ينتظر مجلس العموم البريطاني، اليوم الأربعاء 21 فبراير/شباط 2024، مثول وزير الدفاع غرانت شابس لإطلاع النواب على ملابسات حادث فشل إطلاق صاروخ “ترايدنت” الذي تحطم في المحيط الأطلسي مؤخرا أثناء تدريبات عسكرية.
وكان صاروخ “ترايدنت” الباليستي أميركي الصنع تحطم في المحيط الأطلسي عقب إطلاقه من الغواصة النووية البريطانية “إتش إم إس فانغارد” خلال المناورات التي جرت في 30 يناير/كانون الثاني 2024 قبالة الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
وبدلا من التحليق لآلاف الأميال قبل السقوط في جنوب المحيط الأطلسي، تحطم الصاروخ القادر على حمل رؤوس نووية في البحر بالقرب من موقع الإطلاق، حيث كان وزير الدفاع شابس على متن السفينة أثناء الاختبار مع قائد القوات البحرية الملكية الأدميرال السير بن كي.
ويطلق نظام الردع “ترايدنت” المتمركز على الغواصات، صواريخ باليستية بعيدة المدى لم يتم اختبارها بنجاح منذ فترة.
وبحسب صحيفة “ذا صن” البريطانية، “تم إطلاق صاروخ (ترايدنت 2) في الهواء بواسطة الغاز المضغوط في أنبوب الإطلاق، لكن معززاته في المرحلة الأولى لم تشتعل وسقط الصاروخ الذي يبلغ وزنه 58 طنا والمزود برؤوس حربية وهمية في المحيط وغرق”.
وكانت السفينة “إتش إم إس فانغارد” تحت السطح، وكانت تحوم على عمق الإطلاق، لكنها لم تصب بالصاروخ الذي يبلغ طوله قرابة 14 مترا أثناء سقوطه مرة أخرى في المحيط الأطلسي.
وكان من المقرر أن يطير الصاروخ نحو 6 آلاف كيلومتر من ساحل فلوريدا إلى نقطة الاصطدام في وسط المحيط الأطلسي بين البرازيل وغرب أفريقيا، لكنه فشل وسقط.
على الفور، فتح تحقيق لمعرفة الخطأ الذي حدث وأمر بالبحث لاستعادة تكنولوجيا الصواريخ السرية للغاية من قاع البحر في “بورت كانافيرال” بفلوريدا.
ويعد هذا هو الإطلاق الفاشل الثاني على التوالي بعد خطأ وقع في يونيو/حزيران 2016، عندما انحرف صاروخ “ترايدنت 2” الذي تم إطلاقه من سفينة “إتش إم إس فانغارد” عن مساره ودمر نفسه.
وقتها، اتهمت حكومة رئيسة الوزراء البريطانية السابقة تيريزا ماي بالتستر على عملية الإطلاق الفاشلة، حيث كان من المقرر أن يصوت البرلمان على تجديد الردع النووي للمملكة المتحدة.
وكان الهدف في التجربة الأخيرة أقرب بمقدار نحو 1610 كيلومترات من هدف الإطلاق الفاشل في عام 2016، وأقل من نصف المدى المعلن لصاروخ “ترايدنت 2”.
وتعد عمليات الإطلاق البريطانية نادرة، لأن تكلفة إطلاق كل صاروخ تتجاوز 17 مليون جنيه إسترليني.
ورغم ما حدث يؤكد المسؤولون أن “ترايدنت 2” لا يزال أحد أنظمة الأسلحة الأكثر موثوقية في العالم، حيث أكمل بنجاح أكثر من 190 اختبارا شملت المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وأيد النواب بأغلبية ساحقة خطة لإنفاق 40 مليار جنيه إسترليني على “تحديث أنظمة الردع النووي”، وهذا يعني أنه من المقرر استبدال الأسطول القديم من غواصات “فانغارد” بخلفاء من فئة “دريدنوث” في ثلاثينيات القرن الحالي.
صواريخ “ترايدنت 2” الباليستية
تم تصميم صواريخ “ترايدنت 2” للانطلاق إلى حافة الفضاء، حيث تصل سرعتها 21 ألف كيلومتر في الساعة، قبل العودة إلى الغلاف الجوي للأرض بحمولة مدمرة تصل إلى 12 رأسا حربيا نوويا.
A senior German minister has suggested that the UK and France could play a larger role in Europe’s nuclear shield if Donald Trump wins this year’s US presidential election. https://t.co/2q8eZMpAKg
— euronews (@euronews) February 15, 2024
ودخل هذا النوع من الصواريخ الخدمة لأول مرة مع البحرية الأميركية قبل 34 عاما، قبل أن تدخله البحرية الملكية البريطانية بعدها بـ4 سنوات.
ورغم حوادث الإطلاق الفاشلة، تصر شركة “لوكهيد مارتن”، صانعة الصاروخ، على أن صواريخ “ترايدنت 2” تظل “الصواريخ الباليستية الأكثر تقدما في العالم”.
وقالت إنها تم اختبار إطلاقها بنجاح “رقم قياسي” 191 مرة منذ عام 1989، كان آخرها في سبتمبر/أيلول الماضي عندما أجرت الغواصة “يو إس إس لويزيانا” التي تعمل بالطاقة النووية عرضا في المحيط الهادي.
وتحتفظ بريطانيا برادع نووي منذ عام 1967، حيث تقوم واحدة من 4 غواصات مسلحة نوويا بدوريات في جميع الأوقات.
وأطلقت المملكة المتحدة 12 صاروخا من طراز “ترايدنت 2” منذ أن دخلت الأسلحة الخدمة مع البحرية الملكية في عام 1994، لكن الصاروخين الأخيرين فشلا.
غواصات “فانغارد”.. “الرادع النووي” للمملكة المتحدة
وتملك المملكة المتحدة 4 من غواصات “فانغارد”، كل واحد منها مسلح بصواريخ “ترايدنت 2 دي 5” النووية، وهي من أقوى الصواريخ النووية التي يمكن إطلاقها من البحر، وتعتبرها المملكة المتحدة “الرادع النووي” الذي تملكه والقادر على حمايتها من أي تهديد عسكري.
ويمكن إطلاق هذه الصواريخ على أهداف تبعد أكثر من 6 آلاف كيلومتر، وتصل سرعتها إلى أكثر من 21 ألف كيلومتر في الساعة، وتحمل هذه الغواصات 40 رأسا نوويا، وحوالي 8 صواريخ لتشغيل الرؤوس النووية.
يتوفر في غواصات “فانغارد” جهاز استشعار عالمي، يوصف بأنه “أذن البحرية البريطانية في المحيطات”، بالنظر لكونه نظاما فائق الحساسية وقادرا على سماع السفن على بعد أكثر من 80 كيلومترا.
ويتم تزويد هذه الغواصات بطوربيدات “سبيرفيش”، وهو طوربيد وزنه يفوق الطن وقادر على تفجير الغواصات والسفن الكبيرة الحجم، ويمكن أن يصل لهدف على بعد 22 كيلومترا، وعند السرعة المنخفضة يزيد إلى 48 كيلومترا.
المصدر : الجزيرة + الصحافة البريطانية + مواقع إلكترونية