أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن اكتشاف مثير للقلق يتعلق بسجون الاحتلال الإسرائيلي، إذ كشف عن دعوة الجيش الإسرائيلي لمجموعات من المدنيين الإسرائيليين لحضور جلسات التحقيق مع الأسرى الفلسطينيين لمشاهدة وتوثيق جرائم التعذيب التي يتعرضون لها.
وتلقى المرصد الأورومتوسطي شهادات صادمة من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين تم إطلاق سراحهم مؤخرا، إذ أكدوا أن الجيش الإسرائيلي استدعى مدنيين إسرائيليين، يتراوح عددهم في المجموعة الواحدة من 10 إلى 20 شخصا، لمشاهدة عمليات التعذيب والمعاملة القاسية التي يتعرضون لها.
وأضافت الشهادات أن الأسرى تم احتجازهم في مراكز اعتقال في منطقة “زيكيم” وسجن “النقب”، حيث تعرضوا للضرب بالهراوات المعدنية وعصي الكهرباء، وصب الماء الساخن على رؤوسهم، وذلك بحضور المدنيين الإسرائيليين الذين كانوا يصورون الجرائم على هواتفهم النقالة.
ووفقا للمرصد، فإن الأسرى تم تعريتهم وتعريضهم للتعذيب بشكل علني وبمشاركة مدنيين إسرائيليين، حيث تم توجيه الضربات والشتائم لهم باللغة العربية.
وذكر الأورومتوسطي أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن هذه الممارسات غير القانونية، بتنفيذ التعذيب على مرأى من مدنيين إسرائيليين والسماح لهم بتوثيقها بهواتفهم وهم يسخرون.
شهادات مروعة
وذكر الفلسطيني عمر أبو مدللة (43 عاما)، في مقابلة مع فريق الأورومتوسطي، أنه تم اعتقاله بشكل تعسفي من قبل الحواجز الإسرائيلية المقامة بالقرب من دوار الكويت، الذي يفصل مدينة غزة عن المنطقة الوسطى، ضمن حملة اعتقالات شهدتها المنطقة.
وأوضح أبو مدللة أنه تعرض للتعذيب والتنكيل خلال فترة اعتقال دامت لحوالي 52 يوما، مشيرا إلى أن جنودا إسرائيليين قاموا بجلب مدنيين ليشاهدوا تعذيبهم عاريين.
وأشار أبو مدللة إلى أن الجنود الإسرائيليين صوروا عمليات التعذيب والتنكيل، وسخروا منهم، حيث ادعوا أنهم “مخربو حماس”، وأنهم قاموا بقتل واغتصاب أقاربهم.
وختم أبو مدللة حديثه بالتأكيد على تعرضه وزملائه لتعذيب نفسي وجسدي شديد، معتبرا حضور المدنيين الإسرائيليين وتوثيقهم للتعذيب بادعاءات كاذبة من الجنود بأنهم قتلوا واغتصبوا أقاربهم، أمرا مشينا ومخزيا.
وأدلى المواطن “ض.ح” (42 عاما) بشهادته أيضا، إذ كشف عن الأوضاع المأساوية التي تعرض لها وزملاؤه خلال فترة اعتقالهم، حيث كان يبدأ الجيش الإسرائيلي في عمليات التنكيل بحضور المدنيين.
وكان بعضهم يحضرون كلابهم للنباح على الأسرى، وكانوا يصورونهم عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها “تيك توك”.
جريمة حرب جديدة
وأعرب المرصد الأورومتوسطي عن استغرابه من تضارب مزاعم الجيش الإسرائيلي، الذي ادعى أن المعتقلين كانوا مقاتلين شاركوا في هجوم سابق، وتم الإفراج عنهم لاحقا، معتبرا أن هذه الرواية مغلوطة وغير صحيحة، وتم استخدامها للانتقام من المدنيين الفلسطينيين واعتداء على كرامتهم.
وأكد المرصد أن جرائم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية التي يمارسها الجيش الإسرائيلي تعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وحذر من إشراك المدنيين الإسرائيليين في مثل هذه الممارسات، معتبرا ذلك جريمة حرب.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على الوضع القانوني المأساوي الذي يتعرض له المعتقلون الفلسطينيون داخل قطاع غزة، حيث يخضعون للاحتجاز التعسفي دون توجيه أي تهم لهم أو عرضهم على القضاء. بالإضافة إلى تجاهل حقوقهم القانونية، ومنعهم من المحاكمة العادلة وتعرضهم للإخفاء القسري والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية.
وجدد المرصد دعوته للجنة الدولية للصليب الأحمر لتفقد مراكز وسجون احتجاز الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، والتحقيق في الانتهاكات والجرائم المروعة التي يتعرضون لها، والعمل على الكشف عن مصيرهم فورا.
وأكد المرصد أن الممارسات الإسرائيلية بحق المعتقلين الفلسطينيين تتعارض مع المواثيق والأعراف الدولية، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، التي تحظر نقل الأسرى من الأراضي المحتلة إلى مراكز الاحتجاز في أراضي الاحتلال، وتجرم الإخفاء القسري والتعذيب والاعتداء على كرامة الإنسان.
وهذه الجريمة الجديدة تضاف إلى سجل طويل من الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون على يد الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة والمناطق الفلسطينية الأخرى. ويتضمن هذا السجل الأسرى والمعتقلين الذين يتعرضون للاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، والحرمان من المحاكمة العادلة، والتعذيب والمعاملة الوحشية.