاقات، وتتمثّل فكرة الوقوف على الحياد بين احتمالات كثيرة، فما نسمعُه داخل الفيلم كثير، لكننا لا نراه، وما نراه عُرضة لإساءة الفهم، إضافة إلى العجز عن تذكّره بوضوح، لأن كثيرا من استحضار الذاكرة قائم على التخمين، ولذلك فحين يُحتكم إليه، يظل شعور التخوف سيد الانطباعات.
دواخل البشر.. أحجية عصية على الفهم المطلق
خلال الحكم لصالح “ساندرا” وتبرئتها، يُعرض الخبر في تغطية إعلامية، وكأن حضور المحكمة كان غرضه وضع “ساندرا” وعلاقتها مع “صامويل” في إطار مكشوف، تجعلنا نحاول قراءتها جدليا، وتقبّل الانتهاء بمزيد من الأسئلة، بدلا من وضع رؤية تجيب على الأسئلة الأخرى المنثورة منذ مطلع الفيلم، لأننا حين نتعاطى مع مساحة بشرية على نحو جوّاني، فإن إطلاق القدرة على فهم كامل، يُشكّل فخا يجب على الفيلم تجنّبه.
في النهاية، لا يمثل عبور “ساندرا” لهذه الأزمة انتصارا، سواء لها أو لموضعها في الحكاية، لأنه عبور كانت ضريبته تجاوز خصوصية علاقتها مع “صامويل”، وفي سبيل دفاعها عن نفسها اضطرت للحديث عن عطب علاقتها بزوجها الراحل، وعن مشكلاته النفسية والجنسية، وعن الخيانة، وعن عدم كفاءته الإبداعية لإتمام أفكاره الروائية.
لم ينتهِ “تشريح سقوط” بالخسارة لأحد أو الربح لآخر، وربما تكون هذه من جمالياته، أن تتوقف الغاية في الفيلم عند بُعد أساسي، وهو تشكل رؤى متعددة لفهم دوافع وأسباب ما تقدم عليه الشخصيات من غايات وأهداف، وما تدفعه عن نفسها بالمراوغة أو الوضوح، لننتهي أمام نماذج تعكس حيرتها علينا، نتعاطف معها أحيانا، نتخوف منها خوفا رطبا ويابسا أحيانا أخرى، وننتهي خلال اشتباكنا العاطفي معها عند حقيقة مُدهشة ومُخيّبة، ألا وهي أن دواخل البشر أحيانا ما تكون عصية على الفهم التام.