مراسلو الجزيرة نت
جاكرتا- بعد مناشدات عديدة، وافقت السلطات وكذلك السكان المحليون في محافظة آتشيه الجنوبية -جنوب شرقي إقليم آتشيه– على نزول نحو 139 لاجئا روهينغيا من قاربهم بعد أن ظلوا قرابة 10 أيام على متنه، وهم على بعد بضعة أميال بحرية من الساحل ينتظرون الموافقة على الرسو في أحد موانئ الإقليم ودخوله.
وكان 4 منهم قد توفوا في الأيام الأخيرة، كما أن 8 آخرين كانوا قد نقلوا قبل غيرهم إلى مستشفى محلي لتلقي العلاج من وعثاء سفر طويل، فهم القادمون بحرا من سواحل جنوب شرقي بنغلاديش.
وكانوا قد انطلقوا مبحرين من خليج البنغال عبر بحر أندامان، ثم المحيط الهندي، ثم نحو الجهة الغربية لجزيرة سومطرة، حتى وصلوا إلى سواحل جنوب شرقي إقليم آتشيه.
قبول مشروط
لكن قبول السلطات دخول لاجئي أول قارب يصل إلى آتشيه منذ وصول آخر قارب قبل 7 أشهر كان مشروطا بالبقاء في محافظة آتشيه الجنوبية لمدة أسبوع فقط، حسب ما أكده رئيس الصيادين في المحافظة محمد جبل للصحفيين المحليين.
وأضاف محمد جبل أن إيواءهم سيكون مؤقتا في محطة حافلات ملحقة بميناء لابوهان حاجي، وأن السكان المحليين اشترطوا ألا يظلوا هناك أكثر من أسبوع إنقاذا لحياتهم، أي حتى الأول من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في انتظار تأمين مكان لجوء آخر لهم.
وستقوم الشرطة الإندونيسية في المحافظة بتأمين مكان إيواء اللاجئين الروهينغا، لتفادي ظهور أي إشكال أو خلاف بهذا الخصوص، حسب المتحدث باسم الشرطة في إقليم آتشيه جوكو كريتسيانتو، بينما يستمر البحث الجنائي في الشرطة الإندونيسية بمتابعة ما تصفه بشبكة تهريب البشر التي أتت بهم وملاحقتها جنائيا، حسب تصريحات سابقة للشرطة المحلية.
وجهة لوكسيماوي
تم إجلاء اللاجئين الروهينغيين من قاربهم بإشراف هيئة البحث والإنقاذ الوطنية الإندونيسية المعنية بالإنقاذ والكوارث، بعد تدوين بياناتهم وإجراء فحوص طبية أساسية لهم. وتم ذلك بالتنسيق مع الحكومة المحلية للمحافظة، ومفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة، وذلك لتسهيل التنسيق الرسمي مع الجهات الحكومية المعنية المحلية والمركزية بشأن تأمين مكان آخر لإيوائهم مع مطلع الشهر المقبل.
وقال مدير مكتب وزارة العدل الإندونيسية في آتشيه، موراه بوديمان، إن هذه المجموعة من اللاجئين سينقلون من محافظة آتشيه الجنوبية نحو مدينة لوكسيماوي على الساحل الشرقي لإقليم آتشيه أيضا، حيث تم إيواء مجموعات وصلت سابقا من اللاجئين الروهينغا، مشيرا في هذا الخصوص إلى الواجب الإنساني الذي يجعل من الضروري إنقاذ أرواح اللاجئين الروهينغا، وفقا لقرار رئاسي صدر عام 2016 يخص التعامل مع اللاجئين الأجانب.
وأضاف أنه تم التنسيق مع القائم بأعمال والي المدينة، حيث يجري العمل على توفير أرض مساحتها 5 هكتارات للاجئين الروهينغا، وستسهم مفوضية اللاجئين الأممية في توفير ما يحتاجونه ابتداء من خيم الإيواء ومستلزمات المعيشة اليومية.
قارب آخر
في هذه الأثناء، قال مسؤول في بلدية ساحل لابو بإقليم سومطرة الشمالية -شمال شرقي جزيرة سومطرة- إن 146 لاجئا روهينغيا قد وصلوا إلى ساحل لابو، التابع لمحافظة ديلي سيردانغ، عند الخامسة صباحا من فجر اليوم الخميس، على متن قارب خشبي، ومن بينهم 64 رجلا و62 امرأة و20 طفلا.
وقال المسؤول في حديثه لصحفيين محليين إن المسؤولين المحليين يجرون اتصالاتهم وتنسيقهم للتعامل مع هذه المجموعة الجديدة من اللاجئين الروهينغا، الذين تم إيواؤهم مؤقتا في مبنى لبلدية ساحل لابو، ولم يصل قارب للروهينغا إلى إقليم سومطرة الشمالية منذ سنوات طويلة، فمعظم القوارب تصل في الغالب إلى إقليم آتشيه الأقرب إلى المحيط الهندي بالنسبة للمبحرين من الشمال الغربي كاللاجئين الروهينغا.
ويتوقع رفيع القدير، أحد ناشطي اللاجئين الروهينغا في إندونيسيا، في حديثه للجزيرة نت، أن يصل مزيد من اللاجئين الروهينغا إلى السواحل الإندونيسية خلال الأسابيع أو الشهور المقبلة، وأن كثيرا من الأسر الروهينغية تخاطر بأرواحها هربا من الواقع الصعب في ميانمار ومخيمات بنغلاديش.
ورحب الناشط ذاته بقرار نقل اللاجئين إلى مدينة لوكسيماوي، وأن ذلك من منطلق إنساني يستحق التقدير للجهات الرسمية ولكل طرف سعى في إيوائهم بعد أيام من بقائهم في المياه الإندونيسية، خاصة أن آتشيه ذات تاريخ طويل في إيواء اللاجئين القادمين إليها بحرا، حسب وصفه.
وأضاف رفيع القدير أن القضية الروهينغية صارت أكثر تعقيدا في الفترة الأخيرة بدخول عوامل وتحديات مختلفة، من بينها تهريب البشر، والحاجة إلى توفير إمكانات ودعم مالي ولوجستي لإيواء ورعاية اللاجئين الروهينغا كلما جاءت دفعة جديدة منهم.
وسجل تقديره للجهود الإنسانية والإغاثية التي تبذلها جهات حكومية وغير حكومية ومنظمات دولية وأممية مختلفة في هذا الشأن، بل تأتي التبرعات من عامة الناس ومن جمعيات محلية عديدة، مثمّنًا في هذا الخصوص قرار تخصيص أرض للاجئين الروهينغا من قبل والي مدينة لوكسيماوي، إذ اعتبر ذلك تأكيدا للتعاطف والتضامن من شعب آتشيه ومسؤوليه، رغم كل التحديات والإشكالات التي تحيط بهذا الملف.
وتسعى السلطات الإندونيسية، إلى جانب التعامل الإنساني مع قضية الروهينغا، إلى تفكيك أي شبكات متورطة في تهريب البشر ممن تبحر باللاجئين الروهينغا من جنوب شرقي بنغلاديش إلى إندونيسيا، فقد ألقت الشرطة القبض على 3 أشخاص يشتبه بأنهم على علاقة بالقارب الأخير الذي وصل إلى ساحل لابو، وربما تكشف الشرطة بالتحقيق معهم خيطا للقبض على آخرين.