تضاربت آراء ضيفَي برنامج “ما وراء الخبر” في قراءتهما لخلفية وتداعيات أول ظهور لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) ودعوته إلى تغيير قيادة الجيش السوداني، وفي تحليلهما للعقبات التي قادت إلى توقف مفاوضات جدة.
فقد شكّك الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عادل الباز في مقطع الفيديو الذي ظهر فيه حميدتي، وقال إن هناك جدلا بشأن تاريخ تسجيله، واصفا خطاب من أسماهم بالمتمردين بالمربك، وبأنه لم يقدم جديدا.
وفي المقابل، رأى الكاتب والمحلل السياسي، حافظ كبير أن ظهور حميدتي يهدف لفرض المزيد من الضغط على القيادة الحالية في الجيش السوداني، وتخييرها بين الذهاب إلى طاولة التفاوض أو الاستسلام، مؤكدا أن قائد قوات الدعم السريع سجل نقاطا كثيرة بظهوره، منها أنه أثبت قدرته على اتخاذ القرار، بالضغط على القيادات العسكرية أو إعطاء قيادات أخرى الفرصة للتحرك من أجل إجبار قيادة الجيش على التنحي، كما قال.
وبشأن الانعكاسات المحتملة لتصريحات حميدتي بشأن المفاوضات على مستقبل الحل السياسي في السودان، وخاصة في ظل المفاوضات المتعثرة في جدة السعودية، اتهم كبير -في حديثه لحلقة (2023/7/28) من برنامج “ما وراء الخبر”- الجيش بعدم الجدية وعدم الرغبة في التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، مبرزا أن بعض النقاط تم تجاوزها في الجولة الأولى من مفاوضات جدة مثل الانسحاب من المستشفيات وحماية المدنيين، وأن هناك لجنة تشرف على هذا الأمر، ولكن انسحاب قوات الدعم مثلا من قاعدة عسكرية في منطقة معينة يحتاج إلى توقيع اتفاق بين الطرفين.
ومن وجهة نظر المحلل السياسي الباز، فهناك خارطة طريق لحل الأزمة باتت واضحة ووقع عليها من أسماهم المتمردين، أي قوات الدعم السريع، وتقضي بإخلاء منازل المواطنين والدور الحكومية والمستشفيات، بالإضافة إلى وقف ما وصفها الضيف بالانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها هذه القوات، ولكن المشكل أن الدعم السريع لم ينفذ ما اتفق عليه ويريد الآن وقف الحرب.
واستبعد حصول اتفاق سياسي أو عسكري دون خروج قوات الدعم السريع من البيوت والمستشفيات والتوقف عن قصف المواطنين، كما قال المحلل السياسي السوداني.
وكانت القوات المسلحة السودانية أكدت رغبتها في التوصل إلى اتفاق فاعل وعادل يوقف ما سمته “العدائيات” ويمهد لمناقشة قضايا ما بعد الحرب، وأشار بيان صادر عن مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة إلى أن وفد التفاوض عاد إلى السودان أول أمس الأربعاء للتشاور، مع الاستعداد لمواصلة المباحثات “متى تم استئنافها بعد تذليل المعوقات”.
في حين قالت قوات الدعم السريع إن وفدها ما زال موجودا في مدينة جدة، وإن تمسكها بهذا المنبر هو تعبير صادق عن التزامها بتعهداتها أمام الوساطة السعودية الأميركية، وفق تعبيرها.
فاغنر والسودان
وفي معطى آخر، رأى مراقبون أنه قد يزيد من تعقيد الأزمة السودانية، أعرب روبرت وود نائب المندوبة الأميركية في مجلس الأمن الدولي، عن قلقه بشكل متزايد من التقارير التي تفيد بأن مجموعة فاغنر الروسية قد نقلت أنظمة الدفاع الجوي المحمولة “مانباد” إلى السودان عبر جمهورية أفريقيا الوسطى.
وتعليقا على هذا الخبر، قال المحلل السياسي الباز إن موضوع فاغنر له علاقة بمصالح اقتصادية تتعلق بالتنقيب عن الذهب في أفريقيا الوسطى، لكنه أشار إلى دول مثل الولايات المتحدة الأميركية لها مصالح وأجندات وتريد تمكين تيار علماني لتحقيق هذه المصالح.
وأضاف في نفس السياق أن الجهات الخارجية التي تتحدث عن مبادرات السلام والحل مثل الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) لم تصف ما حدث في السودان بأنه “تمرد” قامت به “مليشيا متمردة”، في حين وصف العالم ما حدث في النيجر بأنه “انقلاب”، في إشارة منه إلى عزل الرئيس محمد بازوم من منصبه.
أما المحلل السياسي كبير فأكد في تعليقه على موضوع فاغنر أن هذا الخبر لم يتأكد حتى الآن، لكنه أشار إلى أن من يحتاج أسلحة أنظمة الدفاع هو الجيش والقيادات التي تريد استمرار الحرب، حسب تعبيره، وليس قوات الدعم السريع التي قال إنها لا تحتاج إلى تلك الأسلحة.